31 - 10 - 2024

هل ضاعت فلسطين؟!

هل ضاعت فلسطين؟!

بينما الدراما الخليجية تحاول أن تمهد الطريق لصانع القرار للذهاب بعيداً فى علاقاته مع الكيان الصهيونى, جاء مسلسل " النهاية " لُينعش الآمال مرة أخرى حول إدراك النخبة الحاكمة فى مصر من خطورة هذا الجسم السرطانى داخل المنطقة العربية.

كل ذلك ودولة الكيان تستعد لاستقبال حكومة "وحدة" بين اليمين والأكثر يميناً, بين جانتس ونيتنياهو, وهدفها الرئيسى ضم أراض من الضفة الغربية ومنطقة غور الأردن, ليشعل على ما يبدو حريقاً لن ينطفىء لهيبه حتى يأكل الأخضر واليابس.

النقطة التى وصلنا إليها ليست مفاجأة كما يحلو للبعض استخدام مصطلح الدهشة, وإنما نتاج طبيعى لعقود من الانزياح الطبيعى نحو التطرف والتشدد داخل مجتمع الكيان الصهيونى, وأصوات ذهبت بعيداً بمطالباتها, لدرجة الدعوة لإسقاط المملكة الأردنية الهامشية.

ولمحاولة الإجابة على العنوان, يجب أن نلقى نظرة على الحال فى الداخل الفلسطينى, فوفقاً لجهاز الشاباك الصهيونى قتل 14 إسرائيلياً في سنة 2018، فى حين قتل 9 إسرائيليين خلال سنة 2019 نتيجة عمليات نفذها فلسطينيون, كما جُرح 77 إسرائيلياً في سنة 2018، وذلك مقابل 65 حتى 2019, كما سجل الجهاز 3006 عملية مقاومة في سنة 2018، مقابل 2682عملية سُجلت خلال سنة 2019 في الضفة الغربية بما فيها شرقي القدس، وقطاع غزة، وداخل الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1948.

بالطبع الأمر لا يخلو من مرارة على الجانب الفلسطينى, من واقع يومى مؤلم للأسرى والحياة شديدة الصعوبة فى القطاع المحاصر, كل هذا وذلك يجرى فى سياق إقليمى جديد فرضته خطة السلام الجديدة التى أعلنها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب نهاية يناير الماضى بحضور رئيس وزراء الكيان فى مقر البيت الأبيض والتى عُرفت بـ " صفقة القرن " والتى ضربت بالكثير من المواثيق والقرارات الدولية عرض الحائط ورسخت – أو ربما حاولت – مفهوماً ومقاربة جديدة لحل الصراع الممتد منذ أكثر من مائة عام.

بالطبع المشهد " المسرحى " الذى جرى فى واشنطن لم يكن بداية, وإنما نتاج طبيعى كما يرى كاتب هذا المقال من مقدمات, بل وأكثر من ذلك, فالتقرير الاستراتيجى الفلسطينى لعام 2018 – 2019 الصادر عن مركز الزيتونة يؤكد سعى الصهاينة من خلال تلك الاجراءات لتوسيع دولتهم على كل فلسطين التاريخية, وأن المقاربة الفلسطينية – العربية ما بعد أوسلو فشلت فى مقاربة المعضلة الرئيسية للصراع فى المنطقة.

ومع المواقف الفلسطينية المعلنة من صفقة السيد ترامب, واستمرار حالة الهوان العربى المخزية, يرى الدكتور جورج جقمان فى مقالة بمجلة الدراسات الفلسطينية من أن إقدام دولة الكيان على تهجير واسع النطاق قد تؤدى إلى تثوير الوضع فى الأردن وربما فى المنطقة المحيطة بأكملها, هذا السعى الصهيونى المسعور يقابله حالة مما يمكن أن نسميه استسلاماً فلسطينياً لـ " الأمر الواقع ", فنحن لا نعلم حتى اللحظة ما هو مصير الانتخابات الفلسطينية التى كان مقرراً لها أن تُعقد, ناهيك عن مشكلة خلافة السيد أبو مازن فى أعلى كرسى السلطة, بالإضافة لذاك الجرح الغائر المتمثل فى الانقسام الفلسطينى !

قد يستطيع الصهاينة فى هذه اللحظة التاريخية العبث بفلسطين كوحدة سياسية, بل وإلغاءها, لكن هل يستطيعون حذف الأرض ومن عليها من شعب !

-----------------------

بقلم: أحمد بهجت صابر

صحفى بجريدة الأخبار المسائى – مؤسسة أخبار اليوم

مقالات اخرى للكاتب