28 - 03 - 2024

كورونا محنة ربما تبطن المنح

كورونا محنة ربما تبطن المنح

 من يتأمل ما يمر به العالم يجد أن تلك الأزمة وحدته بشكل كبير ربما لم يسبق له مثيل.. هل كنا نتخيل أن هذا الكوكب الذي كان قد أوشك على أكل بعضه البعض من أجل المصالح يعيش هما واحدا في نفس اللحظة، وربما كنا على مشارف حرب عالمية يتوقعها البعص نظرا للصراعات الكبيرة بين من كانوا يظنون أنهم أقوياء ولن يقدر عليهم أحد، جاءت تلك الأزمة العالمية التي وصفت بالجائحة لتجعل الجميع يقف وقفة تأمل سواء على مستوى الأفراد أو الدول وإن كان ذلك بشكل ليس بالكبير الآن، لأن الأولوية هى للخروج من هذا الوضع الذي لا ينحسر في تخلص كل دولة منه على حدة فقط وإنما لابد أن ينتهي الأمر في كل مكان بالعالم.

فالدولة التي يمكنها السيطرة عليه سوف تضطر للإنكفاء على نفسها، وغلق حدودها وعدم التعامل مع باقي العالم وذلك أمر لا يمكن حدوثه وتكلفته باهظة لأي دولة ولا يمكن تحملها خاصة بعدما تحول العالم إلى قرية صغيرة تربطها المصالح المشتركة.. لذلك فهي بالفعل جائحة عالمية وضعت الجميع في سلة واحدة ومن المؤكد أنها ستعيد تشكيل العالم على أسس جديدة وكذلك المجتمعات ولن يكون قبلها كبعدها أبدا. 

أما الوقفة الكبرى ستكون بعد الإنتهاء التام من هذا الوضع المأساوي حيث ستكون هناك ترتيبات جديدة على أسس مختلفة تماما في ظل المستجدات، وهنا الفائدة الكبرى للأزمات والمحن على عكس ما يمكن أن نرى في بدايتها بل نستطيع أن نقول أن فوائدها أكبر من فوائد المنح بكثير، والدليل أننا إذا تخيلنا العكس..على سبيل المثال ماذا لو أن خيرا كثيرا اجتاح العالم بأي شكل من الأشكل ولكل شخص أن يتخيل كيف سيكون ذلك.. لكن السؤال هل كان سيوحد العالم هذا الخير بهذا الوضع الذي نراه أم كان من الممكن أن يكون سببا في إشعال الحروب بين الدول وكل منهم يحاول نيل النصيب الأكبر منه، وربما تسبب في هلاك الجميع ذلك الذي نظنه خيرا وعطاء. 

وأعتقد أن وضع العالم ما قبل الأزمة والذي أشرت له دال على ما أقوله.. أما على المستوى الإجتماعي فقد عادت قيم كنا قد أوشكنا على نسيانها تماما.. وسادت روح التكافل والترابط المجتمعي بشكل كبير على الرغم من أن الحل الأوحد إلى الآن لمقاومة كورونا هو التباعد الإجتماعي وعدم الإختلاط، إلا أنه في ظل ذلك نرى اتصال المشاعر بين الناس وإن تباعدت الأجساد، وكيف أن الرحمة التي كانت توارت قد عادت.. فلم يكن أبدا من الممكن أن يقف شخص بسيارته الخاصة ليعرض على بعض من ينتظرون وسيلة مواصلات الركوب معه دون طلب منهم، وقد شاهدت ذلك حيث كنت أقف وآخرين قبل بدأ وقت الحظر بقليل وكدت أن أفقد الأمل في العودة إلى المنزل، و فجأة وقف شاب ليعرض علينا الركوب حيث نحن في طريقه لينقذنا من وضع لا نحسد عليه ودون مقابل أو سابق معرفة، ذلك فضلا عن التبرعات بالسلع والمواد الغذائية التي تم توزيعها من قبل القادرين في أماكن كثيرة، ولا أستطيع أن أقول أننا أصبحنا في الجنة وأنه لا يوجد للأسف من يتاجر بالأزمة، ولكن يظلون قلة مفضوحة يلحقها العار وسط هذه الحالة العامة من التراحم ولا يتسع المجال لذكر الكثير من الأمثلة الجيدة والمواقف النبيلة، ولكن أعتقد أن كل شخص لديه العديد منها شاهده بنفسه أو سمع عنه. 

كل ذلك يدل على أن المحن ربما تبطن المنح وأن غدا أفضل بالأمل والتفاؤل إن شاء الله.
------------------------
بقلم: السعيد حمدي

مقالات اخرى للكاتب

المصريون نسخة أصلية





اعلان