يُحكي أن أخوين كان يملكان حماراً يشاركهما أحزانهما وأفراحهما يغدو و يروح بهما في كل تنقلاتهما حتي اعتبراه أخاً لهما. وفي إحدى السفريات نفق الحمار، فأقاما له مدفناً يليق بمعزته لديهما وجلسا يبكيانه بصدق ندر مثيله بين البشر فاجتمع الناس عليهما وتعاطفوا مع تلك الحالة الفريدة من الحزن.
و من كثرة ما عدد الأخوان من محاسن فقيدهما ظن الناس من حولهم أنه ولي من أولياء الله الصالحين فبدأوا يتبرعون لمقامه الذي اعتبروه شريفا من لحظتها. ومرت الأيام وكثر معها المارة و كثر المتبرعون و ظل الأخوان يتقاسمان التبرعات بشتي أنواعها ويجريان التحسينات اللازمة على "المقام الشريف" ليتسع للمريدين و قاصدي البركات.
و ذات يوم اختلف الأخوان في القسمة فأشار أحدهما إلى المقام ليحتكما إليه.. ضحك أخوه حتي انقلب على قفاه و قال مستنكرًا: مولانا؟.. "إنت نسيت إننا دافنينه سوا".
و صارت العبارة مثلا لكل اثنين احتالا علي الناس ثم اختلفا و ادعى أحدهما الشرف والنزاهة في مواجهة الآخر.
وفي صراع "الجبلاية" فريقان، يدعي أحدهما الشرف و النزاهة على الآخر، ويعيب هذا معايب ذاك، وفي الحقيقة لايختلف الفريقان بعضهما عن بعض ، فكلاهما دفن الحمار وادعى أن المدفون ولي من أولياء الله الصالحين.
نن ستوب .. شركة تعمل في مجال التسويق الرياضي وإدارة المعسكرات والتعاقد علي مباريات ودية للمنتخبات والأندية خلال فترة المعسكر. اتفقت الشركة مع الجبلاية علي تنظيم معسكر للمنتخب الأول بدولة الإمارات العربية على أن يلعب المنتخب مع منتخب السنغال الأول بكامل نجومه ومحترفيه، ولكن ماحدث شئ آخر، حيث فوجئ المنتخب الوطني في الإمارات أنه سيواجه منتخب ناشئي السنغال إخلالًا بالتعاقد وفضيحة كروية ومالية، فالتعاقد مع منتخب من الناشئين ليس بقيمة المنتخب الأول بمحترفيه.
أصابع الاتهام أشارت إلى مجلس إدارة الاتحاد وقتها وبعض التنفيذيين في الاتحاد منهم من ثبت عليهم الاتهام ومنهم من كان كبش فداء .
الشاهد في الأمر تحولت الواقعة إلى قضية تم تداولها بالمحاكم و"جرسة" بين أروقة الجبلاية، إشارة إلى أحد صبية الرجل الكبير الذي على الرغم من استغناء الجبلاية عن خدماته عينه الكبير مديرا لمكتبه الخاص!!
القضية يتم مباشرتها في المحاكم المصرية ويتم متابعتها من خلال مكتب أحد المستشارين القانونيين دائمي العمل بالجبلاية ولا يعرف عن القضية مصيرها رغم مرور السنوات، ولا يعرف أيضا أي دفوع ستقدمها الجبلاية للحصول على التعويض المالي المناسب مقابل هذا الإخلال بالتعاقد.
هل انتهت القصة بذلك؟
تمر السنوات لتفاجئنا الجبلاية بالاتفاق مع الشركة نفسها "نن ستوب" على تنظيم معسكر للمنتخب الأوليمبي هذه المرة في فترة إعداده للتأهل إلى نهائيات الدورة الأولمبية، تحت شعار أن التكاليف كاملة على حساب شركة "نن ستوب" أو هكذا تعللت الجبلاية لتمرر اختيارها لهذه الشركة والتعاقد معها .
"نن ستوب" شركة تقاضيها الجبلاية لإخلالها بشروط التعاقد وفي نفس الوقت تتعاقد معها لتنفيذ عقد آخر حتي ولو كان بلا مقابل، كمن اعتقد تقبل الله لمن عصاه لمجرد بناء العاصي لجامع من أموال مُريبة المصدر .. حاشا لله.
قاطنو "المقام الشريف" الآن يعايرون قدامى السكان بأمر تلك الشركة، وإن كان نفس القانونيين الحاليين هم من جمدوا هذه القضية ، بل تم سفر أحدهم مع بعثة المتتخب الأوليمبي في رحلة تنفيذ العقد الجديد، ولأول مرة تتضمن بعثة كروية مستشارا قانونيا.
ما ألطفها شركة تقدم يد العون للمطحونين و تمسح الدمع من أعينهم.
أما القدامى فلا يردون ولكنهم يشيعون عن القاطنين أنهم تجار خردة و أنهم يجلبون معدات مستعملة و يبيعونها إلى الجبلايه ويتربحون من وراء ذلك فيما يسمي بصفقة قرن الجبلاية تحت شعار تطبيق تقنية حديثة في الملاعب المصرية .
الأَخَوان الآن مختلفان في القسمة ويرغبان في الالتجاء إلى الولي الصالح صاحب المقام الشريف وقد نسيا أن صاحب المقام هو نفسه الحمار الذي قضي العمر برفقتهم شاهدا عليهم و أنهم قد دفنوه سويا .
قضية بقضية.. و فجر بفجر.. و فريقان دفناه سويا.. هذا هو حال الجبلاية والرياضة المصرية .. لا نزاع على فخر .. لكن نزاع على حصاد انحرافات حصلت على شارة "نن ستوب".
--------------------------
بقلم: محمد عبادة