24 - 04 - 2024

العقدة اليمنية

العقدة اليمنية

ما زالت مصر سواء على المستوى الدبلوماسي أو العسكري تعاني من عقدة المشاركة في حرب اليمن في منتصف الستينات من القرن الماضي

تخشى مصر حتى بالحسابات العسكرية من التوجه للمشاركة في أعمال عسكرية خارج حدودها الوطنية.

ليس فقط لأن حرب اليمن مازالت "قميص عثمان" الذي يرفعه المعادين للخط السياسي لجمال عبد الناصر ويرونها سببا في نكسة يونيو ١٩٦٧ بمن فيهم متعممون وماركسيون بل وقوميون ولكن أيضا لأن الحسابات السياسية وموازين القوى الراهنة تجعل لدى القاهرة إحساس دفين بأنه يراد جرها إلى مواجهات عسكرية بعيدا عن حدودها.

نتذكر كيف رفضت مصر المشاركة في حرب اليمن الأخيرة بإصرار رغم ما سببه ذلك من ارتباك في العلاقات مع الحليفين الداعمين لمصر في حربها ضد الاخوان والإرهاب وهما السعودية ودولة الإمارات

ومصر تستشعر أن حربها لم تنتهي في سيناء بعد وتخشى أن أي تمدد للعمل العسكري باتجاه الغرب الليبي قد يعقبه نشاط عسكري كبير وخاطف في سيناء

وحسابات مصر على وجه اليقين تركز على الحفاظ على زخمها العسكري لحرب قادمة ربما في الشرق أو الجنوب ولا تريد أن تستنزف قواها بعيدا عن سيناء و أثيوبيا.

بالطبع لست مطلعا على طبيعة التسليح والاستعدادات العسكرية المصرية لأسدي نصحا ما للحكومة ولا أنصح أحد أن يفعل بدون معلومات تشمل أيضا "مدى السماح" الذي كفلته الولايات المتحدة وبريطانيا للجهد العسكري التركي

هناك إحساس بأنه يراد جر مصر لحرب في الصحراء الليبية ولا أظن أن مصر على يقين من المدى الذي يمكن أن تذهب إليه روسيا (حلفيها الدولي الوحيد المحتمل) حال نشوب حرب إقليمية مباشرة في ليبيا.

وراهنت مصر من قبل على عدم التدخل المباشر في ليبيا حتى يبقى الصراع صافيا بين حكومة مجلس النواب وحكومة الصخيرات ولتدعيم الاحساس الوطني القبلي الليبي تجاه وجود الأتراك

ولكن زمن "الوطنية الكلاسيكية" قد فات وأصبحت جماعات الإسلام السياسي قادرة على تقديم مسوغات إسلامية للغزو التركي فضلا عن حسابات اقتسام الوجاهة والثروة على القاعدة القبلية

قد يكون العزوف عن الانخراط المباشر في الساحة الليبية قرارا "حكيما" وفقا لحسابات الحكومة والقوات المسلحة، ولكن ما أخشاه فعليا أن نجد تلك العصابات من الإرهابيين والمرتزقة على حدودنا تفتح معركة الغرب التي نتحسب منها خاصة وأن الأمر يتعلق أيضا باقتسام ثروات شرق المتوسط وهو آمر قد تجد فيه تركيا اسنادا أوربيا طالما ابتعدت أنقرة عن قبرص واليونان

ولا تنسى أننا أمة "تحت التقسيم" بما في ذلك مصر أقدم دولة وطنية في التاريخ، فالطابور الخامس موجود، وحالة الإجماع الوطني "بعافية" شويتين في ظل حرب اليكترونية إعلامية تتضاءل أمامها أكاذيب جوبلز.
-----------------------------
بقلم: د. أحمد السيد الصاوي

مقالات اخرى للكاتب

عصافير بايدن





اعلان