12 - 05 - 2025

أبو خالد نوارة بلدي

أبو خالد نوارة بلدي

ولدت قبل أربعة أيام من الذكرى الثالثة لثورة 23 يوليو 1952 ووقتها كان عبدالناصر قد بلغ من العمر 37 عاما ... تفتحت عيناى على صورة عبدالناصر بشموخه وضحكته وتفتحت اذناى على خطاباته البليغة التلقائية التى كانت تأسر الناس وتؤلف قلوبهم حوله وتجعلهم يتحملون ويتناسون اية صعوبات ...ارتبطت سنوات طفولتى باللعب في ميدان عابدين ومتابعة تجهيزات الإحتفال بذكرى ثورة 23 يوليو والعروض العسكرية التى كانت تقام فى ميدان عابدين قبل إقامة المنصة والنصب التذكارى فى طريق النصر (الاوتوستراد)كنا  نحن اطفال حارة السقايين نتابع تفاصيل انشاء المنصة الخشبية فى ميدان عابدين وكنا نحتشد فى اليوم المعلوم مع مئات الآلاف فى الميدان لرؤية الدبابات وعربات القتال والمدافع ونماذج الطائرات والمدمرات وجنود الصاعقة والقاهر والظافر والأهم لنحظى برؤية جمال عبدالناصر وهو يمر أمامنا فى عربة مكشوفة وبيننا وبينه خطوات قليلة وهو يلوح ويبتسم لنا...ابتسم الحظ لى عندما رأيته فى ميدان عابدين واقفا كالجبل الاشم فى السيارة المكشوفة وبجواره الرئيس الجزائري الأسبق أحمد بن بلة ....ولكم كانت سعادتنا ونحن نردد مع عبدالحليم حافظ يا جمال يا حبيب الملايين وريسنا ملاح ومعدينا وأبو خالد نوارة بلدى...بدأت علاقتى بالتعليم فى مدرسة زهر الربيع الإبتدائية التى بناها جمال عبدالناصر والتى ما زالت شامخة حتى يومنا هذا والتى لم تهتز ولم تتأثر بزلزال أكتوبر 1992...وبدأت علاقتى بالتعبير والكتابة بعبارات ثورة 23 يوليو 1952 المباركة وارفع رأسك يا اخى لقد انتهى عهد الذل والاستعباد وجهود التنمية والقيادة الرشيدة.

بكيت مع ملايين المصريين والعرب عندما وقعت نكسة 5 يونيو 1967 وخرجت معهم طفلا لا يعرف من أين أو إلى يمضى لاصرخ مع الجموع لا تتنحى(ربما لم أكن أعرف وقتها معنى التنحى) وبدأت أشعر بالأمل مع أخبار معركة رأس العش فى أول يوليو 1967 وتعمق الأمل والتفاؤل مع الأخبار التى تترى عن بطولات قواتنا فى حرب الاستنزاف... رأيت عبد الناصر تغلبه دموعه وهو يودع البطل الذى يجسد عظمة العسكرية المصرية عبدالمنعم رياض الذى استشهد فى الخطوط الأولى لجبهة القتال فى 9 مارس 1969.....خرجت مع الملايين- كنت وقتها فى الصف الأول الثانوى بمدرسة طلعت حرب الثانوية العسكرية- لتوديع جمال عبدالناصر وفى مسيرة لرجال وشباب حارة السقايين مرددين الوداع يا جمال يا حبيب الملايين...فى 10،9 رجعناك وفى ليلة الاسراء ودعناك.

تشرفت خلال رئاستى للمكتب الإعلامى بالسفارة المصرية فى الجزائر بحضور العرض الخاص لفيلم ناصر 56 مع كل قيادات الجزائر وتشرفت بترتيب لقاءات إعلامية للسفير آمين بك غنيم سفير مصر بالجزائر رحمة الله عليه بعد العرض والذى لا أنسى كلماته التى أشاد فيها بالفيلم والأداء الرائع للفنان احمد ذكى إلا أنه أكد أنه مع ذلك يظل البون شاسع بين الصورة والأصل فكاريزما عبدالناصر من الصعب تجسيدها مهما اجتهد الممثل والمخرج(كان آمين بك غنيم يرفض فى معظم الأحيان التحدث مع أجهزة الإعلام الجزائرية ويكلفنى بهذه المهمة لكننى فو جئت بترحيبه الحار بالحديث عن عبدالناصر وقال لى كيف ارفض الحديث عن الزعيم الذى عشقته الأمة العربية وعشقته الجزائر خاصة)

وتشرفت خلال رئاستى للمكتب الإعلامى بالسفارة المصرية فى أبو ظبي بالحديث لمدة ساعة كاملة على الهواء مباشرة فى قناة(صانعو القرار التليفزيونية) عن الزعيم الخالد جمال عبدالناصر الذى أحببته لوطنيته وطهارته واخلاصه والذى أعلم تمام العلم أنه ليس بملاك كما أنه ليس بشيطان واعلم أن له إنجازاته الهائلة (تشرفت بمشاركة البروفيسور طارق وهدان المستشار الثقافى فى أبو ظبي بتنظيم احتفالية كبرى بمناسبة مرور 50 عاما على إنشاء السد العالى واستمعت بالغناء مع أبناء الجالية المصر قلنا هنبنى واداحنا بنينا السد العالى) كما أن له اخطائه التى لا يمكن إنكارها أو تجاهلها.

فى ذكرى ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ التى كان جمال عبد الناصر احد رجالها أدعو الله أن يرحمه ويحسن إليه بقدر ما رعى الفقراء والبسطاء وبقدر ما بنى وعمر وأقام مصانع واستصلح اراضى...وبقدر ما رفع من مكانة مصر فى قارتها الأفريقية وبقدر ما حاز من حب وإحترام اشقائنا العرب...وبقدر ما تجاوب مع عصره وتحدياته بكل الإخلاص والوطنية وطهارة اليد ونبل المقصد.

---------------------

بقلم: عبدالغني عجاج

مقالات اخرى للكاتب

عجاجيات | الرقص فى المترو