26 - 04 - 2024

«كورونا».. بين اختفاء الكمامة وانتشار القمامة

«كورونا».. بين اختفاء الكمامة وانتشار القمامة

ما أصعبها من لحظة حين تفكر في الكتابة بعد فقدان شقيق غيّبه الموتُ قبل أن يقضِ في عش عروسه سوى أقل من شهر.. نعم قبل 5 أشهر بالتمام والكمال اقتُصم ظهري حينما تلقيت نبأ الحادث الأليم، حاول الجميع أن يربت على كتفي، لكني لم أسطع أن أواصل الصمود حتى أصابني مرض «الضغط»، وأنا الذي لم أكمل العقد الرابع من العمر، ولكن ما فائدة العقود وأنت، «شقيقي»، الذي مررتَ للتو بالعقد الثالث.. أحاول كل يوم أن أهاتف والدتي وأحملها على الصبر، وأنا الذي لم أقو عليه، فما بال الأم التي ولدت وربّت وتعبت، كان الله في عون كل أم فقدت قطعة من لحمها..

وما حملني على محاولة الكتابة هذه شكوى صديق وزميل «تختة» في معظم مراحلنا التعليمية يعمل طبيبًا حاليًا في أحد المستشفيات العامة.. شكا لى أنه اضُطر لدخول غرفة العمليات لإجراء عملية جراحية من دون كمامة، تخيلوا لم يجد كمامة كان يصل سعرها قبل أزمة القرن «كورونا» إن جاز التعبير، دون الجنيه، أضحى الآن يتعدى سعرها خمسة أمثال، إن وُجدت.

أقول رغم وجود مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تُظهر أكوام قمامة في بعض شوارع القاهرة، ليستنكر مروجوها كيفية محاربة كورونا بالكورونا في إشارة إلى هكذا الأكوام..

القمامة التي في الشارع ليست بالضرورة أن تكون ملموسة، أو مادية، فهناك تصرفات من البعض تشبه القمامة، وإن كانت غير مادية.. اختزان المواد التي تُستخدم في مكافحة الفيروس نوع من أنواع القمامة، استغلال الموقف من قبل بعض تجار السلع جزء من القمامة، غلاء الأسعار بدعوى الإقبال الجماهيري الكبير لا يقل عن أرباب القمامة. وهلم جرا.

ربما عاب البعض على إرسال قوافل طبية تحوي أطنانًا من الكمامات إلى الصين، بؤرة تفشي المرض، والتي أضحت أيضًا بارقة أمل القضاء عليه، كونها لم تسجل أي حالات محلية لليوم الثالث على التوالي.. لكن مصر هي هكذا، أطعمت العالم وقت أن عاش سنوات عجافًا، هي لا بحكوماتها أو مسؤوليها، هي بشعبها دائمًا جوادة حتى ولو اقتطعت من أقواتها، هي هكذا قبلنا أم أبينا، هاك هي حالها.. ولها رب يحميها مهما تعرضت لنكبات، لا أحد يشك في ذلك.. فلا تعيبوا هذا التصرف التلقائي..

هذا الأمر التلقائي وقبله والحفظ من الله، لا يجعلانا نتواكل، وعلى النفر المستغل أن يدرأ عنه القمامة وينفض الغبار عنه حتى لا يجد فيروس كورونا نفسه بين مطرقة اختفاء الكمامة، وسندان تفشي القمامة.

-------'------

بقلم: عزت سلامة العاصي

مقالات اخرى للكاتب

«العصفور المفترس».. هل أدرك المحتل حجمه؟





اعلان