آن الاوان- و بعد أن حطت أول طائرة لدولة الكيان الصهيوني علي أرض الإمارات - أن تراجع القيادات الفلسطينية حساباتها وسياساتها، وتعترف أن ما قامت به من ضغط علي المؤسسات الشعبية في مصر وبعض مثقفيها، للتطبيع والذهاب إلي فلسطين المحتلة والمشاركة فيما كانوا يطلقون عليه "هجوم السلام" خطيئة سياسية كبري تستوجب شجاعة الاعتذار. فماذا جري بعد أوسلو الاولي ١٩٩٣، وأوسلو الثانية ١٩٩٥، و تحالف كوبنهاجن ١٩٩٧، ثم ما اطلق عليه مبادرة السلام العربية وغيره و غيره !!.
أشهد أن نقابة الصحفيين التي كانت في مقدمة النقابات المهنية التي قررت حظر التطبيع، لم تتعرض بعد رحيل أنور السادات لضغوط رسمية مباشرة لتغيير موقفها، وأن ما يسمي بالسلطة الفلسطينية - ولا اقول الفلسطينيين - هي التي كانت تضغط و تطلب وتلح - حتي بعد فشل المسار السياسي المزعوم - لذهاب المصريين إلي الاراضي المحتلة، ما أدي في بعض الأوقات إلي خلط الأوراق واصطناع فتنة، واجهتها الجمعية العمومية بتشديد قراراتها ومعاقبة بعض أعضائها، ومنهم من كانوا ذوي نفوذ مهني وثقافي وعلاقات سياسية!!.
أذكر أن سفير فلسطين السابق في مصر جمال الشوبكي زارني بنقابة الصحفيين عام ٢٠١٦، و فتح معي موضوع زيارة الصحفيين المصريين للأراضي المحتلة، ولماذا نمنعهم!؟.
وقلت له: "هذا أمر حسمته جمعياتنا العمومية وهي السلطة العليًا في النقابة، ثم ماهو العائد عليكم من ذلك ولقد جربتموه"، وأوضحت: "إنكم اول من تخسرون من كسر تطبيع المصريين وتدفعون ثمنه، ثم أننا نسمع من الفلسطينيين في الداخل غير ما تقوله القيادات بخصوص تقديرها لذهاب المصريين عبر الاعتراف بسلطة المحتل ".
صمت الرجل وهو شخصية مهذبة وودودة ، وأخذ الحديث وجهة أخري عندما وجد الباب موصدا.. كنت أتعجب هل تتصور القيادات الفلسطينية أنها ستحصل علي الحقوق ويتحقق السلام عبر التطبيع الشعبي للمصريين!!.
لكن استمر الإلحاح، وأخذ مسارات وأشكالا متعددة غير مبررة وغير مفهومة، بل ومريبة. و كلنا تابع محاولات جبريل الرجوب - علي سبيل المثال - في توريط شخصيات ومؤسسات رياضية وغير رياضية، بزعم التواصل مع الشعب الفلسطيني!.
المصلحة الفلسطينية تقتضي من قيادات السلطة مراجعة ماجري علي مدي العقود الماضية، خاصة وقد اصبحت هي الرهينة داخل اراضي السلطة من جانب ، و المحاصرة من جانب أخر ببعض مواقف عربية تبيع قضيتهم و قضية العرب الاولي بلا ثمن ، بل بأثمان تدفعها وستدفعها شعوبنا جميعا.
عودوا للشعب الفلسطيني و اتركوا له الخيار .. لتعود ثقة الشارع العربي لقضيتكم العادلة و تعود ثقة أجيال جديده تحمل من الاسئلة ، اكثر ما تحمل من المسلمات و الثوابت التي آمن بها جيلنا .
---------------------
بقلم: يحيى قلاش*
* نقيب الصحفيين السابق