28 - 03 - 2024

كوهين يغرد منفردا

كوهين يغرد منفردا

مناسبتان مرتا هذا الإسبوع وهما يوم الشهيد وتحرير سيناء ولم يتناولهما كاتب واحد في صحيفة خاصة أو قومية.. يقول إيدي كوهين في تغريدة له على تويتر ضمن هاشتاج أطلقه "فلسطين ليست قضيتي"، وهو هاشتاج يقصد من ورائه استغلال الفراغ السياسي في البلاد العربية ليقوم هو بتوجيه الدفة كما يشاء وذلك بتوجيه بوصلة الكراهية العربية للأتراك والفرس.

وقد قال كوهين منتشيا: إن أكثر ما أسعدني حقا هو أن مرتادي المواقع الاجتماعية من الكتاب والمغردين العرب لم يتعرض أحد منهم بالكتابة عن هاتين المناسبتين مما يدل دلالة أكيدة  على أن فلسطين لم تعد حقا قضية العرب بعد أن أدركت الشعوب العربية أن الرؤساء الحنجوريين استغلوا هذه القضية للتلاعب بشعوبهم وابتزازها.

والحقيقة إن عدم وجود قضية حقيقية تشغل الفكر العربي شجع كتيبة الموساد على أن تتطوع، وتقوم بتوجيه الفكر العربي للناحية التي يريدونها وقد انتهجوا في  سبيل ذلك نهجين:-

النهج الأول.. هو تعزيز شعور الشعوب بكراهية الحكام وذلك باستخدام حقيقة واحدة ليبنوا عليها ألف كذبة مستغلين ذراع موسادهم الطويل الذي يصل للحكام في غرف نومهم الخاصة.

والنهج الثاني هو استغلال التغريدات والبوستات التي ينتقص فيها مواطن عربي من مواطن عربي آخر في دولة عربية أخرى، وحبذا لو كانت الدولة المنتقصة هي مصر، باعتبارها محور العرب واستقرار عقيدة كراهية العرب لمصر وكراهية مصر للعرب سيصب في صالح إسرائل لأبعد مدى.

والحقيقة التي يجب أن نرد بها على إيدي كوهين وكتيبته الموسادية، هي أن اليهود هم عدونا الأول وفلسطين هي قضيتنا الأولى وأن مزاعمه بأن العرب أبناء عمومته الذين يحبهم هي مزاعم كاذبة لأنه ببساطة ليس إلا ذئب يتحايل على حملان طيبة.

فكيف تكون صديقي وأنتم تؤكدون أن حدود إسرائيل من النيل للفرات، وأنكم ترفضون وضع دستور لأن الدستور يعني وضع حدود لدولة محددة وأن نشيدهم الوطني يصنف تحت العنصرية والإرهاب.

وعلى ذكر الإرهاب، فلإسرائيل صلة ومصلحة بإشعال واستمرار الإرهاب في سيناء، لأنه لم يظهر إلا بعد أن تركتها إسرائيل، ما يعني أن الإرهاب جاء بديلا عن الفراغ الأمنى والتنموي الذي تركه غياب إسرائيل، ولم تملأه الدولة المصرية التي لم تظهر لسيناء سوى العصا الأمنية.  فإسرائيل ما زالت ترى أنها  أولى بسيناء من مصر، لأن العبرة هي بمن يعرف قدر المكان وطريقة التعامل معه تطبيقا لنظرية كارل ماركس الأرض لمن يزرعها والكتاب لمن يقرؤه. وهو نفس المبدأ الذي بررت به إسرائيل والدول الاستعمارية استعمار فلسطين وغيرها أي بنظرية الفراغ والبقاء فيها للأقوى. وإسرائل تدعم الإرهاب حتى يكون مبررا  لها لدخول سيناء لتحاربه قبل أن يستفحل خطره ويصل إليها. ولا تتورع إسرائيل من أن تطوع نظريات القانون الدولي بما يسند مزاعمها على الأقل فيما يتعلق بنظرية التدخل الاستباقي وهي التي أسست لهذه النظرية عام 1967.

وما دام الإرهاب خطرا عالميا فقد تمكنت إسرائيل من الربط بينه وبين الإسلام والمقاومة الإسلامية في فلسطين ولبنان، رغم أنها لم تربط بين الإسلام والإرهاب عندما كانت المقاومة الفلسطينية تقوم بها فتح وبقية الفصائل العلمانيةّ!!

لا شك أن إسرائيل قد استغلت أزمة التيار الإسلامي في مصر والعالم لكي تقول صراحة إن أعداء إسرائيل هم أعداء العرب والمسلمين جميعا، وإنهم (إسرائيل والعرب) في خندق واحد ضد هذا العدو المشترك الذي استخدم الإرهاب ستارا له، وهذا العدو المشترك كما تقول إسرائيل هو حماس وحزب الله وداعش (تنظيم الدولة الإسلامية)، رغم أن الصحيح هو أن أعداء العروبة والإسلام هما داعش وإسرائيل واحتمالات العلاقة بينهما واردة.

استغلت إسرائيل في هذه النظرية أن داعش عدو الجميع ولو نظريا، وأن المقاومة الإسلامية لا تحظى الآن - فيما يبدو - بالإجماع العربي والدولي. ولذلك شددت إسرائيل على أن الإرهاب هو الرابط بين هذه الأطراف، وأن مقاومة هذا الإرهاب يجب أن يكون هو الرابط بين الأطراف المسالمة التي يستهدفها هذا الإرهاب.

و كلما زادت وتيرة الإرهاب وهددت الأوطان العربية، زادت كراهية الشعوب لهذه الأطراف، وأصبحت إسرائيل في مأمن من غضب هذه الشعوب ما يسمح لها بإبادة الشعب الفلسطيني ما دام مقاوما ضد البطش الرسمي ومن قطعان المستعمرين اليهود الذين أحرقوا الأطفال أحياء وضاع صدى الكارثة في تضاعيف الكوارث التي صنعتها إسرائيل لبقية الأوطان العربية.

وما دامت سيناء مشتعلة والجيش منهمك ضد الإرهاب، فإن إسرائيل ستزيد الإرهاب اشتعالا، طالما أن معركة الإرهاب تتصدر أولويات النظام في مصر بحق وتعفيه من أي تقصير حتى يتابع هذه القضية التي تعرض الجيش وسيناء لأقصى المخاطر.

"إن إعادة النظر في ملف سيناء وملف الإرهاب وطرق مواجهته والحفاظ على سيناء من المؤامرة، يمثل تأكيدا عمليا على أن سيناء وأهلها جزء عزيز من هذا الوطن، وهو أساس الإستراتيجية المطلوبة لأن الخطر يحيق بالوطن بأكمله وبسيناء وبالجيش المصري"

فهل ستتركون إيدي كوهين يغرد منفردا أم هناك من يتصدى له ؟
----------------------------
بقلم: بدوي الدقادوسي

مقالات اخرى للكاتب

رسالة للسيدة





اعلان