26 - 04 - 2024

ترنيمة عشق| الدراسة في زمن الكورونا

ترنيمة عشق| الدراسة في زمن الكورونا

تتردد أنباء عن إلغاء العام الدراسي القادم؛ على أن تستمر الدراسة "أونلاين".. بيْدَ أنه نتيجة للمهازل التي حدثت -وما تزال تحدث- لأبنائنا غير المدربين على تلك النوعية من الدراسة والتي نتج عنها:

1- تكلفة مادية للأهالي في باقات النت، لا تقدر عليها العديد من الأسر في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية بسبب ظروف الكورونا.

2- ليست كل الأسر قادرة على توفير جهاز "لاب توب" أو "تابلت" لأبنائها، خاصة لمن لديه ثلاثة أو أربعة أبناء بمراحل التعليم المختلفة.

3- تعنّت الكثير مِن أساتدة الجامعات والمدرسين في التعامل مع الطالب، وعدم القدرة على توصيل المعلومة له بالشكل الوافي، مما اضطر الكثيرين لتكثيف الدروس الخصوصية سيّما الثانوية العامة والكليات العملية.. والدفع طبعًا "أونلاين"، وليس بخافٍ على أحد ما حدث من ارتفاع جنونيّ في "ثمن" الدروس الخصوصية.

أعرف طلابًا بكلية الهندسة لم يتدربوا على الرسم في كلياتهم، ولأنهم مطالَبون في الامتحان اضطروا للدروس الخصوصية ليتعلموا كيف يرسمون!

كما لا أنسى شكوى من إحدى الأمهات نقلتها لي، حكتْ كيف قال لها المدرس بالحرف الواحد: أنا أحصل على 18 ألف جنيه من السايبر(!) ولن أتنازل عن نفس المبلغ حتى ولو كان أمامي طالبان فقط.. يعني اعملوا لي مجموعة على النت، وقسّموا المبلغ عليهم!

4- تحمُّل الأهالي عبء تكلفة الأبحاث التي أعدّوها بأيديهم أو بأيدي مدرسين متخصصين بمقابل مادي كما يَعلم الجميع.. والتي لم يستفد الطالب منها شيئًا.

5- عدم تحمُّل شبكات النت بالدولة ذلك الكم الهائل من الطلاب للدخول في آن واحد.

6- قيام بعض أساتذة الجامعات بمد زمن المحاضرة من ساعة إلى نحو أربع ساعات.. ولكم أن تتخيلوا بيت به ثلاثة أبناء يدرسون في يوم واحد! فأي ميزانية تستطيع الأسرة أن تتحملها لتجديد باقة النت كل عشرة أيام تقريبًا؟! هذا غير حالة التوتر والصمت الإجباري الذي يجب أن يمارسه بقية أفراد الأسرة طوال مدة المحاضرات.

7- الإجحاف مِن قِبل بعض الأساتذة في اختيار الوقت الذي "يلائمهم" لشرح المحاضرة، فمنهم مَن يختار الساعة العاشرة مساءً! وغيرهم يختارون الصباح الباكر.. دون مراعاة ظروف الطلاب الذين يتوجب عليهم ممارسة الاستيقاظ ليل نهار ليتواءموا مع مواعيد المحاضرات غير المنتظمة.

8- أما سابعة الأثافي.. فهو أن يستعد الطالب للامتحان، بعد أن يبث الرعب في البيت كله ليمنع أي صوت أو حركة تصدر عن بقية الأسرة لأن الامتحان "لايف"، ثم بعد مرور أكثر من ربع ساعة والطالب يحاول الدخول على موقع الجامعة يتفاجأ بأن به خلل، ولا يمكن فتحه.. لتأتيه رسالة بأن الامتحان قد تأجّل يومين آخرين!

9- الكارثة الحقيقية في الكليات العملية كالطب؛ والهندسة؛ والأسنان؛ والصيدلة وغيرها.. كيف يستطيع الطالب الدراسة نظريًّا دون التواجد بالمعامل أو قاعات التشريح وما إلى ذلك.. وهنا أذكُر كيف أن طالبة بكلية الطب حين أشارت لأستاذها أنها لم تفهم كيفية تشريح عضو ما بالجسد قال لها الأستاذ: عليكِ أن "تتخيلي"..

وهنا تتندّر إحدى صديقاتي.. بأنها - مستقبلا- إذا أرادت أن تكشف عند طبيب ما فستسأله أولا: هو حضرتك خريج زمن الكورونا.. زمن التّخَيل؟ فإن كان كذلك فستغادره فورًا لطبيب آخر!

10- أما المساخر التي تحدث نتيجة الحل الجماعي والكتب المفتوحة أثناء الامتحانات على النت فحدّثوا ولا حرج.

11- الأدهى قيام العديد من الطلاب العابثين بـ "تهنيج" موقع الكلية ليتم تأجيل الامتحان لموعد آخر!

لكل هذه المآسي والمهازل التي يتعرض لها أبناؤنا وغيرها والتي لا يتسع المجال لسردها؛ أرى أن العام الدراسي القادم بقليل من الحكمة يمكنه أن يكون على النحو التالي:

بالنسبة للمدارس: فالصفوف الفردية كالأول والثالث والخامس وهكذا وصولا للثانوية العامة.. يتم تحديد ثلاثة أيام فقط يدرسون بمدارسهم بصورة مكثفة، ونتيجة لغياب بقية الصفوف الزوجية فسنجد نصف الفصول خالية، ساعتها يمكن وضع مسافة مناسبة بين الطلاب ليستوعب الفصل نصف عدد التلاميذ -قبل الكورونا- مع وضع احتياطات وأدوات التعقيم عند مدخل الفصول.. ويتم التبادل في الثلاثة أيام الباقية من الأسبوع لطلاب الصفوف الزوجية: الثاني والرابع والسادس.. وهكذا.

بهذه الطريقة يدرس التلميذ ثلاثة أيام، تعقبها أربعة أيام أجازة بالمنزل تُمكنه مِن المذاكرة.. وهي مدة كافية ستقضي بلا ريب على الدروس الخصوصية.

أما طلاب الجامعات والمعاهد والدبلومات، فيمكن لطلاب الكليات النظرية كالحقوق والآداب والتجارة والإعلام والسياسة واقتصاد وغيرها الدراسة العام القادم فقط "أونلاين" إلى أن تعود الأمور لطبيعتها، خاصة وأنهم ليسوا بحاجة ملحّة للذهاب لقاعات الدراسة.

أما طالب الكليات والمعاهد والدبلومات العملية كالطب والهندسة والصيدلة والعلاج الطبيعي والأسنان والبيطري والتمريض وما شابه.. فيمكنهم الانتظام -نظرًا لطبيعة دراستهم- على أن يتم الاستفادة من مباني الكليات النظرية المجاورة لهم، ومن قاعات المحاضرات الخالية من طلاب النظري لإعادة توزيع طلاب العملي، ووضع مسافة مناسبة للتباعد خاصة في المحاضرات النظرية.

أكاد أُجزِم أن هناك استفادات عديدة لو طُبق هذا الاقتراح منها:

1- قلة عدد الطلاب والتلاميذ بالعام الدراسي، والذي ينعكس دون شك على المواصلات والعملية المرورية التي تئن من الاختناقات.

2- مراعاة ظروف الأسر المادية التي لم تعد تقوى على دفع تكلفة مواصلات يومية لأبنائها، خاصة مع بقاء نصف طلاب المدارس أربعة أيام من كل أسبوع بالبيت، وكذلك طلاب الكليات والمعاهد والدبلومات النظرية.

3- القضاء على الدروس الخصوصية والتي سبق أن تناولتها في بداية مقالي.

4- ولن ندفن رؤوسنا في الرمال كالنعام، فكلنا نعلَم أن هناك العديد من الأسر تعتمد على عمل أبنائها لمساعدتهم ماديّا، وأعتقد أن بقاء طالب الكلية النظرية والعاهد والدبلومات في البيت سيوفر لهم وقتًا كافيًا للمساعدة في سد رمق أسرهم، ومعاونتهم على مواجهة أعباء الحياة.

5- إعادة الهيبة والاعتبار للدروس المميزة التي تقدمها وزارة التربية والتعليم بالإذاعة والتليفزيون، والتي أفادتنا أيما إفادة إبّان دراستنا في الصغر.

6- تخفيف العبء على عدد من المدن الجامعية والتي يتم استغلالها في الحجر الصحي.

7- إعادة صيانة لبعض المباني بالمدارس والكليات، في ظل انخفاض عدد التلاميذ والطلاب على مدار الأسبوع.

8- تخفيض عدد الطلاب والتلاميذ للنصف سيمكنهم مِن نيل رعاية تعليمية واجتماعية وصحية متميزة.

9- تخفيف العبء عن كاهل المعلم، كي يتعامل بهدوء مع الطلاب ذوي العدد الأقل.

----------------------

بقلم: حورية عبيدة

مقالات اخرى للكاتب

ترنيمة عشق | صفحة من تاريخ الأفاعي الأسود





اعلان