20 - 04 - 2024

غرامة الامتناع عن التصويت في انتخابات الشيوخ

غرامة الامتناع عن التصويت في انتخابات الشيوخ

أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات عقب إعلان نتيجة التصويت في المرحلة الأولى لانتخاخبات مجلس الشيوخ منذ عشرة أيام، أن الهيئة حولت المتخلفين عن التصويت في تلك الانتخابات للنيابة العامة، وذلك لإعمال نص م57 من قانون مباشرة الحقوق السياسية الذي ينص على توقيع غرامة التخلف عن التصويت، والتي تصل إلى 500 جنيه.

المؤكد أن الأمر يبدو عاديًا لو أن المتخلفين عن التصويت يعدون بالآلاف أو مئات الآلاف، أما وإن هؤلاء يعدون بالملايين بعدما تبين من نتيجة الانتخابات أن عدد المتخلفين يبلغ 53,9 مليون نسمة، فإن الأمر بالتأكيد يحتاج للكثير من النقاش الذي يتجاوز أسئلة من قبيل كيف تحقق النيابة مع هؤلاء؟ وكيف تطبق تلك الغرامة؟ وماذا لو لم يستطع مئات الآلاف ممن هم يتلقون إعانات وزكاوات دفعها الغرامة؟

واقع الأمر، إننا قبل أن نحمل الناخبين وزرًا، فإن الأمر يحتاج للإجابة عن سؤال أكثر أهمية، وهو هل ما حدث هو مجرد تخلف عن التصويت أم عزوف عن المشاركة، بمعنى هل هو غياب طبيعي، أم أن هناك قصد وتعمد وتسجيل موقف سياسي بعدم الذهاب للاقتراع. 

بالتأكيد أن الناس قد ملت الذهاب إلى صناديق الاقتراع، فخلال الأعوام التي تلت أحداث 25 يناير2011، دعى الناخبون إلى 4 إستفتاءات على الدستور، و3 انتخابات رئاسية، و4 انتخابات برلمانية للغرفتين (على اعتبار مجلس الشورى أو الشيوخ غرفة). هنا يصبح السؤال ماذا حصد الناخب من كل ما سبق؟. 

الناظر إلى دول عديدة متقدمة ونامية يلحظ أن الناخبين في تلك البلدان في تلك الفترة ذهبوا إلى صناديق الاقتراع مرة أو أثنتين، وأن حالة هؤلاء السياسية والاقتصادية والاجتماعية تبدو في كثير من الأحيان أفضل في مؤشرات التنمية البشرية. من أجل ذلك يظهر أن الناخب المصري ليس جاهلا أو غافلا، بل أنه يتسم بقدر كبير من الوعي، فهو يدرك أن هناك أمور أهم من مجرد الذهاب إلى صناديق الاقتراع.

لا نريد أن نعلق شماعة العزوف على وباء كورونا، فالعزوف هو سمة المشاركة في التصويت في الحالات المشابهة، إذ كانت نسبة المشاركة في انتخابات الشورى عام 2011 هي 12,5%. بعبارة أخرى، هناك أمور عديدة تتجاوز الكورونا سببت تلك النتيجة. فالنظر إلى اختصاصات الشيوخ وحدها كفيل بتيرير تلك النتيجة. فهو مجلس ذو اختصاصات محدودة للغاية، ينتظر طلب من هم خارجه لكي يعمل، وذلك وفق نص المادة 249 من الدستور.

إذا أضيف إلى كل ما سبق، ما ورد في المادة 87 من الدستور التي تقول نصًا "لكل مواطن حق الانتخاب والترشيح" أي أن المشاركة ليست واجبًا، لانتفت ملاحقة الناس لدفع غرامات العزوف عن المشاركة.

لقد كان على الهيئة الوطنية للانتخابات، ولها ما يفوق مجرد إدارة الانتخابات أن تفكر وتنصح مليًا قيل أن تحيل ملفات الملايين للنيابة، وكيف تحيلها وهي ذاتها من شاهد شكاوى المرشحين وبعضهم يحتل رأس قائمة بطاقات الترشيح، بدعوى وصولهم أولا للترشيح، وهولاء من المنتمين لحزب مستقبل وطن. بعبارة أخرى، يسأل الناخبون ومن هم يريدون النزاهة وعلى رأس هؤلاء الهيئة الوطنية، هل عاد رمز الهلال والجمل كما كان عهد مبارك مرة أخرى؟.

لقد رأي الكثيرون أن حالات عوزهم الاقتصادي والاجتماعي أكبر بكثير من المشاركة في التصويت، وأنه لا يوجد سبب واقعي لعودة الشورى أو الشيوخ الذي رفضته من قبل لجنة الـ50 التي شكلت عقب سقوط الإخوان لتعديل الدستور، وأنهم أصلا لم يحصدوا الكثير من وجود غرفة واحدة، هي مجلس النواب، فهل سيتكلفون هم أعباء تأسيس أخرى؟.
-------------------------
بقلم: د. عمرو هاشم ربيع      


مقالات اخرى للكاتب

التطبيع ليس حلا للحد من خطر إيران





اعلان