جريمة مرعبة حدثت فى إسرائيل.. المجتمع الذى يدعون فيه أنه على بعد سنين ضوئية من المجتعات العربية الغارقة فى الجهل والعنصرية تجاه حقوق المرأة
جريمة كانت الضحية فيها فتاة قاصر لم تتعد السادسة عشرة من عمرها، تم اغتصابها فى أحد الفنادق على يد 30 رجلا، وقفوا فى طابور طويل فى منتهى الالتزام ليهناوا بدورهم فى اغتصابها.
نعم لم تخطىء فى القراءة، ثلاثون رجلا على فتاه صغيرة بدون وازع من ضمير ولا دين ولا اخلاق ولا أى معايير استندوا لها لتبرير فعلتهم المنحطة تلك.. ربما سمعنا هناك من عقليات مريضة ومجتمعات متشددة دينيا، كما سمعنا هنا فى البلاد الشرقية نفس السؤال لتبرير ما يحدث للنساء من انتهاكات: إيه اللى وداها هناك ؟؟
أي تبرير ممكن أن نجده لتلك الفعلة التى تقشعر لها الابدان، لو تصورنا حدوثها لبناتنا حاشا لله؟ هناك كما هنا تكلم رئيس وزرائهم عن الفعلة الخسيسة وكما تحدث هنا نائبنا العام بإصدار قرار القبض على مجموعة شباب اتهموا باغتصاب فتاة منذ 6 سنوات فى أحد الفنادق وصوروها وهى منتهكة.. و تلذذوا بالفعلة والتصوير والتشهير والتهديد!
هنا لن أسأل: لماذا انتظرت الفتاة كل تلك المدة لتشكو للسلطات المختصة، فحسب معلوماتى أن جريمة الاغتصاب كجريمة التعذيب لا تسقط بالتقادم، ولكن السؤال هو: لماذا هنا؟ كما لماذا هناك يلجأون إلى الاغتصاب كمتعة رياضية جنسية، عنيفة وشاذة والجنس العام متاح للجميع، هنا كما هناك.. بالتراضى أو بالمال، أو تحت شعار الحب أو الوعد بالزواج، أو تحت مسمى الزواج العرفى لتقنين حق الممارسة الجنسية خارج اطار الزواج والعلنية.. لماذا؟
ما نوعية المجتمع والتربية الفكرية والثقافة السائدة التى أفرزت هؤلاء المغتصبين؟
يقال أن من فعلها هنا أولاد من الطبقة العليا المتعلمة المستريحة وواصل أغلبهم حياته كأنه لم يفعل شيئا، ولو مجرد جنحة بسيطة كمخالفة مرور يسألون عنها.. ونجد من يتعاطف معهم بان لهم أسرا سوف تتحطم من جراء الفضيحة أو العقاب اذا ما ثبتت التهمة عليهم.. طيب و الفتاة وآلاف مثلها اغتصبن وخفن من الإبلاغ لتفادي الفضيحة، من مجتمع لا يرى فيها ضحية، بل يمكن أن يجد ألف مبرر لإدانتها، أليست امرأة؟
ولا ننسى أن دهاليز القضاء طويلة ومهارة المحامين وترهيب الفتاة وأهلها وداعميها.. حاضرة على الساحة لتنجيهم، إن كانوا غير مذنبين فعلا أو حتى مذنبين، لأن المجتمع المنافق يساند دائما الرجال فى أفعالهم تجاه النساء.. ونادرا ما يجرمهم بينه وبين نفسه، والجميع ينيم ضمائره بالعبارة الشهيرة.. ايه اللى وداها هناك؟
مازال السؤال يكاد يصيبنى بالجنون.. لماذا؟
ماذا تعنى المرأة بالنسبة لهم حقيقة؟ ما صورتها الذهنية فى وعيهم أو لاوعيهم وضميرهم وعقليتهم وتربيتهم؟ .. عبدة، محظية، جارية، ملك يمين، مجرد جسد قابل للاصطياد إذا ما لاحت الفرصة، فهيا إليها بدون وازع من قانون ولا شرع ولا ضمير.
أى نوع من الثقافة أفرزتهم.. هنا أو هناك وفى أنحاء المعمورة.. إنها قطعة لحم للتسلية وإفراغ الشهوات، نحصل عليها عنددما تحين اللحظة والفرصة؟
عند انقطاع الكهرباء عن مدينة نيويورك قبلة الحريات والحرية الجنسية والفكرية تم اغتصاب مئات من النساء من جيرانهم وفى الشوارع والمصاعد لمجرد انقطاع التيار وغياب الامن لساعات.
نفس السيناريو طبق فى البوسنة والهرسك أثناء التطهير العرقي، عندما اعترفت النساء أن مغتصبيهن كانوا من المعارف والأصدقاء وزملاء الدراسة؟ لماذا؟
كما حدث من الهند مع باكستان، ومن الأمريكان مع الهنود الحمر وحتى في فيتنام والعراق.
هكذا بمنتهى البساطة تسقط قشرة الحضارة عنهم فى لمح البصر؟
ماذا يحدث للرجال عندما يتمكنوا من فرض قوتهم وسيطرتهم على النساء فيكون الاغتصاب أول مايفكرون فيه.. فى كل المجتمعات، فى كل الاديان يرتكب مؤمنوهم تلك الفعلة.. لماذا؟
لابد أن هناك شيء خطأ فى المنهج الأخلاقى الذى تربوا من خلاله فى أزمنة طويلة متعاقبة، أن المرأة لا شيء.. حتى أنه فى أحد العصور طرح فى فرنسا سؤال هل المرأة إنسان أم حيوان؟! وكانت الإجابة فى تلك العصور المظلمة الحيوانية: إنها إنسان لكن بلاروح!!
آه و الله، طرح هذا السؤال بالفعل وحدث بالفعل فى عاصمة النور خلال زمن بعيد!
هي تعامل فى الألفية أيضا بأنها قطعة جسد.. بالفعل بلا روح، ويتجاهلون عن عمد أنها تتعذب وتعانى ويتعامون عن أنها تفكر وتنتج وتبدع وتؤمن. يتجاهلون أنها إنسان متكامل، له الحق فى الحياة أسوة بالرجال، مخلوقة من الرحمن.. وتعمل وتسأل وتحاسب على الالتزام بتعاليمه، ولها مثل الذي عليها بالمعروف
إنسانة، لا حيوانة ولا محظية ولا وليمة قابلة للالتهام، عندما تحين الفرصة، وتجد من يدافع عن الجريمة الشاذة بقوله: إيه اللى وداها هناك؟!
--------------------------
بقلم: وفاء الشيشيني