25 - 04 - 2024

الانتخابات النيابية

الانتخابات النيابية

تجرى هذه الأيام الانتخابات البرلمانية لاختيار نواب البرلمان وذلك بعد الانتهاء من تشكيل مجلس الشيوخ ، والانتخابات بشكل عام تعتبر هى الموسم والعرس الانتخابى الذى تمارس فيه العملية السياسية ويتم فيه الاتصال السياسى بالجماهير ، كما يحدث ما يسمى بتسويق وطرح البرامج الحزبية على الجماهير من خلال الحوار السياسى المفتوح ،وذلك حتى تتاح الفرصة ويتهيأ المناخ الذى يساهم ويساعد الناخب على حسن الاختيار السياسى من بين البرامج الحزبية والبرامج الانتخابية التى تتوائم وتتوافق مع رؤية الناخب، حتى يضمن هذا الناخب أن الحزب الفائز أو المرشح الفائز أن يكون ملتزماً بهذا البرنامج الذى سيكون السبيل والطريق لحل المشاكل الجماهيرية وتلبية المطالب الشعبية والتعبير عن القضايا الرئيسية التى تمثل التحديات التى يواجهها الوطن والمشاكل المؤرقة التى يعانى منها المواطن . 

كل هذا يعنى أن البديهيات السياسية والانتخابية تقول وتؤكد أن الانتخابات والاختيار فيها يعتمد فى المقام الأول على أن يكون الحزب الذى يطرح نفسه انتخابياً يمتلك برنامجاً حزبياً يتوافق مع تطلعات جماهير الأغلبية فى حياة توفر الحد الادنى للمواطن ، كما يجب أن يكون المرشح يمتلك رؤية وموقفاً سياسياً وصاحب تجربة سياسية سابقة فى العمل العام السياسى أو الاجتماعى، حتى يكون له تواجد جماهيرى حقيقى فى الشارع. 

فهل رأينا ذلك فى هذه الانتخابات ؟ بالتأكيد لم ير المواطن ولا المراقب مثل هذه الأشياء، لماذا؟ ذلك لعدة أسباب:

- الأول : أن الحياة الحزبية حياة صورية ديكورية تعتمد على مسميات فارغة من المضمون السياسى ومفتقدة للبرنامج السياسى الذى وضع نتيجة لقراءة الواقع السياسى قراءة صحيحة ، ولذلك اصبحت كجمعيات دفن موتى ولا علاقة لها بالأحزاب ولا السياسة بل المنظرة الاجتماعية لتكملة الوجاهة المالية . 

- الثانى: أن هذه الأحزاب وبعد 25 يناير وقد أضيف لها كم من المسميات الحزبية فى هوجة غير مسبوقة ولا علاقة لها بالحياة السياسية الحقيقية ، وهنا وعندما تصل الحياة الحزبية إلى هذا الوضع المتردى لابد أن تكون النتيجة الطبيعية حياة سياسية شكلية وديكورية وشعاراتية يملؤها الانتهازيون والوصوليون لكل زمان ولكل نظام . 

- الثالث: عندما تغيب الأحزاب وتنتفى السياسة؛ يكون البديل سطوة راس المال والقادرين وأصحاب السطوة الاجتماعية والقبلية والطائفية والجهوية . 

هنا وجدنا غياب المرشح صاحب الموقف والفكر والخبرة السياسية ، وشاهدنا صاحب القدرة المالية الذى استطاع الوصول إلى الترشح سواء فى القائمة التى ضمنت له التعيين ( ولا عزاء للانتخابات) ، أو من أصبح مرشحاً للحزب الذى يزعم أنه حزب الأغلبية (فى الوقت الذى أعلن فيه إلرئيس أنه لايوجد حزب يمثل لا النظام ولا الرئيس).  

هنا كان ويكون من الطبيعى بعد سيطرة راس المال واكتساح المال السياسى الذى حول العملية الانتخابية إلى موسم للاسترزاق مستغلين فقر الفقراء واحتياج المحتاجين بتوزيع اكياس المواد التموينية  أو الفرخة أو الأدوات الكهربائية (لسعيد الحظ مع مرشح ثقيل مادياً) أن تفقد العملية جوهرها السياسي، بل الأخطر ان هذه الممارسات وتلك السلوكيات التى اخذت فى التوطن تمثل خطورة على الوطن، حيث ستتحول العلاقة السياسية الصحيحة والمطلوبة والدستورية والقانونية إلى علاقة مصلحة ذاتية بين المرشح الانتهازى الجاهل وبين المواطن الذى يسقط حقوقه الدستورية والقانونية فى بحار العوز والاحتياج. فلا دولة ولاحكم ولا سياسة صحيحة وحقيقية لصالح الوطن والمواطن، بدون حياة حزبية وبدون كوادر سياسية تعى أن السياسة هى خدمة الجماهير والنهوض بالوطن والسعة لرفعته وتقدمه. 

وهذا الخطر الذى سيتحمله الجميع بلا استثناء يجعل الجميع مسئولا والجميع يعمل فى موقعه ونطاقه للتصحيح والتوعية، واقربها هو توعية الناخب بحسن الاختبار ومحاصرة تجار الانتخابات وتطبيق القانون، فلا سياسة بلا مشاركة ولا مشاركة بدون مواطنة ولا مواطنة بدون عدالة ولا عدالة بدون قانون. 

حفظ الله مصر وطنًا لكل المصريين.

---------------------

بقلم: جمال أسعد عبدالملاك

مقالات اخرى للكاتب

ماذا يريد الشعب؟ (٩)





اعلان