19 - 04 - 2024

رئيس هيئة التنسيق الوطنية السورية لـ "المشهد": التدخلات الخارجية حوّلت سوريا لـ "ساحة صراع وحرب بالوكالة"

رئيس هيئة التنسيق الوطنية السورية لـ

النظام "يتهرب من العملية السياسية" ويرفض تنفيذ القرارات الدولية

بدا واضحًا غلبة الحلول العسكرية في سوريا على المسارات السياسية المختلفة التي تم اختبارها مرّات عدة خلال السنوات التسع الماضية؛ ذلك أن العملية السياسية دائمًا ما يتم تعطيلها، ويتهم كل طرف (الحكومة والمعارضة) الطرف الآخر بوضع العراقيل.. السلطة تتهم المعارضة، والمعارضة تتهم السلطة.

في هذا الحوار، يتحدّث المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية السورية (معارضة الداخل في سوريا)، حسن عبد العظيم، وهو عضو لجنة التفاوض السورية، عن المسارات السياسية وتأثرها بالتدخلات الخارجية التي تشهدها سوريا، سواء التدخلات التي تدعم السلطة (الإيراني والروسي على وجه التحديد) أو تلك الداعمة للمعارضة (تركيا حصرًا). ويتهم السلطة بأنها وراء تعطيل المسار السياسي ووضع العراقيل أمامه، وهي تلك العراقيل التي عطّلت التوصل لحل توافقي مبني على أرضية مشتركة بناءً على بيان جنيف الأول الذي تتشبث به المعارضة السورية.

استهل عبد العظيم، وهو أحد أبرز وجوه المعارضة المعتدلة في سوريا، حديثه مع "المشهد" بالتأكيد على أن ما وصفها بـ"ثورة الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية السلمية"، انطلقت في شهر مارس من العام 2011؛ امتدادًا لـ"الثورتين" في كل من مصر وتونس، وحافظت على سلميتها ستة أشهر، حتى حدثت جملة من التطورات التي عاشها الشعب السوري على مدار السنوات التسع الماضية، أوصلت إلى هذا الوضع الراهن.

وقال إن "النظام السوري" رفض المطالب المشروعة لـ"الثورة" رغم توسعها وامتدادها في معظم المناطق والمحافظات، وانشقاق الكثير من الوحدات والفصائل رفضًا لإطلاق النار على الحراك الثوري السلمي، ومع إصرار النظام على الحل الأمني العسكري، وإطلاقه سراح الكثير من العناصر المنتمية لأبي مصعب الزرقاوي وتنظيمي القاعدة وجبهة النصرة، التي سارعت بحمل السلاح والعنف والأسلمة والتطرف، والمطالبة بالتدخل العسكري الإقليمي والدولي.

تدخلات إقليمية ودولية

وتابع "عبدالعظيم" في حوار مع "المشهد" لدى تقييمه لمآلات الأزمة السورية منذ مارس 2011 وحتى الآن، قائلًا: "تدخلت دول إقليمية وأجنبية لصالح النظام، وأخرى لصالح المعارضة، وتم تسهيل دخول جماعات مسلحة، والحرس الثوري الإيراني وميليشيات مذهبية لدعم قوات النظام ،كما تدخل التحالف الدولي (ضد داعش) جوًا وبرًا وبحرًا؛ بحجة محاربة الإرهاب في العراق وسوريا، إضافة إلى تدخل روسي جوي وبري؛ لإنقاذ النظام من السقوط، فضلًا عن التدخل العسكري التركي بحجة منع قيام كيان فيدرالي كردي على حدود تركيا الجنوبية يهدد بتقسيم تركيا، إلى جانب تدخل أميركي بريطاني فرنسي لحماية قوات سورية الديمقراطية (كردية) ومحاربة الإرهاب".

ومع تلك التدخلات المتعددة "تحولت سوريا إلى ساحة صراع وحرب بالوكالة بين قوات إقليمية وأجنبية تسيطر على مناطق في الشرق والشمال الشرقي، وثرواتها المختلفة"، طبقًا لعبدالعظيم.

عبدالعظيم -الذي رفض في وقت سابق منصب نائب رئيس الجمهورية في سوريا، والذي يتبنى موقفًا معتدلًا مناهضًا لعسكرة الأزمة وللتدخلات الإقليمية والدولية السلبية- أشار لدى حواره مع "المشهد" عبر الهاتف، إلى أنه "عندما طلبت القوى المعارضة الوطنية الديمقراطية، وفي مقدمها هيئة التنسيق الوطنية، بحل سياسي وفقًا لبيان جنيف 1 المؤرخ بتاريخ 30 يونيو 2012 والقرارات الدولية ذات الصلة وأهمها القرار 2118 للعام 2013 و2251 للعام 2015؛ استضافت المملكة العربية السعودية المؤتمر الذي تمخض عن تشكيل الهيئة العليا للمفاوضات .

هيئة المفاوضات

ومع تشكيل الهيئة أعيدت للعملية السياسية الحياة من جديد بعدما طغى صوت السلاح والعسكرة. ويقول عبدالعظيم: "بعدما رجع العمل للعملية السياسية التفاوضية في جنيف من جديد، وبعدما تمت العودة إلى القرارات الدولية، حاولت دول محور أستانا (روسيا وإيران وتركيا) فتح مسارات أخرى، مسار الأستانة ومسار سوتشي؛ وذلك في محاولة لتجاوز بيان جنيف 1 والقرار 2254 دعمًا للنظام الحاكم".

وتابع: "وفي مسار الأستانة تم عقد اتفاقات إيقاف التصعيد في كثير من المناطق في الغوطة الشرقية وفي حمص وريف حمص وريف حماة وفي المنطقة الجنوبية بضمانات روسية مصرية وأميركية روسية، وهذه الاتفاقات خارج التصعيد تهدف إلى إيجاد حل في إدلب ووقف إطلاق النار".

"لكنّ النظام وحلفاءه من الحرس الثوري الإيراني والتنظيمات والميليشيات استمروا في خرق اتفاقيات خفض التصعيد واستهداف المدنيين وأيضًا استهداف الفصائل المسلحة التي انخرطت في العملية السياسية التفاوضية بعد عقد مؤتمر الرياض الأول"، وفق عبدالعظيم، الذي اتهم الحكومة السورية بـ"التهرب من العملية السياسية التفاوضية".

وأفاد المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية السورية، بأن "العملية التفاوضية لم تبدأ في فترة عمل المبعوث الدولي السابق إلى سوريا ستافان دي ميستورا؛ بسبب عدم توحيد منصتي القاهرة وموسكو مع الهيئة العليا للمفاوضات تنفيذًا للقرار 2254 لعام 2015، وهذا ما أدى إلى أن يعقد مؤتمر الرياض 2 في 24 نوفمبر 2017 وتوجيه الدعوة إلى منصتي القاهرة وموسكو، على أن يتم تمثيل منصتي موسكو والقاهرة في هيئة المفاوضات، وهنا انتهت الذريعة التي كان يتخذها النظام وحلفاؤه والخاصة بعدم توحّد المعارضة (..) لكن استمر تهرّب النظام وغيابه أو تعطيله للمفاوضات؛ لأنه يدرك تمامًا أن العملية السياسية سوف تنهي وجوده وتؤدي إلى الانتقال السياسي السلمي إلى نظام جديد تمثل فيه المعارضة والمجتمع الدولي وأيضًا الموالاة (النظام) ممن لم يرتكبوا أي جرائم". 

---------------------------------

حسن عبد العظيم: محام وسياسي سوري بارز، قومي ناصري، من مواليد العام 1932- كان من أشد المعارضين للانفصال المصري السوري في 1961 -  ترأس الاتحاد الاشتراكي العربي بعد وفاة جمال الأتاسي - عُرض عليه في العام 2011 تولي منصب نائب الرئيس بشار الأسد لكنه رفض -  يترأس هيئة التنسيق الوطنية السورية، والمعروفة بـ"معارضة الداخل"







اعلان