تزداد العلاقات الفرنسية -التركية توترًا غير مسبوق، ويضاف إليها ملفات جديدة تزيد من الاشتعال المتقد منذ فترة، وكان آخر هذه الملفات الساخنة بين البلدين ما قامت به فرنسا أمس الأربعاء بحلّ حركة "الذئاب الرمادية" التركية القومية، على خلفية ترويجها للكراهية وارتكاب أعمال عنف على التراب الفرنسي.
ونشر وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، نص قرار الحلّ على حسابه في موقع تويتر، مشيرا إلى أن القرار "اتخذه مجلس الوزراء بناء على تعليمات من رئيس الجمهورية، إيمانويل ماكرون، باعتبار الحركة تحرض على التمييز والكراهية وتورطت في أعمال عنف".
ويأتي هذا القرار بعد أيام قليلة من نزول نحو 250 شخص، يعتقد أن أغلبهم ينتمي لحركة الذائب الرمادية في مدينة ديسين-شاربيو قرب ليون، شرق فرنسا، للشوارع ومهاجمة مواطنين من أصول أرمنية، بسبب النزاع في إقليم ناجورني قراباخ بين أرمينيا وأذربيجان التي تدعمها تركيا، ما أدى إلى سقوط 4 جرحى، أحدهم حالته خطرة. وكذلك كتابة عبارة "الذئاب الرمادية" على نصب تكريمي لضحايا الإبادة الأرمنية والمركز الوطني للذاكرة الأرمنية.
وتضم حركة الذئاب الرمادية قوميين أتراك وتنشط في العديد من البلدان الأوروبية، خاصة في الأماكن التي تضم جاليات تركية كبيرة، وتحمل أفكاراً عنصرية تجمع بين التفوق العرقي والتطرف الديني، ويقودها داخل فرنسا أحمد جتين، المتهم قضائيا "بالتحريض على الكراهية".
وفي الوقت نفسه تعهدت أنقرة بالرد "بأشد الطرق" على قرار باريس حظر جمعية "الذئاب الرمادية"، التي وصفتها أنقرة بـ"الخيالية والمختلقة"، معتبرة أن سلطات فرنسا أصبحت "أسيرة" لدى الأوساط الأرمنية.
وقالت الخارجية التركية، في بيان لها: "إن عدم وجود الجمعية المسماة بالذئاب الرمادية التي أعلنت حظرها اليوم الحكومة الفرنسية، أمر معروف للجميع أصلا. لجوء فرنسا لمثل هذه القرارات الخيالية وافتراض وجود مثل هذا الكيان انطلاقا من تحركات وأعمال فردية لبعض الأشخاص يعد مظهرًا آخر من مظاهر التناقض النفسي لها".
وأشارت الوزارة إلى أنه من غير المقبول حظر الرموز المستخدمة في العديد من دول العالم والتي ليس لها أبعاد غير قانونية، وأضافت: "للأسف هؤلاء الذين يؤكدون استحالة تقييد حرية التعبير بأي شكل من الأشكال، يمكنهم بسهولة، عندما يمسهم الأمر، فرض قيود على حرية التعبير بالنسبة للآخرين. هذا المفهوم المنافق آخر مثال على نهج ازدواجية المعايير الذي اعتدنا عليه".
وأردفت: "الحكومة الفرنسية تسامحت مع جمعيات مرتبطة بحزب العمال الكردستاني وفيتو تنشط بشكل علني في كل أنحاء البلاد منذ سنوات، وتركت العنف حيال مصالح تركيا وجاليتها بدون عقاب بدعوى حرية التظاهر والتعبير".
وشدد البيان على "ضرورة الحفاظ على حرية التعبير والتظاهر للجالية التركية في فرنسا في سياق حقوق الإنسان والأنظمة العالمية"، وختمت بالقول: "نؤكد أننا سنرد على هذا القرار بأشد الطرق".
وقبل قليل رد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان يعلى تصريحات الخارجية التركية بأنه يرى تصريحات أردوغان "عنيفة وتتسم بالكراهية"، وتحدث عن إمكانية فرض عقوبات على تركيا.