27 - 04 - 2024

وجهة نظري| كورونا وعشق الحياة

وجهة نظري| كورونا وعشق الحياة

في لحظات اليأس تسود الدنيا في عيوننا ..تغلف كل مشاهدها قتامة مقبضة ..نختنق .. تتردد أنفاسنا بصعوبة.. نرى كل الأبواب موصدة.. وشموس حياتنا كلها راحلة. وكل أقمار دنيانا مظلمة.. نفقد طعم البهجة.. تختفى الفرحة ..تضيع كل ملامح السعادة من وجوهها فيزيدها الهم عجزا وبؤسا وإنكسارا .نشعر وكأننا حطام بشر ..بقايا أناس محطمة ..أموات حتى وإن بقيت أجسادهم قيد الحياة ..

عندما تلفنا تلك الحالة من الحزن .. عندما نصل لذلك الإحساس بالعدم .. ونستسلم لتلك الحالة من الإكتئاب والإحباط وقتها نتمنى اقتراب الموت ليحسم تلك الحالة المتأرجحة بين الحياة واللاحياة.

ربما نكون صادقين بالفعل في تلك المشاعر .. آملين بقرب الخلاص، متعجلين النهاية ..لكن ما أن يتراءى لنا شبح الموت حتى نستنفر كل قوتنا لمواجهته مؤثرين التمسك بالحياة .

أزاح كورونا رغم قسوته ذلك الوهم المسيطر على البعض بعشق الموت ..ب عدما أثبت أن الجميع عاشق موله بالحياة ..

ماإن تراءى شبحه حتى أيقظ فينا كل الحماس لتجنبه والهروب منه للنجاة من مخالبه ..

نتحصن ببيوتنا . ونباالغ في تعقيمها ..نتحمل بصدر رحب روائح نفاذة كنا نتجنبها زمن رفاهيتنا الذى ولى لكنها باتت طوق النجاة الوحيد نتثبث بها بقوة علها تنجح في الفتك بذلك المتربص لحصاد الأرواح ..

نتابع بقلق سعيه الخبيث للنيل من البشرية . من اقصى الأرض إلى أقصاها ..بلارحمة والأهم بلا تمييز وربما تكون هي حسنته الوحيدة.

لم يستهدف فقط تلك الأجساد المهمشة الواهنة المستكينة ..لم يوجه مخالبه للنيل من البؤساء التعساء المستضعفين في الأرض . لم يقتنص دون هوادة الشعوب المقهورة المغلوبة على أمرها . بل باغت الجميع ..حكاما ومحكومين .أغنياء وفقراء ..ظالمين وظلمة سعداء وأشقياء ..رحماء وقساة قلوب ..صحيح أنه لم يفلح حتى الآن في أن يصيب من هول جزعه أحدا بالتغيير فقط لكنه ايقظ في نفوس الجميع عشق الحياة ..بث فيهم روح التحدى والمقاومة ..تحدوه بالغناء .بالضحك .بالسخرية ..بالتصفيق لمن لايتوانون عن تقديم كل جهدهم لدحر الفيروس المسيطر وإخماد نشاطه وتجبره وسيطرته وتربصه .

نقاوم بيقين أن الغلبة ستكون لنا في النهاية ..حتما سيخرج الإنسان فائزا منتصرا ..ليس في ذلك شك .لكن المؤكد أيضا أنه سيخرج بلا حكمة ولاعظة ولا أدنى تغيير . وربما أكثر قسوة وتجبرا وانانية ..ومثلما قاوم عشقا للحياة سيظل في سعيه الدائم للسيطرة والهيمنة والتسيد .كورونا البشرى الكامن فينا اشرس كثيرا من هشاشة كورونا الفيروس الذى نتجنبه ونحاربه ونخشاه .

-------------------------

بقلم: هالة فؤاد



مقالات اخرى للكاتب

وجهة نظري | إنسانية اللا عرب





اعلان