29 - 03 - 2024

وجهة نظري| الصعود على ذكرى طبيب الغلابة

وجهة نظري| الصعود على ذكرى طبيب الغلابة

منذ رحيل طبيب الفقراء الدكتور محمد مشالي ولا تكف الحكومة على التفنن في تكريمه وتخليد ذكراه، انهالت كلمات الرثاء والإطراء والتمجيد والتبجيل، وصفوه بأجمل الصفات نصحوا الشباب أن يتخذوه قدوة، أن يسيروا على نهجه ويواصلوا رسالته واعتبروه شمعة مضيئة وهبت عمرها لتضيء للحيارى قبسا من نور ويدا حانية تمتد لكل ضعيف لاحيلة له.. قلبا نابضا بالحب تداوى جراح العاجزين وتمدهم ببريق من أمل.. ضميرا إنسانيا في زمن الأنانية والجحود. 

حفاوة ربما لم يحلم يوما الدكتور مشالي بمثلها، لكنها المبالغة فيها تدفع للغضب أكثر ماتدفع للترحيب والثناء.

فمع إحترامي وتقديري لرسالة دكتور مشالي النبيلة، لكن مظهره وحال عيادته من غير المقبول أن تصبح هي القدوة والمثال الذى يحتذى به .. رسالته العظيمة أخطأت العنوان .. أرادوا القفز عليها واستغلالها ونسوا أن سياستهم هي من دفعت أمثال الدكتور مشالي لتحمل فوق طاقتهم، ليصبح في النهاية واحدا من الفقراء الذين آثر الحياة من أجلهم.

هل تريد الحكومة أن نصبح جميعا أطباء للغلابة نمد إليهم يد المساعدة ونقوم بدور تقاعست هي عن أدائه.

هل من واجبنا أن نوفر مكان للعلاج لغير القادرين ؟أن ندفع ثمن أدويتهم .زنتحمل تكاليف علاجهم ..نوفر لهم الاسرة والمستشفيات وكل مستلزمات شفائهم.

أسئلة صعبة تكشف واقعا مؤلما لا يكتوى بناره ويقدر حجم ألمه سوى المبتلون بالمرض، من يعرفون حجم الإهمال في المستشفيات العامة وكم الضغوط التي يتعرض لها المريض وأهله من سوء معاملة وتعال وروتين مجحف وتدني مستوى الخدمة.

لايعرف حجم المعاناة إلا من إبتلاه الله بالفقر والمرض ليصبح أسيرا للمحبسين، بلارحمة .. لا يقوى جسده على تحمل الآلام ولا يقوى حاله على تخفيف الأوجاع.

ربما ينجح أمثال الدكتور مشالي في كل مجال تخفيف الحمل عن كاهل الضعفاء في كل مكان، لكن مهما بلغت رسالتهم من نبل ومهما وصلت أهدافهم من سمو إنسانى رحيم، لاتستطيع أن تنسينا حجم المسئولية المضاعفة التي يجب أن تتحملها الدولة والدور الأكبر المنوط بها القيام به في توفير حياة إنسانية لكل محتاج لا أن تتركه لصدفة لقاء ذوى القلوب الرحيمة أو الموت إذا لم يقده حظه بلقائهم.

تخليد دكتور مشالى ليس بكثرة اللافتات وإطلاق اسمه على الشوارع والميادين والمراكز والقرى ولا المبالغة في الإطراء والثناء، لكن في تبنى رسالته والسير على نهجه، والنظر بعين الرحمة لمن لا حيلة لهم، بقدر إهتمامها بتشييد الكبارى وتعبيد الطرق.. فليس بالطريق وحده تعمر الحياة وإنما الأهم هو قيمة من يسيرون عليها من البشر.
---------------------
بقلم: هالة فؤاد

مقالات اخرى للكاتب

وجهة نظري | إنسانية اللا عرب





اعلان