19 - 04 - 2024

بدء العمل به يناير الماضي وسط حيرة الموظفين .. قانون التأمينات الجديد يثير التساؤلات

بدء العمل به يناير الماضي وسط حيرة الموظفين .. قانون التأمينات الجديد يثير التساؤلات

- أبوالمكارم يتحسر على الأموال المقتطعة من راتبه دون جدوى في المعاش
- لجنة القوى العاملة تتبنى تعديلات على القانون وتطالب بضم العلاوات الخمسة  
- حاتم الدالي: وضع أموال الهيئة تحت يد الدولة يضمن لها حصانة وحماية
- عبدالغفار مغاوري: القانون مخالف للدستور ويوفر الحماية للاستيلاء على أموال أصحاب المعاشات

منذ بدء العمل بقانون المعاشات والتأمينات الاجتماعية الجديد مطلع العام الحالي، ولا حديث لملايين العاملين في القطاع الحكومي بالتحديد والذي يتجاوز عددهم 5 ملايين موظف، سوى عن القانون الذي لا يزال يثير الجدل والحيرة معا بشأن مزاياه وعيوبه، وهل جاء لينصف العاملين أم أنه - كما يجمع كثيرون - حمل لهم المزيد من الظلم في وقت لا يزال الملايين من أصحاب المعاشات يتوسلون القيادة السياسية تطبيق حكم القانون بصرف العلاوات الخمسة.

إتاوة أم مزايا

وصل الى بريد "المشهد" العديد من الشكاوي حول قانون التأمينات الجديد، أبرزها تلك التي بعثها محمد عمر أبو المكارم المتحدث بأسم المتضررين، يصف فيهاالقانون رقم 148 أو ما يسمي بقانون التأمينات الجديد بأنه فرض "اتاوة" تحصل عليها الحكومة من الموظفين والعاملين بدون مميزات للمؤمن عليهم، إلا بعد الوفاة، في حال تواجد أحد من الورثة يستحق المعاش، وفي حال عدم وجود مستحق، تذهب التأمينات سدى، وأكتر المتضررين من القانون هم العاملون بالقطاع الخاص الذي لا يكمل غالبيتهم المدة الزمنية المطلوبة لاستحقاق المعاش التأميني والمحددة بـ 20 عاماً.

يضيف:" اشتغلت في شركة سنتين خصمت مني نسبة التأمين كل شهر، واكتشفت بعد فترة أنهم قاموا بالتأمين علي لمدة عام واحد فقط،  فضلاً عن وجود شركات تقوم بتصفية نشاطها دون اكمال تأمينات العمال والموظفين بعد تسريحهم، لذلك تجد عددا كبيرا من العمال خرجوا بمعاش مبكر بتأمين 20 سنة الحد الأدنى، وللاسف القانون  الجديد وضع شروطا تعجيزية للمعاش المبكر، منها أن معادلة المتوسط مع معامل السن لابد أن يعطي ناتج 50 % من أجر التسوية الأخير، وهذا شرط يستحيل تحقيقه، سوى في حالة موظف سنه 51 سنة ولديه تأمينات 41 سنة و11 شهر، مما يعني أن يكون لديه تأمينات منذ كان عمره 9 سنوات".

ويطالب أبو المكارم بالغاء ما يسميه بلشروط التعجيزية للخروج على المعاش مبكراً،  واحتساب السنوات المشتراه بالنسبه للعاملين بالخارج أو بالداخل، ومنح الإناث الدفعة الواحدة فور عقد قرانها، وعدم الغاء مكافأة نهايه الخدمه لمن يخرج معاشا مبكرا، وعدم حرمان الأرملة او الأرمل من حقه في المعاش بعد الترمل.

وفي رأي عبد الغفار مغاوري محامي المعاشات، فإن قانون التأمينات مخالف دستوريا، خاصة المادة 17 من الدستور، في انشاء هيئة مستقلة للتأمينات الاجتماعية تدير أموال المعاشات، وأن كل ما حدث أنه جرى اخذ 75% من أموال الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية، بالاضافة الى ما سيأتي من اشراكات جديدة لمدة 50 سنة بفائدة 5.7% من أموال اصحاب المعاشات اللي هي اموال خاصة يعني أن الخزانة العامة للدولة أخذت 75% من الاموال الخاصة وهذا مخالف للدستور بالاستقلالية.

ويطالب مغاوري الرئيس السيسي بعدم التصديق على القانون وإعادته مرة اخرى للعرض، لأنه كما يقول يحلل الاستيلاء على تريليون جنيه، وما سيأتي من أموال من اشتراكات جديدة.

حماية الدولة

غير أن المستشار حاتم عبد الفتاح الدالي عضو مجلس الشورى السابق، والمستشار القانوني يرى أن الدولة تحول أموال الهيئة العامة للتأمينات إلى خزينتها، وهذا معناه أنها تتحمل المسئولية، وذلك يعد شيئاً ايجابياً لا سلبياً، لأن فيه حماية لأموال المواطنين وضمانا من البنك المركزي.

ويضيف أنه يجري تشكيل لجان من وزارة المالية والتأمينات لبحث الحالات، ذلك أنه لا يوجد قانون ثابت غير قابل للتعديل، وأن كل قانون جديد يطرح يتم تطبيقه لفترة، وإذا وجدت بعض حالات تحتاج إلى تدخل المشرع مرة اأخرى، فليس هناك مانع من تعديله.

وفي رأيه فإن القانون الجديد لا يخالف المادة 17 من الدستور، لأنها لم تحدد من الضامن للأموال، وإن حددت الهيئة العامة للتأمينات في أن تتولى إدارة أموال المعاشات، بوضعها تحت حماية الدولة وضمان البنك المركزي، وهذا لا يخالف الدستور نهائيا.

وعن المعاش المبكر يقول المستشار الدالي، أن نظام المعاش المبكر وضع لمرحلة اقتصادية ولظروف معينة، كنا في مرحلة تحول من نظام اقتصادي اشتراكي لكل الهيئات ملك الدولة لنظام أخر قائم على مشاركة القطاع الخاص في الصناعات وفي العمل، لذلك الدولة وقتها وبشكل استثنائي طرحت موضوع المعاش المبكر على الراغبين من العاملين بشكل استثنائي ولظروف استئنائية.

ويضيف:" المعاش المبكر ظهر بالتضامن مع الخصخصة، وعاد المشرع وعدل هذه النقطة في الوقت الذي راه مناسباً مرة اخرى، وقرر استحقاق المعاش لمن يستحق وبشروط  محددة، وبالتالي تم الغاء فكرة المعاش المبكر التي كان يرفضها أغلب الموظفين حين صدورها بشكل استثنائي وفي ظروف استثنائية".

ويطالب الدالي الموظفين بعدم الاستجابة لما يسميه بالتشكيك في الدولة، مثل أن الدولة ستأخذ الأموال لخزينتها ولن تعطي للناس حقوقها .

تعديل جديد

ووافقت لجنة القوى العاملة بمجلس النواب من حيث المبدأ على طلب تقدم به  النائب محمد وهب الله وعدد من النواب لتعديل القانون الجديد، بشأن إعادة تسوية معاشات الأجر المتغير، والذى يستهدف تنفيذ الحكم القضائى الخاص بأحقية أصحاب المعاشات فى احتساب العلاوات الخاصة غير المضمومة للأجر الأساسى عند إحالتهم للمعاش، ضمن المبالغ المحسوب عليها معاش الأجر المتغير لهم وبنسبة 80% من مجموع قيمتها، طبقا لأحكام قانون التأمين الاجتماعى.

وأبدت الحكومة موافقتها أيضا على مشروع القانون، من حيث المبدأ، وطلبت إعادة صياغته، وشهد الاجتماع خلافا حول تحمل الخزانة العامة أم هيئة التأمينات للتكلفة المالية التى ستترتب على إقرار مشروع القانون بضم العلاوات الخمسة لأصحاب المعاشات.

وتنص المادة الأولى من مشروع القانون، على أن يعاد تسوية معاشات الأجر المتغير المحسوب وفقا لقانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 المستحق اعتبارا من 1 / 7 / 2006 للمؤمن عليهم الذين تسرى بشأنهم العلاوات الخاصة اعتبارا من 1 / 7 / 2006 وما بعدها زيادة بواقع 80 % من قيمة آخر خمس علاوات لم تضم إلى أجره الأساسى كل حسب تاريخ خروجه على المعاش بحد أقصى وحتى علاوة القانون 99 لسنة 2018 وذلك متى توافرت الشروط التالية: 

- أن يكون المؤمن عليه فى تاريخ انتهاء الخدمة مشتركا عن العلاوة المشار إليها، وأن يراعى فى شأن هذه الزيادة أن تحسب قيمة الزيادة على أساس قيمة العلاوة منسوبة إلى أجر اشتراك المؤمن عليه الأساسى المنصوص عليه بقانون التأمين الاجتماعى المشار إليه، وذلك بما لا يجاوز الحد الأقصى لأجر الاشتراك المعمول به كل فى حينه، وتستحق الزيادة دون التقيد بالحدود القصوى للمعاش.

ووفقا للمشروع، بالنسبة للمؤمن عليه العائد لمجال تطبيق قانون التأمين الاجتماعى المشار إليه والذى كان قد سبق منحه أيا من الزيادتين المقررتين بهذا القانون أو أى زيادة مماثلة مقررة بقانون آخر يستحق أفضل الزيادتين، وتتحمل الخزانة العامة قيمة هذه الزيادة.

ويقول النائب محمد وهب الله، أن التشريع يمس نحو 3.5 مليون مواطن مستحقين لضم العلاوات الخمسة، وأنه تقدم بالمشروع لحل أزمة قانونية بشأن ضم العلاوات الخمسة لأصحاب المعاشات، حيث صدرت قوانين متعاقبة منذ عام 1987 وحتى 1/7/2005 بمنح العاملين بالدولة علاوات خاصة، وكانت هذه القوانين تتضمن زيادة المعاشات بنسبة 80% من قيمة العلاوة الخاصة، إلا أن المشروع تغافل هذه العلاوة اعتبارا من 1/7/2006، وبناء عليه تم الصرف للذين خرجوا على المعاش قبل 1/7/2006، ولم يتم الصرف للذين خرجوا على المعاش بعد هذا التاريخ، وبذلك يكون هناك تمييز بين أصحاب المراكز القانونية بشكل يخالف القانون.

ويضيف أن المحكمة قضت لأصحاب المعاشات بضم الـ5 علاوات، وتدخل الرئيس عبد الفتاح السيسى وأصدر توجيهاته لوزارة التضامن بسحب الإشكال تعاطفاً مع أصحاب المعاشات، وتم إرسال الحكم إلى المحكمة الإدارية العليا، والتى أقرت فى مضمونها بعدم أحقيتهم، إلا أنه بمراجعة كافة القوانين والأحكام وجد أحقية هؤلاء أصحاب المعاشات لضم الـ5علاوات إلى معاشاتهم حسب صدور قرارات إنهاء خدمتهم، وهو ما دفعنى لإصدار هذا التشريع.

غير أن الدكتور سامى عبد الهادى، رئيس صندوق التأمين الاجتماعى للعاملين بالقطاع العام والخاص، يقول أن الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى توافق من حيث المبدأ على مشروع القانون، ولكن دون تحميلها لتكاليف وأعباء تطبيقه، ذلك أن موازنة الهيئة لن تستطيع تحملها، وسيضر ذلك بالاستدامة المالية.

دراسة الأعباء

وبدوره، قال أحمد عبد الله، ممثل وزارة المالية، أن مشروع القانون الجديد ينشأ بناء عليه وضع جديد وسيتسبب فى أعباء مالية أخرى، وبالتالى الأمر يحتاج لدراسة الأعباء المترتبة عليه قبل إقراره بشكل نهائى.

وتضيف الخبيرة ناريمان فرج، ممثل وزارة المالية، أن هناك توجيهات واضحة من جانب الرئيس عبد الفتاح السيسى، والدكتور محمد معيط، وزير المالية، باتخاذ كافة الإجراءات لضم العلاوات الخمسة لأصحاب المعاشات، وتنفيذ الحكم القضائى الصادر بضمها، وبالتالى فالوزارة موافقة من حيث المبدأ على مشروع القانون، ولكن تحتاج لدارسة الأعباء المالية الخاصة به قبل الصياغة النهائية.

وذكر المستشار ماجد صبحى، ممثل قطاع التشريع بوزارة العدل، أن مشروع القانون المٌقدم يحتاج لإعادة صياغة قانونية، وستقوم الوزارة بدراسة الصياغة المقترحة من لجنة القوى العاملة ، لإعداد الملاحظات الخاصة بها وإعادة صياغتها من جديد.

وشهد الاجتماع الاخير للجنة القوى العاملة بمجلس النواب، هجوماً كبيراً من اللجنة ضد الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى، بسبب اللائحة التنفيذية لقانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الجديد الصادر بقانون رقم 148 لسنة 2019، حيث أشار النواب إلى أن اللائحة تضمنت بعض المواد التى جاءت مخالفة لنصوص القانون.

وطالب النائب محمد وهب الله، عضو لجنة القوى العاملة، بضرورة تحديد جلسة عاجلة، لمناقشة مشروع اللائحة التنفيذية لقانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات، خصوصا وأن بعض المواد تحتاج لإعادة نظر قبل إقرار واعتماد اللائحة بشكل نهائى من قبل مجلس الوزراء.

واستحدث القانون الجديد حكماً بالتزام كافة أجهزة الدولة، بأن تعلق التعامل مع أصحاب الأعمال أو المؤمن عليهم على تقديمهم الشهادة الدالة على الاشتراك بالهيئة وفقًا لما تنص عليه اللائحة التنفيذية.

ومن جانبه قال محسن الطنطاوي، رئيس قطاع الشئون الفنية بالصندوق الحكومي للتأمينات الاجتماعية، إن الهدف الأساسي لقانون التأمينات الموحد الذي بدأ تطبيقه في يناير الماضي هو زيادة المعاشات وربط هذه الزيادة بنسب التضخم السنوية.

وأضاف أن أهم مزايا القانون الجديد، زيادة أجر الاشتراك التأميني وضمه كل الأجور التي يحصل عليها المؤمن عليه، نظرًا لأن هذا الأجر تتم تسوية المعاش على أساسه عند بلوغ المؤمن عليه سن المعاش، الأمر الذي من شأنه أن يقضي على ظاهرة تدني المعاشات التي يفاجأ بها المؤمن عليهم حال خروجهم إلى المعاش، لأن أجر الاشتراك كان من الأساس قليلاً ولا يزيد زيادة بقيمة كبيرة سنويًا.

وأجر الاشتراك التأميني هو "المقابل النقدي الذي يحصل عليه المؤمن عليه الموظف من جهة عمله مقابل العمل الذي يقوم به.

وبحسب عمر حسن، مستشار وزير التضامن للتأمينات والمعاشات، فإننه بداية يناير الماضي بلغ الحد الأدنى لأجر الاشتراك التأميني 12 ألف جنيه بواقع ألف جنيه شهرياً، كما أن الحد الأقصى لأجر الاشتراك التأميني بلغ 84 ألف جنيه بواقع 7 آلاف جنيه شهريًا، بحسب بيان لوزارة التضامن الاجتماعي.

ويقول محمد سعودي، رئيس صندوق التأمين الاجتماعي للعاملين بالقطاع الحكومي، إن الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي تسعى إلى عقد الكثير من الندوات التثقيفية التي تهدف إلى نشر الوعي التأميني بين أفراد المجتمع المصري.

وتضمن قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الجديد نصوصا قانونية تحكم عملية الاستثمار من خلال إنشاء صندوق بإدارة مستقلة لإستثمار أموال التأمين الاجتماعي.
-----------------
تحقيق - أحمد صلاح سلمان







اعلان