قد يُفهم حديثي بمقصد لا أرغبه أو يُشاع شيء لا استحسنه أو اتهم جمع لا أقصد إلا مُفرده.. تعرضت طفلتي الصغيرة نادين (5أشهر) لحادث سقوط من ارتفاع للأرض بقوة في الساعة الواحدة من صباح الأربعاء لدرجة دخولها في حالة شبه غيبوبة وشعرت بخروج روحها إلى مالكها.. ولكن مالك الملك رحيمًا.
فانتقلت مسرعًا لمستشفى خاص بالأطفال بالمدينة (دار الرواد للأطفال) فكان الجميع في احتياطات من كمامات ونظافة وتعامل راق، فطلب مني الانتقال لمستشفى المنيا الجامعي، فذهبت لمستشفى خاص أخرى داخل المدينة هروبًا من الحكومية وكانت مستشفى (الأمل) فطلب الطبيب بالذهاب أيضًا إلى المستشفى الجامعي لإجراء أشعة مقطعية على الرأس بسرعة لاشتباه ب(كسر في الجمجمة) فوصلت لمستشفى المنيا الجامعي بالسيارة قرابة الواحدة والنصف والطفلة في حالة يُرثى لها ولكن في الطريق (25كيلو متر) أوقفتني قرابة خمسة أكمنة من قوات الشرطة وهنا تبدأ الحكاية: كانت تعاملهم راق جدًا وطلب أحدهم مساعدتي في أي شيء لدرجة في أثناء انتقالي من مستشفى إلى أخرى فجرًا كانت قيادتي للسيارة عكس الاتجاه في ظل عدم وجود سيارات نهائيًا واستوقفتني قوة الشرطة والمرور ولكن تعاملهم كان بكل خير واحترام وتقدير للموقف وتعامل لا مبالغة فيه ولا مجاملة نحوهم..
ولكن ما رأيته من وفي مستشفى المنيا الجامعي من المحزن نطلق عليها مستشفى لا جامعي ولا أي شيء فمذ دخول البوابة والأمن الخاص بلا كمامات ولا بوابات التعقيم المتروكة بلا استعمال في ركن بعيد هادي فقرابة (10) منهم متجمعين في حالة ضحك هستيري بالقرب من الاستقبال وغرف الجراحة وكأنهم يشاهدون مسرحية (مسرح مصر) تتوسطهم سيدة لدرجة من كثرة تلك الضحكات أفزعت الطفلة في أثناء الدخول، وبالانتقال للاستقبال للبحث عن طبيب مخ وأعصاب لم أجد إلا طبيب جراحة طلب مني (واقف متكًا على الحائط ينظر في هاتفه لا يبالي بالحالة نهائيًا).. فشرحت له الحالة فلم يتكرم بالكشف عليها حتى.. ولكن طلب مني الذهاب لمستشفى سوزان مبارك للأطفال والولادة لعمل الأشعة لعدم وجود أشعة مقطعية بالمستشفى ؟!! بالفعل وصلت إلى هناك وكان في استقبالنا (10) كلاب سوداء اللون تعوي بصوت عال داخل المستشفى وعند الدخول بالحالة طلبوا أولا تذكرة قبل أي إجراء بالدخول من بوابة التعقيم المغلقة ليلًا، فكان في الاستقبال طبيبة صغيرة السن وحيدة تتحدث في الهاتف المحمول منذ دخولي المستشفى حتى خرجت منها(3 ساعات) فنزلت لأسفل المستشفى للأشعة في متاحة من كثرة السلالم والغرف دون ارشاد، فأيقظت الشاب الرحيم من نومه ويُدعى( طارق) فني الأشعة وتم فتح غرفة الأشعة ولكن الطفلة تتحرك برأسها ولا يصلح ذلك في إجراء الأشعة فطلب مني تخديرها فرجعت للطبيبة فوجدتها تتحدث في هاتفها أيضًا فقالت لا بد من (تعليق مخدر أو إعطاء دواء كالوري 2سم كمنوم) فقلت الدواء أفضل وهو كالعادة غير موجود فخرجت لصيدلية فجرًا للبحث عنه فوجدته بصعوبة بالغة، وبدخول المستشفى طلب مني الاستقبال( ولكن كان شاب محترمًا) بدفع ثمن الأشعة قبل الإجراء في أثناء إخراج النقود تحطمت الزجاجة الأخيرة الموجود في الصيدلية (كالوري) فاضطررت إلى تعليق المخدر ووفرت أخرى من الصيدلية ولكن رفضت معدة الطفلة الدواء، فذهبت للطبيبة التي ما زالت تتحدث في هاتفها؟! وقالت انتظر حتى يأتي رجل الاستقبال يضع (الكليونا)؟! فجاء شخص لا أعرف هو طبيب أو أمن، وهي لا تعرف تركيبها؟! انتظرته قرابة نصف ساعة حتى يُصلي الفجر غفر الله لهم.. وحتى الآن الطفلة في حالة صعبة من الواحدة حتى الرابعة والنصف فجاء بالفعل وتمت الأشعة ووصفت بأنها (كسر في الجمجمة) وفق تشخيص فني الأشعة.. فرجعت للطبيبة وما زالت تتحدث في هاتفها وابلغتني لا تشخيص لديها (حضرتك تذهب للجامعي) ووصلت قرابة الخامسة والنصف صباحًا فلم أجد طبيب بالجامعي (ولكن في طبيب المخ في العمليات) فطلب منى الاستقبال انتظاره وبالفعل حدث وخرج ووصف الحالة بكسر او شرخ قد يزيد وضعه في الجمجمة وطلب المتابعة حتى العاشرة صباحًا، وتعجب الطبيب صارخًا إعطاء طبيبة سوزان مبارك للأطفال دواء (كالوري) للطفلة فهو خطر عليها وخاصة بعد ترجيعها له.. وطلب الطبيب (سونار) على المعدة لشكه في إصابتها، فطلب الاستقبال تذكرة دخول أولًا ولكن كان شاب الاستقبال قمة في الذوق، فذهبت ممرضة أولًا لمسئول الأمن للتبليغ عن الحالة فلم نجده وبالتالي لا يحق لها الدخول إلا بذلك ولكن الممرضة أهملت ذلك.. وقالت الأهم نطمئن على صحتها ب(السونار)، فأيقظت الممرضة طبيبة لإجراء السونار وبعد(15) دقيقة خرجت بكمامة وبطريقة تعامل بغضب معنا في الخامسة صباحًا استيقظت، وصرخت في وجه زوجتي بسرعة لإجراء السونار.. وكل هذا لم بلغ أحد أني دكتور جامعي، فخرجت من المستشفى أسفًا لأوضاعها فهذا لا يعني سخطًا أو إهانة لأحد أو التقليل من دور الأطباء ولكنها الحقيقة التي حدثت والبعض قد يُلمح بعدم نشر ذلك الوضع في الوقت الحالي والظروف التي يُحارب فيها الجيش الأبيض المرض وهناك اهمال حتى في الوقائية الشخصيةن ولكن انقل الصورة لنقارن بين نوعيات من الأطباء والمستشفيات التي تحارب من أجل بقاء مريض مسن يتعدى عمره 88 عام من فيروس كورونا وبين آخرين لا مبالاة ولم ينظروا إلى عين أب وأم أو إلى حالة طفلة لا تعرف اسمها بين الحياة والموت من بينهم يواجه الموت كل ثانية وآخرون لا تفرق معهم حياة طفل يتألم.... إنه يا سادة الاختيار.
---------------------------
بقلم: د. هشام الفولي
أستاذ جامعي والمقال نقلا من صفحته على فيس بوك