11 - 05 - 2024

من التطبيع إلى تسليم البشير ومواجهة المتظاهرين بالرصاص.. السودان: مياه كثيرة تجري في النهر

من التطبيع إلى تسليم البشير ومواجهة المتظاهرين بالرصاص.. السودان: مياه كثيرة تجري في النهر

تتصاعد وتيرة الأحداث في السودان الشقيق، ويرى المراقبون أنه مازالت نيران تحت رماد الثورة السودانية، فرغم تشكيل حكومة انتقالية، والتوقيع على الوثيقة الدستورية، إلا أن الأحداث تشي أن الثورة ما زالت مستمرة.

«المشهد» تتابع في هذا التقرير ثلاثة أحداث عاصفة، أولها الأنباء عن محاكمة الرئيس المخلوع عمر البشير أمام محكمة العدل الدولية، هو والمتهمين معه في أحداث دارفور، كما احتل لقاء رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان مع رئيس وزراء الكيان الصهيوني في أوغندا مساحة كبيرة من اهتمام الشارع والمحللين، وكان آخر هذه الأحداث ما شهده السودان من ضرب بالرصاص الحي لمسيرة سلمية تطالب برفع الظلم عن العسكريين الذين ساندوا الثورة ولكن تمت الإطاحة بهم.

(1)

لم يعد موضوعا حساسا يرفضه السودانيون!

فكرة التطبيع فاتورة يدفعها النظام الجديد بلقاء البرهان- نتانياهو 

خلال السنوات الماضية، اقترح أكاديميون وسياسيون فكرة التطبيع مع إسرائيل، لكنها لم تجد صدى في الشارع السوداني، أبرزها دعوة نائب رئيس الوزراء مبارك الفاضل المهدي في عهد المعزول عمر البشير.

وبعد تداول أخبار لقاء البرهان بنتانياهو، اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي رافضة للخطوة، بينما تأنت أحزاب سياسية مشاركة في الحكومة في التعبير عن موقفها، غير أن كمال بولاد، رئيس المجلس المركزي لتحالف الحرية والتغيير الحاكم، أبدى أسفه الشديد أن يكون اللقاء جزءاً من سيناريو “صفقة القرن” التي رسمها ترامب لمصادرة الحق الفلسطيني.

وقال كمال عمر، القيادي بحزب المؤتمر الشعبي المعارض، إن “اللقاء بين البرهان ونتانياهو يمثل فاتورة كان على النظام الجديد بعد الثورة أن يدفعها ليكون جزءاً من محاور إقليمية معروفة، والتي ربما هي دفعت باللقاء.

وأشار إلى أن السودان ظل منذ الاستقلال داعماً للقضايا العربية، مشاركاً في توحيد الموقف العربي الرافض لإسرائيل، وأن اللقاء سيكون له ما بعده، وستكون موجة الرفض الشعبي للتطبيع مع العدو الصهيوني أكبر مما يتصور الكثيرون، وستكون الحكومة هي الخاسرة، بعد أن صارت تلهث إقليمياً ودولياً للحصول على دعم مالي خارجي”.

وفيما يتعلق بمقابلة البرهان - نتانياهو يعلق أمين الاعلام الخارجي بالتجمع الاتحادي عمار قاسم حمودة عليه قائلًا: نحن في التجمع الاتحادي نرى أن كثيرا من الأمور قد أصابها التغيير في علاقة الدول العربية بالكيان الإسرائيلي، و ذلك يشمل الفلسطينيين أنفسهم ورؤيتهم للحل، وحتي قيام حل الدولتين، فإن اسرائيل تعتبر دولة محتلة ، فنحن مع حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، أما من الناحية الشعبية أو المزاج السوداني فإن موضوع العلاقات مع اسرائيل لم يعد ذلك الموضوع الحساس، وكثير من السودانيين ربما لا يمانعون من إقامة علاقات تستند على مصلحة السودان .

اتفاق النقيضين

وأشار المحلل السياسي والصحفي معتصم محمود أن المزاج الشعبي من لقاء البرهان ونتانياهو يبدو داعمًا لهذه الخطوة، وأكثر من 80٪ من الشعب السوداني مؤيد لهذا التقارب السوداني الإسرائيلي، والمعارضة لهذه الخطوة تأتي من الأحزاب اليسارية (البعث، الشيوعي. والناصري)، ومن الإسلاميين، ولأول مرة يلتقي الإسلاميين مع اليساريين في موقف موحد، فكلاهما يرفض أي تقارب سوداني- إسرائيلي، لكن المزاج العام وأغلب الكتاب مؤيد تماما لهذه الخطوة،  وهنا يجب توضيح الأسباب، فالقاعدة الشعبية مؤيدة لأسباب اقتصادية، والعامة يظنون أن أي تقارب مع إسرائيل هو تقارب مع الولايات المتحدة، لرفع الحظر عن السودان، فالأسباب الاقتصادية هي المحرك الأساس من الشعب لهذه الخطوة، ومن جهة أخرى الشعب السوداني لمس بنفسه ابتعاد العرب عن السودان خلال الأزمات العديدة التي مر بها، ولم يقدموا المساعدات المنتظرة له.

وأوضح أن اجتماع نتنياهو البرهان ستكون له تأثيرات على الوضع السياسي الهش في السودان، وربما ساعد التعاون بين الخرطوم وتل أبيب في قضية رفع العقوبات والخروج من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وسيمثل في الوقت ذاته انتصاراً كبيراً لإسرائيل في محاولتها للتطبيع مع دولة عربية وإسلامية ناصبتها العداء في السابق.

(2)

سيكون أول حاكم عربي يمثل أمام محكمة لاهاي .. ونظامها ليس فيه محاكم مختلطة 
تسليم البشير .. اتفاق على المبدأ واختلاف في التفاصيل

العدالة أحد أضلاع مثلث شعارات ثورة 19 ديسمبر السودانية، كما يؤكد أمين الاعلام الخارجي بالتجمع الاتحادي، عمار قاسم حمودة ، المقيم بلندن، و لذلك فإن تسليم البشير أو مثوله لمحكمة الجنايات الدولية - والذين معه أيضا يعد في رأيه - أمرا تقتضيه واجبات العدالة للضحايا والنازحين، أما أين؟ وكيفية انعقاد المحاكمة فهو أمر يخضع للكثير من المناقشات على المستوى الرسمي، في الجانب القضائي وفي الجانب التنفيذي.

وأوضح المحلل السياسي والصحفي معتصم محمود أن هناك نية لتسليم البشير للمحكمة الدولية، وقال: مسؤولة المحكمة الدولية متواجدة بالخرطوم، هناك اختلاف قانوني حول مصطلح التسليم، هل التسليم بتسفيره إلى لاهاي، أم تسليمه للمحكمة الدولية وتتم محاكمته في الخرطوم، ويكون تحت إمرة المحكمة لتجري معه التحقيقات، ومن ثم تصدر حكمها، سواء بالسجن في لاهاي أو الخرطوم وفقًا لما تراه المحكمة، فهناك اختلاف وتباين، ولكن السؤال هو هل سيتعاون البشير مع المحكمة أم لا، لأنه في الخرطوم أثناء التحقيقات، رفض التعاون، حيث يحاكم في قضية انقلاب 1989 ورفض التعاون مع المحكمة أو الإدلاء بأية معلومات، ويبدو أن هذا يتم بالاتفاق مع المحكمة، لأن كل المتهمين في قضية انقلاب الإنقاذ من إسلاميين ومجلس قيادة الثورة رفضوا التعاون مع المحكمة أو الإجابة على أي تساؤلات، لكن التحقيقات ما زالت جارية، لكن البشير تعاون في قضايا أخرى مثل قضية مبلغ 26 مليون دولار الرشوة التي تلقاها من ولي العهد السعودي، وأوضح كيف تصرف في هذا المال، ولماذا لم يسلمه للبنك المركزي، الآن أيضا يحاكم في قضية تمويل الجماعة الإسلامية، وفي هذه أيضًا هو متعاون ويدلي بإفاداته، والشارع السوداني يتساءل هل سيتعاون مع المحكمة الدولية أم لا؟.

واستبعد المتحدث باسم المحكمة الجنائية الدولية، فادي العبدالله، إجراء محاكمة مختلطة للرئيس السوداني المخلوع عمر البشير، وقال إن نظام محكمة لاهاي ليس فيه ما يشير إلى مشاركتها في محاكم مختلطة.وذلك ردا على ما تناولته تقارير إعلامية حول حضور المحكمة الدولية إلى الخرطوم واحتمال محاكمة البشير أمام محكمة مختلطة.

وحول إمكانية توجه وفد من المحكمة الدولية إلى الخرطوم، أشار العبدالله إلى بيان صدر عن مكتب المدعية العامة فاتو بنسودا، جاء فيه أنه "يوجد حاليا كثير من التكهنات وتقارير إعلامية حول ملف السودان في المحكمة الدولية، ويود المكتب أن يوضح أن من الخطأ وجود وفد من المحكمة الدولية في الخرطوم في الوقت الحالي".

وأضاف أن هناك عددا من السيناريوهات بشأن مثول المتهمين، ستتم مناقشتها مع محكمة الجنايات، مشيرا إلى وجود "قنوات تواصل مفتوحة مع المحكمة الدولية وتوقعات بوصول وفد منها إلى الخرطوم في أية لحظة".

وكانت المحكمة الدولية قد أصدرت قبل نحو 10 سنوات مذكرات توقيف بحق البشير ومسؤولين سودانيين آخرين بينهم وزير الدفاع الأسبق عبد الرحيم محمد حسين، ووزير الدولة الأسبق في الداخلية أحمد محمد هارون، وزعيم ميليشيا محلية يدعى علي كوشيب، بتهم ارتكاب جرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.

وفي 14 ديسمبر الماضي، قضت محكمة في الخرطوم بالتحفظ على البشير في "دار للإصلاح الاجتماعي لمدة عامين"، بعد إدانته بالفساد في واحدة من قضايا عدة بات يواجهها منذ الإطاحة به.

ويعتبر تسليم البشير (75 عاما) إلى محكمة لاهاي أحد المطالب الرئيسية للمتمردين في الإقليم الذين تسعى السلطات الانتقالية الحالية للتوصل إلى سلام معهم.

وتعهدت الحكومة السودانية الجديدة بإرساء السلام في دارفور الذي اندلعت فيه عام 2003 حرب بين المتمردين والقوات الحكومية، شردت 2.5 مليون شخص، بحسب الأمم المتحدة.

وبدأت الحرب في الإقليم الواقع في غرب السودان، عندما حمل متمردون ينتمون إلى الأقليات ذات الأصول الأفريقية السلاح في وجه حكومة البشير التي اتهمت بتهميش المنطقة اقتصاديا وسياسيا.

وإذا تم تسليم البشير إلى المحكمة الدولية، سيكون أول حاكم عربي يمثل أمامها، وكان البشير أول حاكم يتهم بتلك الجرائم وهو يشغل منصب رئيس بلد عربي.

(3)

الوثيقة الدستورية تتحول إلى "حبر على ورق"
السلطة الانتقالية تخفق في اختبار مسيرات 20 فبراير

شهدت السودان أحداثًا دامية يوم الخميس الموافق 20.02.2020، استهدفت قمع القوات النظامية للثوار المدنيين العزل بإطلاق الرصاص الحي و"البمبان" مما أدي إلى إصابة المئات ، كما اعتقل المئات من شرفاء بنات وأبناء الشعب السوداني

وقال تاج السر الميرغني عضو قيادة الحزب الاتحادي: تأتي هذه الانتهاكات الوحشية  بحق هؤلاء الثوار لأنهم  خرجوا للتظاهر سلميا، والتضامن مع الضباط الوطنيين الأحرار الذين قامت القوات المسلحة بفصلهم من الخدمة ، لانحيازهم للثورة والثوار

وأضاف: كانت المسيرة اختبار حقيقي لوضع الحقوق والحريات في عهد السلطة الانتقالية، ورغم كفالة الاعلان الدستوري لحق التجمع والتظاهر السلمي وتسيير المواكب، سقطت السلطة الانتقالية الديمقراطية المزعومة في أول اختبار لها، بانتهاكها لهذا الحق الدستوري الاصيل، باستخدام العنف المفرط في مواجهة المتظاهرين السلميين، وهذا يؤكد أن الوثيقة الدستورية بالإضافة إلى عيوبها الكثيرة، فهي حبر علي ورق، وأن من وقعوا عليها لايحترمون موادها وفقراتها ، فكيف يطلبون من جماهير شعبنا الالتزام بها!

لقد ظللنا في الحزب الاتحادي منذ انطلاق الثورة ننبه ونتحدث عن الأخطاء الكارثية التي قام دعاة الهبوط الناعم والتسوية بارتكابها  في حق الثورة والثوار، وظللنا كذلك ننادي بالعمل علي تحقيق جميع أهداف الثورة، وتقدم الثوريين للقيادة في الحرية والتغيير، إلا أن دعاة الهبوط الناعم والتسوية أصروا علي تقدم الصفوف، وظلوا منذ توقيع الوثيقة الدستورية يعملون علي اجهاض الثورة، وكادوا أن ينجحوا في ذلك ، لولا يقظة لجان المقاومة الثورية، ولهذه الأسباب ندعو التيار الثوري بقيادة لجان المقاومة إلى تصحيح المسار والتصدي لمهمة قيادة الثورة بتقدم الصفوف، حتى نستطيع تحقيق جميع أهداف الثورة كاملة غير منقوصة.

الهبوط الناعم

كما أدانت الجبهة الوطنية العريضة في بيان لها ما قامت به القوات النظامية للسلطة الانتقالية بتنفيذ تعليمات اللجنة الأمنية للدولة العميقة ودعاة الهبوط الناعم والتسوية بإطلاق الرصاص الحي على الجماهير، واعتقال المئات من الثوار الأحرار الذين خرجوا بجميع أنحاء البلاد في مواكب جماهيرية عارمة، متضامنين ومنددين ورافضين فصل القيادة العامة للقوات المسلحة للضباط الوطنيين الشرفاء الأحرار الذين سجلوا المواقف البطولية المشهودة ، بانحيازهم للثورة والثوار ،  حيث وقفوا سدامنيعا أمام عملية اجهاض الثورة ، وتصدوا لمشروع الهبوط الناعم والتسوية

وكشفت أن دعاة الهبوط الناعم والتسوية يلعبون دور الكومبارس، ولكن هذا لن يعفيهم من مسؤولية مشاركة العسكر في ارتكاب الجرائم والموبقات بحق الشرفاء من بنات وأبناء بلادنا الثوار الأحرار المدنيين العزل

وقال الدكتور عبدالحميد خالد: الجبهة الوطنية تؤكد كما ظلت تفعل ذلك، أن الإعلان الدستوري الموقع بين عسكر الدولة العميقة ودعاة الهبوط الناعم والتسوية هو محاولة لإجهاض الثورة وخيانة لدماء الشهداء والوطن، وتحذر الجبهة دعاة الهبوط الناعم والتسوية من خداع وتضليل جماهير شعبنا والكذب عليها ببيع الوهم، وابرام الاتفاقات السرية مع العسكر والدولة العميقة لإجهاض الثورة. لقد ارتجف العسكر ودعاة الهبوط الناعم والتسوية وخافوا  من حركة الجماهير السلمية الهادرة والمسيرات المليونية ، وحاولوا قمعها بالرصاص والبمبان، ولم يراعوا في ذلك حرمة ، منتهكين الاعلان الدستوري الذي ابرموه  بأيديهم ، حيث ادعوا كفالته لحق وحرية التجمع والتظاهر وتسيير المواكب السلمية. والجبهة الوطنية العريضة تشجب وتدين بأقوى العبارات  استهداف قادة اللجنة الأمنية والدولة العميقة وميليشياتهم ودعاة الهبوط الناعم والتسوية للثوار الأحرار من بنات وأبناء جماهير شعبنا ، وتؤكد الجبهة وقوفها مع شرفاء الوطن في لجان المقاومة الثورية  من أجل تحقيق اهداف ومطالب ثورة ديسمبر الظافرة كاملة غير منقوصة وعلي رأسها تصفية واجتثاث نظام الانقاذ الشمولي من جذوره واعادة بناء الدولة السودانية بإعادة بناء القوات النظامية وتقديم قادة النظام وأعوانهم وميليشياتهم للمحاسبة والمساءلة والمحاكمة علي كآفة الجرائم والموبقات التي ظلوا لمدة 30 عاما يرتكبونها في حق المواطن والوطن.
-------------------------------
آمال رتيب








اعلان