26 - 04 - 2024

بمناسبة الانتخابات المرتقبة وترشيح ترامب: مايكل مور .. تاريخ حافل من الافلام الوثائقية ضد سياسة أمريكا

بمناسبة الانتخابات المرتقبة وترشيح ترامب: مايكل مور .. تاريخ حافل من الافلام الوثائقية ضد سياسة أمريكا

(Be Polite and Find Your self Anather Job) تلك الكلمات الغاضبة وجهها الرئيس الامريكى دونالد ترامب  للمخرج الامريكى الشهير مايكل مور، وذلك عندما شاهده اثناء حملته الانتخابية قبل توليه الرئاسة عام 2017 والتى تعكس فحوى شخصية ذلك المخرج الذى اعتبرت أفلامه شوكة فى ظهر كل من الرئيس الامريكى جورج بوش الإبن والرئيس ترامب، حيث نعت مايكل مور الرئيس الامريكى ترامب "بعبقرى الشر" وبالتالى جاءت أفلامه ناقدة للسياسات الأمريكية، فاصبحت بمثابة طعنة فى قلب رؤساء أمريكا، حيث عرف بصراحته وجرأته ورؤيته الناقدة للعديد من القضايا كالعولمة وحرب العراق وسيطرة الشركات العملاقة وجماعات العنف المسلح.

 لعبت نشأه المخرج مايكل مور دورا كبيرا فى تحديد شخصيته وانتماءاته الفكرىة كمخرج ومؤلف، يدرك مايدور حوله من مشكلات تواجه الشعب الأمريكى، فجاءت أعماله منحازة للفقراء والعمال ضد الرأسمالية والعولمة، حيث ولد مايكل مور فى فيلينت بولاية ميتشيجان بالقرب من مصانع جنرال موتورز، كانت والدته تعمل سكرتيرة فى الشركة كما كان والده وجده يعملان هناك أيضا كعمال سيارات، كما يعد عمه  أحد المؤسسين للاتحاد العمالى المشهور "عمال السيارات المتحدون" والذى شارك فى اضراب فلينت العمالى المشهور.

من هنا جاء أول فيلم وثائقى له منحاز للطبقة العمالية تحت اسم "روجر وأنا" وكذلك فيلم حيوان أليف / لحمة، والفيلمان يصوران الأثر الاقتصادى السلبى الاقليمى لافعال الرئيس التنفيذى لشركة جنرال موتورز روجر سميث حين قام بإغلاق العديد من مصانع السيارات فى فلينت بولاية ميشيغان فخسر 30000 عامل وظائفهم فى ذلك الوقت، ثم ارتفع العدد الى 80000 عامل فى الوقت الحالى، لهذا اعتبرته مكتبة الكونجرس مهم ثقافيا وتاريخيا وجماليا وتم حفظه فى السجل الوطنى. نفس الأمر فى فيلمه "الكبير"the big one  حيث يقدم رؤيته الناقدة الممزوجة بالسخرية من سيطرة الشركات العملاقة والتسريح الجماعى للموظفين، رغم معدلات الأرباح القياسية التى تحققها هذه الشركات، حيث يتمكن المخرج مايكل مور فى هذا الفيلم من الوصول لمكتب فيل نايك رئيس شركة نايك للأحذية ويدخل معه فى نقاش جريء حول اعتماد الشركة على العمالة الأندونسية بشكل اساسى لتصنيع الأحذية، رغم استعداد آلاف المواطنين فى أمريكا لفعل أى شيء من أجل الحصول على فرصة عمل لدى الشركة.

وقد حاز عالم الجريمة والعنف المسلح وانتشار الأسلحة فى الولايات المتحدة، على اهتمام مايكل مور فأخرج فيلم بولينج لكولومباين" ليلقى الضوء على مذبحة مدرسة كولومباين الثانوية التى وقعت عام 1999وتسببت فى مقتل اثني عشر طالبا ومدرسا، حيث قام الطالبان اريك هاريس وديلان كليبولد باطلاق النار عشوائيا، ثم قاما بعدها بالانتحار، وقد جعل مايكل مور تلك الحادثة الدموية نقطة انطلاق للبحث عن مسببات الجرائم من هذا النوع والتعمق فى التنقيب عن ظاهرة انتشار الأسلحة فى الولايات المتحدة الأمريكية، وقد استوحى مايكل مور اسم الفيلم حين ذهب مرتكبا الحادث للعب البولينج فى صبيحة هذا اليوم ليشرعا بعدها بارتكاب الجريمة، وقد حاز هذا الفيلم على جائزة سيزر الفرنسية كما حاز على جائزة أوسكار لأفضل فيلم وثائقى عام 2002.

وتعد الرأسمالية من القضايا التى شغلت بال مايكل مور، وذلك اثر الازمة المالية العالمية فجاء فيلمه الرأسمالية: قصة عشق "Capitalism: Love Story" الذى كتبه وHنتجه عام 2009 ويذكر بصوته ان الولايات المتحدة لم تعد ديمقراطية، بل اصبحت تحت حكم الاغنياء، حيث تمتلك اقلية صغيرة جدا معظم الثروات وأن هناك عائلة تطرد من منزلها كل سبع ثوان ونصف الثانية، منوها إلى أن الأزمة العالمية حينذاك كانت ناجمة عن تواطؤ بين المصارف الكبرى وإدارة الرئيس الأمريكى الاسبق جورج بوش، فضلا عن عمل تدميرى داخلى عائد، مما جعل وول ستريت تتحول الى كازينو فعليا، فقامت بالقضاء على البنية التحتية الصناعية فى بلادنا من اجل تحقيق مزيد من الارباح .

وإن كان مايكل مور قد هاجم الرئيس الامريكى جورج بوش الأب فانه هاجم ايضا جورج  w بوش الابن، حيث انتقد فترة ولايته للرئاسة فى أمريكا والحرب على الإرهاب، فأصدر فيلم فهرنهايت الحادى عشر من سبتمبر والفيلم من انتاج عام 2004 وقد عقد مقارنة بين الإرهاب والحرب الأبدية لجورج أورويل عام 1948 الذى يرى أن الحروب ليست مهمة فيما اذا كانت حقيقية او لا ، وفيما إذا كان النصر ممكنا ام لا؟ بل أهميتها فى استمرارها، هدفها الحفاظ على السلطة، عن طريق الاستفادة من الفقر والجهل.  

ويستفز المخرج مايكل مور السياسة الامريكية عقب هجمات الحادى عشسر من سبتمبر عندما قامت أمريكا بدور شرطى العالم، حيث قامت بغزو العراق بعد أن سبق ان قامت بحرب فيتنام الفاشلة، فقام بإنتاج واخراج فيلم "أين تغزو المرحلة القادمة" الذى بدأ اخراجه عام 2015.وهو سخرية اجتماعية وسياسية حادة للمؤسسة الحاكمة فى أمريكا، فجعل تنقلاته فى الفيلم كأنها غزوات بعد زيارته لأكثر من عشرة دول، وبعد أن لاحظ عدم نجاح رؤساء فروع الجيش الامريكى فى كسب حروبهم فيعرض خدماته عليهم بغزو تلك الدول، ويقصد أخذ الافكار الجيدة منها لحل المشكلات الداخلية فى أمريكا كالمدارس الفاشلة وسوء التغذية فى مرحلة الطفولة والافتقار إلى الرعاية الصحية وديون قروض الطلبة فى المرحلة الجامعية ونظام السجون المثقل بالأعباء.

ويستمر المخرج مايكل مور فى مشواره النضالى فى أفلامه ليخرج فيلم فهرنهايت 9/11 عام 2017، وهو بعد تاريخ نجاح الرئيس الامريكى ترامب فى الانتحابات الامريكية ويعلن فى هذا الفيلم اصابته بخيبة أمل عقب نجاح دونالد ترامب على منافسته هيلارى كلينتون، ويدعو مايكل مور الأمريكيين إلى التحرك من أجل استرداد بلدهم ، لأن أى شخص لايفهم ذلك ستصيبه خيبة أمل مريرة من نتائج ما سيحدث فى امريكا على يد ترامب. ويعقد مايكل مور مقارنة بين دونالد ترامب وهتلر فى العوامل التى ساعدت على صعود كل منهما السلطة بقوله: "كيف دخلنا فى غمار هذه الفوضى وكيف يمكننا الخروج منها"

ويأتى آخر فيلم للمخرج مايكل مور تحت عنوان كوكب البشر ليكون بمثابة ضربة للمسئولين القائمين على الحركة البيئية الذين قاموا باستغلال الأزمة من أجل كسب الأموال بعيدا عن إيجاد حلول حقيقية للمشكلة البيئية

وأخيرا وليس آخرا فلا زال المخرج الامريكى مايكل مور قادرا على العطاء مستمر فى مشواره الفنى فى توثيق وتسجيل الأحداث فى صورة أفلام وثائقية.
----------------------------
رؤية : هدى مكاوى






اعلان