26 - 04 - 2024

تغريدة ترامب.. التعويذة السحرية لشطب السودان من قائمة الإرهاب

تغريدة ترامب.. التعويذة السحرية لشطب السودان من قائمة الإرهاب

بات الشارع السوداني ليلتين كاملتين بانتظار تغريدة ترامب التي ستحمل خبر رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، لكن التغريدة التي أرسلها الرئيس الأمريكي الذي يقضي آخر أيام فترته الرئاسية الأولى بالبيت الأبيض لم تكن كافية، ترامب الذي ربما  لن يجد متسعاً من الوقت ليُمضيه في كرسي الرئاسة الأمريكية حيث سيجد نفسه في مواجهة شرسة مع خصمه الديمقراطي جو بايدن مطلع نوفمبر القادم قد تذهب به إلى مقاعد الرؤساء السابقين. 

ليلة الإثنين التاسع عشر من أكتوبر أطلق ترامب تغريدته التي ينتظرها السودانيون وكل العالم لحذف السودان من القائمة السوداء للدول الراعية للإرهاب، لكنه لم يشأ أن يجعل فرحة السودانيين كاملة الدسم بعد اعتقال طوال سبع وعشرين عاماً في القائمة سيئة الصيت التي دخل في أتونها بفعل رعونة الحكومة السابقة بتوجهاتها الراديكالية.

ترامب أبدى فقط في تغريدته المنتظرَة بشغف تلك الليلة استعداده لحذف السودان من القائمة بعد دفع 335 مليون دولار لضحايا المدمرة كول والتي أُتُّهم بها السودان في التسعينيات وكذلك ضحايا سفارتي الولايات المتحدة الامريكية في نيروبي ودار السلام وهو مبلغ ليس سهلاً في الظروف الآنية الضاغطة التي تعايشها الحكومة الانتقالية في السودان حيث ستكون مجبرة لدفع فواتير باهظة قبل أن تستأنف طريقها في بناء الديمقراطية الصعبة في واقع متكلس خلفته سنوات النظام السابق الثلاثين.

غير أنّ ترامب لم يكن وحده هو المحبط تلك الليلة حين ربط حذف اسم السودان بسداد مستحقات الضحايا وأسرهم وقد كان الجميع ينتظر التغريدة السحرية التي تعلن فوراً السودان حراً طليقاً من العقوبات المفروضة على الدول الراعية للإرهاب، ثم تعالت أصوات تطالب بالمزيد من التعويضات التي يجب أن تتحملها الحكومة الجديدة في الخرطوم في ضحايا الحادي عشر من سبتمبر، لكن الأنكى من كل ذلك أن تصطدم تطلعات السودانيين والحكومة الجديدة بتزمُّت متوقع عبر سلسلة إجرائية متطاولة في الكونغرس الامريكي، حيث يمانع بعض أعضاء مجلس الشيوخ في إجراء التسويات مع الحكومة السودانية برئاسة حمدوك ويطلبون المزيد من الضمانات التعسفية.

وفي انتظار إيداع المبالغ التي أشار لها ترامب في تغريدته وموافقة مجلس الشيوخ ربما سيمضي الكثير من الوقت ريثما يتم رفع اسم السودان من القائمة السوداء وتنساب بالتالي الاستثمارات والامتيازات المصرفية والاقتصادية التي انقطعت عن السودان سنين طويلة تردى معها مستوى معيشة المواطن، وأصبح السودان في مراتب متدنية ليس في دخل الفرد فحسب، ولكن حتى في مكانته السياسية بين رصفائه في المحافل الدولية حيث افتقد طويلاً الدعم السياسي للمجتمع الدولي في الكثير من المواقف التي جعلته معزولاً.

وقُبيل رحيل الرئيس الامريكي السابق باراك اوباما وفي مثل هذه الأيام من نهاية دورته الرئاسية أطلق فقاعات احتفى بها الشعب السوداني طويلاً وقتها واعتبروها ضوءًا في نهاية النفق المظلم حين أصدر قرارات بتخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان ثم غادر كرسيه ولم يشهد الوضع في واقع الحياة السودانية أدنى تحسن، بمعنى لم يكن لقراره ذلك أي تأثيرات عملية غير أننا نأمل أن يكون الأمر مختلفاً هذه المرة، وألا تأتي قرارات رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب على ظهر سلحفاة.

الشاهد أنّ التعويذة السحرية التي ترتبط بتغريدة ترامب لرفع السودان من القائمة الجهنمية لا تزال طي الوعود وحبيسة الأدراج وأضابير الكونغرس الأمريكي.
-----------------
بقلم: د. محمد قسم الله محمد ابراهيم
·       
أكاديمي وكاتب صحفي من السودان









اعلان