بمجرد ركوبى السيارة من مطوبس الى الاسكندرية، تمكن الشخص الجالس خلفى، من جر السيدة التى تجلس بجواره الى الحديث ببراعة! البداية كانت بمداعبته لابنها الصغير وسؤاله عن مرحلته الدراسية، ثم نقل الاسئلة اليها كما ينقل اللاعب الحريف الكرة برشاقة .
استفسر عن سبب زيارتها لمطوبس وعرف الركاب جميعا انها من سكان احدى قراها، وانها متزوجة بشارع ٤٥، انطلقت تشكو له من الدروس الخصوصية وهو يستحوذ على الكرة فيحدثها عن شارعهم فى العجمى، وكيف اصبحت الشقة هناك بملايين، ومضى يقارن بين اليوم والامس بلا ملل او كلل!
كنا فى منتصف الطريق وتسلل الصداع إلى رأسى، واصبح أملى أن يصمت قليلا، لكن دون جدوى!
يتحدث الآن عن الأسعار وهى تؤكد أن المرتب لا يكفى أسبوعا!، أسندت رأسى إلى مسند المقعد، لكن الضوضاء منعتنى من النوم، فنظرت نحوه مستنكرا، وأدرت وجهى إليه، كان فى قمة نشاطه، فلم يلق لى بالا وظل يسألها عن وظيفة زوجها وهواياته!
ركاب السيارة أصبحوا الآن يعرفون كل شئ عن الثرثار وجارته! ووضع بعضهم رأسه بين يديه بينما تناوم الآخرون فرارا من هذا السخف.
لا أدرى كيف وصلنا إلى بداية ٤٥ ، وقامت السيدة تسحب صغيرها، فهب صاحبنا ووضع يده على كتفى قائلا: - لو سمحت وسع للمدام، ثم شيعها بابتسامة عريضة وهو يقول: - تشرفت بمعرفتك
أشارت له مودعة، وحالما نزلت ساد الهدوء ونظرت إليه فوجدته قد أغلق عينيه ونام مبتسما راضيا، كأنه أنجز عملا عظيما.
حين وصلنا الموقف راودنى خاطر عنيف أن أصفعه وأجرى، لكنه عندما هبط، وجدته عملاقا كلاعبى السلة، تراجعت على الفور، ووقفت أراقبه، كان لا يزال منتشيا، يسير بخيلاء، دون أن يفطن إلى علامات الضيق والاشمئزاز، المرتسمة على وجهى.
-----------------------
بقلم: سمير المنزلاوي