29 - 03 - 2024

لا نحتاج لثورة شعب.. نحتاج إلي تصحيح

لا نحتاج لثورة شعب.. نحتاج إلي تصحيح

ما يردده الإعلام المعادي عن غضب الشعب المصري من سياسات النظام، وقيامه بثورة هو التضليل بعينه والتأكيد علي فبركة الفيديوهات القديمة وتركيب أصوات حفنة من أصحاب الأيديولوجيات التي لا تنتمي للوطن قدر انتمائها للأفراد والأيديولوجيات السياسية التي تدار من الخارج.

نعم أتفق مع وجهات النظر التي تذهب الي أن النظام وسياسات الحكومات تقوم بتطبيق سياسات اقتصادية تخدم علي فئة من الشعب دون الغالبية العظمي، رغم أن هذه الحفنة معظمهم يدعم من دول كبيرة من دول العالم الذي يطبق النظام الاقتصادي العالمي ويمثلون دولة عميقة داخل الدولة، يدعمهم رجال سلطة سابقين وتفحل جرمهم وأصبحوا هم الخطر الحقيقي علي الدولة وليس غالبية الشعب الذي لا يملك غير انتمائه لأسرته وبيته ووطنه ولقمة عيشه.

ولو قامت الدولة بدراسة السياسات التي بجب أن تعمل بها من أجل مصلحة الشعب والوطن ما وصلت أحوالنا إلي هذا العبث الذي استغله إعلام فاشل يخرج من استديوهات أنظمة تريد الدمار الكامل لمصر لأنها ببساطة شديدة هي عميلة وتعمل في خدمة الأنظمة العالمية التي لا تقف عند ولاء لأحد غير احتياجاتها ومصالحها وتوجهاتها، وما أن ينتهي الدور تكون أولوية الغدر بها.

بل استخدام هذه الأنظمة في تفتيت قوة العرب وتحويلهم الي دويلات تتقاتل بسبب الطائفية والمذهبية وتشريد الشعوب حتي يحصلون علي خيراتنا من منابعها.

كانت سياسات الحكومات المتعاقبة من عام 2015 وحتي الآن تصحيح الخلل الاقتصادي الذي تسبب من توابع ثورة 25 يناير، بعدما خرجت من دون عائل ضد نظام أسبق انحاز بشدة إلي تطبيق نظام الاقتصاد الحر الذي تتوغل فيه سلطة ونفوذ أصحاب المال وخدامهم ويمكث في تفاصيله كل ألوان الفساد

وربما نجح هذا النظام الاقتصادي في بعض الدول بسبب وضع القوانين المحايدة والتي تم تطبيقها علي الجميع دون استثناء واحد وكان عندنا في مصر الأمر مختلف، بسبب سيطرة رجال المال وخدامهم علي المؤسسات ،فقد شرعوا التشريعات التي تدعم وجودهم وقوتهم حتي زادت سطوتهم داخل الدولة ولن يقف الأمر عند هذا الحد، بل زادت سطوتهم اكثر واكثر بأن قاموا بتمكين أصحاب الذمم الخربة والمسجلين الخطر الذين اغتنوا من المال الحرام من الدخول في الاحزاب الوليدة والتسلل لنيل عضوية مجلسي الشيوخ والنواب، وكان هذا العمل هو من تسبب في رفض غالبية الشعب المصري لممارسة حقهم الانتخابي بعدم الذهاب للادلاء بأصواتهم لأننا أدركنا تماما أن السياسات التي أدارها النظام الأسبق وتسببت في قيام ثورتين يسعون إلي عودتها وهو ما يرفضه الشعب المصري بقوة.

من هذا أصبحت سياسة الحكومات لا تخرج عن تحمل الشعب ضريبة تصحيح الهياكل والأوضاع الاقتصادية في المؤسسات دون الانتباه الي هذه الدولة العميقة المتوغلة في كل مفاصل الدولة يساندها المنتمون للأخوان المسلمين الذين يجلسون علي مقاعد السلطة في مختلف المؤسسات ولا ترصدهم أجهزة الدولة لسبب بسيط إنهم في حماية أصحاب المال ودون الانتباه الي جورها علي الطبقات الأدني من الشعب أو في تعزيز قوة أصحاب المال بكل روافده.

لم ينتبه النظام الذي يسعي وسعي بالفعل وحقق المعجزات في إعادة الدولة إلي مؤسساتها وقيام نهضة اقتصادية كبري دفع ثمنها وتحمل تكاليفها المعدومون والفقراء والطبقة المتوسطة دون غيرهم من أصحاب المال، ومجرد تفكير الحكومة في فرض ضريبة عليهم يقف أحدهم في بهو ممثلي الشعب ليرفض هذا الإجراء ويحصل الوزير المختص علي دش ثلج من رئيس المجلس والنواب والخدام وتتراجع الحكومة وهذا ما جعل المتابعين من أبناء الشعب في حالة غليان وألم.

الشعب لن يخذل الرئيس ولن يقف ضد بناء وطنه وقد تعلم من تجربة 25 يناير أن علينا أن نقف خلف زعيمنا ورئيسنا في السراء والضراء، لكن يجب علي سيادته أن يسرع في تصحيح مؤسسات الدولة وأن يحسم أمر من توغلوا في أركانها ويريدون لها عودة نظام الرئيس الأسبق الذي أخطأ في ترك المؤسسات لهؤلاء الذين يزيدون في خطورتهم علي أصحاب الإسلام السياسي فأدواتهم واحدة وآليات هدمهم للدولة واحدة

علي الأقل الشعب عرف من هم -إخوان مسلمين أو 6 أبريل أو كفاية أو غيرهم- وبعضهم يلاقون الدعم الخارجي

أما هؤلاء الذين يجلسون علي مقاعد خدمة الشعب وإدارة مؤسسات الدولة فهم يلاقون الدعم الداخلي من الدولة ومن خدامهم مثلما يلاقون الدعم الخارجي من أجهزة عالمية تتربص بمصر، وللأسف هؤلاء يليسون ثوب الوطتية المزيفة.

نحتاج إلي ثورة تصحيح كاملة في مؤسسات الدولة تمنح رجال الأعمال حقوقهم وتمنح الشعب عدالة توزيع، حقوقه-له ما له وعليه ما عليه- مثله مثل عامة الشعب

نحتاج إلي تصحيح أعمال شركات الكهرباء والمياه والاتصالات ومشتقات البترول وكل الشركات التي تنتج مواد الاستهلاك للجمهور المصري، بأن يتم تحصيل الفواتير مباشرة إلي خزينة الدولة علي أن تقوم وزارة المالية بدراسة الأجور العادلة ومصاريف الإنتاج وغيرها وتوريدها للشركات حتي يتم توفير 30% من العائد العام الذي يذهب في فوضي توزيع وفساد مقنن أشرف عليه وأداره النظام الأسبق ولا يزال.

نحتاج إلي تطبيق القانون علي الجميع من دون نفوذ لفرد أو سلطة أو جماعة أو مؤسسة دون الأخري

هذا ما يحتاجه الشعب المصري الذي أرهقته المؤسسات وإداراتها وفسادها مثلما أرهقته الثورات التي لا تطلب منه غير مطلب واحد ، لم يطبق علي أحد غير الطبقات الكادحة هذا المطلب هو " شدوا الأحزمة فوق البطون".

نحتاج إلي ثورة تصحيح تعيد للشعب أخلاقه وتعيد للمؤسسات عدالة وقانون وحيادية وأخلاق ورقي الأداء .
---------------------------
بقلم: عمارة إبراهيم
* شاعر وكاتب مصري عضو اتحاد كتاب مصر

مقالات اخرى للكاتب

لا نحتاج لثورة شعب.. نحتاج إلي تصحيح





اعلان