19 - 04 - 2024

خلف الكواليس.. صراع أجهزة الإستخبارات بين الشرق والغرب في حرب كورونا الكونية

خلف الكواليس.. صراع أجهزة الإستخبارات بين الشرق والغرب في حرب كورونا الكونية

تلعب أجهزة الاستخبارات دورًا متزايدًا في الحفاظ على سلامة دولها خلال جائحة كورونا التي تجتاح العالم حاليا بكل الوسائل الممكنة، حيث ترى الدول أن وباء كورونا ليس مجرد أزمة صحية، إنما تهديد غير مسبوق للأمن الوطني والدولي، كما أن محاربته، مثلما يؤكد قادة الدول، ستؤدي إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا، كما يحدث في الحروب.، هذا بحسب ما أكدت مجلة "فورين بوليسي"، في موضوع لها جاء تحت عنوان "الجواسيس يقاتلون من خلف الكواليس ضد فيروس كورونا".

وستلعب أجهزة الاستخبارات دورًا رئيسًا في هذا الصراع، كما حدث خلال الحروب السابقة عبر التاريخ، وهذا الدور سيتم بشكل كبير خلف الكواليس، ولكن تلك السرية لن تقلل على الإطلاق من أهميته.

وكشفت المجلة أن هناك 4 وسائل ستساهم من خلالها أجهزة الاستخبارات في الحرب ضد ”كوفيد-19″، على رأسها تقديم التقييمات المطلوبة إلى القادة السياسيين حول انتشار الفيروس وتأثيره.

وأصبحت أجهزة الاستخبارات الأمريكية حاليًا في خط المواجهة الأول في محاربة ”كوفيد-19″، ويقوم المركز الوطني للاستخبارات الطبية، الذي يتخذ من "فورت ديتريك" بولاية ميريلاند مقرًا له، والمدجج بعلماء الأوبئة والفيروسات، وغيرهم من الخبراء، حاليًا بفحص جميع التقارير الاستخباراتية الواردة حول ”كوفيد-19، وهذا المركز الذي تم بناؤه ليكون خليفة مركز آخر خلال فترة الحرب الباردة، أصبح عين وأذن الولايات المتحدة منذ العام 2008، فيما يتعلق بالتهديدات البيولوجية.

وأضافت المجلة "في يناير وفبراير من العام الجاري، تلقت إدارة الرئيس دونالد ترامب تحذيرات من أجهزة الاستخبارات الأمريكية، إزاء التهديد الذي يمثله انتشار فيروس كورونا، الذي انطلق من ووهان الصينية ليكون وباءً عالميًا"، وقالت التقارير إن ترامب تجاهل تلك التحذيرات الاستخباراتية، ولم يكن سوء تقدير الموقف نابعًا من الاستخبارات الأمريكية على خلفية فشلها بتحذير صناع القرار الأمريكيين، ولكنه كان فشلًا سياسيًا، ربما يكون أحد أسوأ وأخطر السياسات الفاشلة في تاريخ الولايات المتحدة.

أما الوسيلة الثانية التي تستعين بها أجهزة الاستخبارات خلال المساهمة في الحرب على ”كوفيد-19″، هي سرقة الأسرار والتجسس، الذي يشتهر بالسرقة أيضًا، يضطلع باكتشاف المعلومات التي يعتبرها الآخرون أسرارًا.

وبوجود وباء ”كوفيد-19“ فإن أجهزة الاستخبارات الأمريكية ستكون قادرة على إمداد واشنطن بمعلومات فريدة من نوعها، وغير متوافرة لدى مصادر أخرى، حول أسرار الدول الأخرى المتعلقة بالفيروس، والتي يمكن أن تحدد ما إذا كانت الأرقام الحكومية الرسمية حول معدلات العدوى دقيقة أم لا، وهذه الأسرار من الأهمية لاستكشاف الوضع الحقيقي في الأنظمة المغلقة، مثل: الصين، وروسيا، وإيران، وكوريا الشمالية.

ووفقًا لتقديرات وكالات الاستخبارات الأمريكية، فإن الصين أخفت الأرقام الحقيقية لتفشي الوباء في البداية، في الوقت الذي ثارت فيه الشكوك حول الأرقام الرسمية في روسيا حول العدوى بـ“كوفيد-19″، في البداية، ولكنها الآن فرضت عمليات إغلاق صارمة، وسيكون لوكالات الاستخبارات الأمريكية وشركائها أدوار رئيسة في تحديد الأرقام الرسمية، وبعض تلك المعلومات ستأتي عن طريق التجسس، والبعض الآخر سيكون من خلال الوسائل الاستخباراتية التقنية.

الوسيلة الثالثة ستتمثل في الدور الذي ستلعبه أجهزة الاستخبارات للتصدي لفيروس ”كورونا“، والأوبئة المستقبلية، من خلال الحملة المضادة للمعلومات المضللة، وتخوض بكين وواشنطن حاليًا معركة دعائية حول الدولة التي تتصدر العالم في محاربة ”كوفيد-19″، وما إذا كانت الدول الديمقراطية أو غير الديمقراطية هي الأفضل في حماية المواطنين.

ففي الوقت الذي تتضاعف فيه أعداد المصابين بالعدوى بالولايات المتحدة، فإن عدد الوفيات في أمريكا الآن يفوق الصين، ما يجعل واشنطن هي الخاسرة حاليًا في معركة القوة الناعمة، ومن أجل تشويه سمعة الولايات المتحدة علانية، فإن الحكومة الصينية روّجت لنظرية المؤامرة، بأن الجيش الأمريكي هو المسؤول عن جلب فيروس كورونا إلى الصين.


وقالت المجلة الأمريكية:"ليست مفاجأة أن تكون المجتمعات في حالة فوضى ورعب وتشتت، في مواجهة فيروس جديد قاتل، ليس له علاج، ما يجعلها أكثر عرضة للمعلومات المضللة، سواء عن طريق الدول او بطرق أخرى، وفي مثل هذه الظروف، فإن الطبيعة البشرية تميل نحو البحث عن تفسيرات، والبحث عن اليد الخفية للحكومات الأجنبية، بطريقة ربما لا تستطيع شرح هذا الطرح غير القابل للتفسير".

وخلال الحرب الباردة، استعانت الولايات المتحدة بإستراتيجية ناجحة في مواجهة المعلومات المضللة من جانب الاستخبارات السوفييتية السابقة، المعروفة باسم (كي جي بي) ، حول فيروس الإيدز، وفي مطلع الثمانينيات أسس الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريغان مجموعة عمل للإجراءات النشطة، عرفت باسم AMWG، وكانت إستراتيجيتها معتمدة على 3 مراحل، هي: تقديم المعلومات، والتحليل، وأخيرًا الإعلان عنها، وقامت بكشف المعلومات المضللة التي قدمتها استخبارات الاتحاد السوفيتي ”كي جي بي“.

وهذه الإستراتيجية يمكن تطبيقها في مواجهة التضليل المتعلق بـ“كوفيد-19″ الآن، حيث يمكن أن تقوم الولايات المتحدة بالاستعانة بنموذج مشابه لمجموعة عمل AMWG لمواجهة المعلومات المضللة، ولكن في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، فإن تلك الجهود يجب أن تكون أسرع، وتتطلب التعاون من شركات السوشيال ميديا، والتي تجعل من المعلومات المضللة وسيلة أسرع وأرخص وأسهل من حيث الانتشار بصورة غير مسبوقة في التاريخ.

الوسيلة الرابعة والأخيرة التي تستطيع من خلالها أجهزة الاستخبارات مواجهة ”كوفيد-19“ والأوبئة الأخرى هي المراقبة، حيث تمتلك الأنظمة السلطوية مثل الصين مزايا داخلية مقارنة بالديمقراطيات الغربية الليبرالية، إذ استعانت بنظام رقابة جماعي داخلي لمواجهة الفيروس، من خلال استخدام هوية رقمية لتتبع أنشطة المواطنين، ورصد مكافآت لمن يقوم بالإبلاغ عن الجيران المصابين بالعدوى.

وعلى النقيض، فإن الأمريكيين لم يبدأوا في مناقشة هذا الموضوع السياسي الملح، المتعلق بانتهاك الخصوصيات من أجل حماية الصحة العامة، وتتبع العدوى. وإسرائيل، أحد أقرب حلفاء الولايات المتحدة، قامت بنشر نظام مراقبة رقمي على مستوى الدولة، باستخدام تقنية التتبع والتجسس عبر الهاتف، وذلك لتحديد مواقع العدوى، وتقديم المعلومات للأشخاص المعرضين للإصابة.

وحتى يتم العثور على علاج لفيروس كورونا، والذي من المتوقع أن يستغرق فترة تتراوح بين 12 إلى 18 شهرًا، فإن الأمريكيين يتعين عليهم تحديد ما إذا كانوا مستعدين للاستعانة بأنظمة مراقبة مثلما فعلت إسرائيل، بغض النظر عن الصين، وأين يكمن التوازن الأمريكي بين أمن الصحة العامة والحريات المدنية؟، وهل ستكون الرقابة الرقمية دستورية في الولايات المتحدة؟، وما الضمانات التي يمكن أن يطلبها الأمريكيون فيما يتعلق بالمعلومات المطلوب جمعها.

وأدلى ترامب بالعديد من البيانات المضللة والخاطئة عن ”كوفيد-19“ وانتشاره، وعلى العكس من رؤساء سابقين، فإن ترامب شكك في مصداقية الحكومات، وزعم ترامب خلال هذا الأسبوع أن كل الدول تقدم معلومات مضللة حول الفيروس، وهو ما يعني ضمنًا أن هذه ليست أزمة كبيرة.

وختمت "فورين بوليسي" تقريرها بالقول :"على أي حال، فإن الوسائل الأربع السابق ذكرها حول الدور الاستخباراتي من المؤكد أنها ستلعب دورًا بارزًا بهزيمة كوفيد-19"، وعندما تتم إماطة السرية عن الوثائق المتعلقة بحالة الطوارئ الصحية اليوم، في نهاية المطاف، فإنه من المتوقع أن يتم الكشف عن الدور الذي لعبته أجهزة الاستخبارات في مساعدة الحكومات، من خلال العمليات السرية.

وقامت الاستخبارات الإسرائيلية، الموساد، بعملية سرية لشراء أجهزة اختبار ”كوفيد-19″، من الخارج. ولن يكون من الصعب تخيل قيام دول أخرى بعمليات مشابهة، وفي النهاية، فإن أجهزة الاستخبارات ستكون الملاذ الأخير لصالح سيادة الدول“.






اعلان