28 - 03 - 2024

كورونا بين تحقيق الأرباح وفقدان الأرواح

كورونا بين تحقيق الأرباح وفقدان الأرواح

رغم تهافت الدول على إجراء الدراسات للتوصل إلى لقاح يقضي على الفيروس التاجي "كوفيد 19" الذي يسبب مرض كورونا، مصيبًا ما يربو على 4 ملايين و 500 ألف شخص، فقدَ العالم منهم أكثر 300 ألف روح، وفق أحدث الإحصائيات، فإن حربًا دوائية محتملة تلوح في الأفق، ربما تندلع بين هذه البلدان، تقوم أسبابها  على أولوية التوصل إلى اللقاح وأسبقية امتلاك العقار الناجع حال اكتشافه.

ومع أن منظمة الصحة العالمية نادت- ولا تزال- بضرورة توزيع الدواء، كذلك حال اكتشافه، بشكل عادل وإتاحته لجميع دول العالم، لا فرق بين النامي منها والمتقدم، إلا أنه يُشتم رائحة التفرقة القادمة التي بلا شك يأتي قوامها على ما يمكن أن نطلق عليه، "أنا من وبعدي الطوفان"، ثم كيفية تعويض الخسائر الجمة جراء تفشي هذا الوباء..

يغذي هذا الأمر ظهور آراء تؤكد تغيّر شكل العالم من حيث تركيبته الأيديولوجية في مرحلة ما بعد كورونا، حتى إن رأيًا ظن أنْ ستضحى الصين- بؤرة تفشي المرض- صاحبة الاقتصاد الأكبر على مدى عشر سنوات مقبلة، "يُحيينا ويحييكم ربنا طبعًا"، مستدلاً بهروب الرئيس الأمريكي من المواجهة الحقيقية لتفشي كورونا، في البلاد- صاحبة النصيب الأكبر بواقع  مليون و250 ألف إصابة، و87 ألف وفاة.

يأتي ذلك عبر إلقاء ترامب التهم على بكين بأنها المتسبب الرئيس في الوباء، وأنه كان يمكن تجنّبه وحصاره في مدينة ووهان قبل أن يغزو العالم، تارةً، وأخرى يتهمها بمحاولة قرصنة لعمليات بحث للقاح مضاد للفيروس في بلاده، وتارةً ثالثة يعاتب منظمة الصحة العالمية ويتهمها بالقصور في المعاملة مع كورونا، لا سيما مع تأخير إعلانها الفيروس وباءً، بل يعاقبها بمنع تمويل البيت الأبيض لها، قبل أن يعلن لاحقًا دراسة إعادة جزء من التمويل إليها.

وتظل الاتهامات مستمرة ومتبادلة بين أطراف النزاع، حتى إن دولاً كبرى، على رأسها الاتحاد الأوروبي أعلنت تخوفها مما عبّرت عنه، بمفهومنا نحن، أن ثمة بلدانًا تكرّس لمبدأ "ياللا نفسي"، وبين هذا وذاك تحتاج البشرية للتكاتف وتوحيد الجهود، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وتفادي تحول العالم إلى غابة كبيرة، لا قرية صغيرة.

من هذا المِنبر، يُرَى ضرورة أن تعلن جميع الدول المتقدمة والكبرى والمشاركة في الدراسات والأبحاث أن تتيح العقار المضاد لكورونا، حال التوصل إليه، بالمجان وتوزيعه على البشرية قاطبة،  وأن تخلص  النوايا في إنقاذ الإنسانية، لا في تحقيق الأرباح على حساب الأرواح.

--------------------

بقلم: عزت سلامة العاصي

مقالات اخرى للكاتب

«العصفور المفترس».. هل أدرك المحتل حجمه؟





اعلان