أغنية الخلاعة والدلاعة مذهبى لمطربة ناشئة تجتاح اليوتيوب وتحقق مشاهدات بالملايين.. عفوا هذا الخبر مفبرك وغير صحيح، فالخلاعة والدلاعة مذهبى أغنية قديمة جدا قبل اختراع اليوتيوب والفيسبوك والتليفون المحمول وهل تصدقون ان المطربة الناشئة التى غنتها هى سيدة الغناء العربى وكوكب الشرق أم كلثوم؟!
وهل تصدقون أن الشاعر العظيم الذى كتب نشيدنا القومى (بلادي بلادي لك حبى وفؤادي) والذى كتب رائعة موسيقار الاجيال محمد عبدالوهاب (حب الوطن فرض عليا) هو نفسه الذى كتب (ارخى الستارة اللى فى ريحنا احسن جيرانك تجرحنا)وهو الذى كتب (بعد العشا يحلى الهزار والفرفشة) وهو الذى كتب اغنية محمد عبد الوهاب (فيك عشرة كوتشينة فى الترسينا) انه الشاعر الكبير محمد يونس القاضى صاحب رائعة (انا هويت وانتهيت)ورائعة (زورونى كل سنة مرة حرام تنسونى بالمرة) والذى اقام الحد على نفسه عندما تولى منصب الرقيب فى وزارة الداخلية، فأصدر قرارا بمنع اغنياته التى رأى انها تخرج عن الذوق العام.. ويقال ان السيدة ام كلثوم جمعت كل اسطوانات اغنيتها الخلاعة والدلاعة مذهبى حتى لاتذاع...
السؤال بعد عقود من يتذكر الخلاعة والدلاعة مذهبى عندما يتحدث عن أم كلثوم؟! تقريبا لا احد وكلنا يتذكر الاطلال وشمس الاصيل وعودت عينى وانت عمرى ومصر تتحدث عن نفسها وولد الهدي وثورة الشك وأغدا ألقاك وأراك عصى الدمع.
ومن يعتبر فيك عشرة كوتشينة من روائع محمد عبدالوهاب؟! تقريبا لا احد اذا قورنت بالجندول والنهر الخالد وكان عهدي عهدك فى الهوي وكل ده كان ليه وجفنه علم الغزل وخى خى ولا تكذبى
ومن منا يتذكر اسم صاحبة اغنية (خد البزة واسكت)؟ تقريبا لا أحد.. الخلاصة ان العملة الجيدة تطرد العملة الرديئة، والأغنية الجيدة الراقية تطرد الاغنية السيئة البذيئة، وبلادى بلادى طردت من الذاكرة بعد العشا يحلى الهزار والاطلال طردت الخلاعة مذهبى وحب الوطن فرض على طردت فيك عشرة كوتشينة.. العقل الجمعى لا يحتفظ الا بالراقى والجيد حتى وإن طفا على السطح فى وقت من الاوقات الردئ والخبيث....
الناس هم أعظم رقيب، هم الذين يسمعون ويعجبون، هم الذين يجيزون ويرفضون، وهم الذين يخلدون اى عمل فنى او يجعلونه نسيا منسيا.. التعليم الجيد ينتج مبدعين حقيقيين.. مناخ الحرية ينتج شعراء عظماء فى حجم أحمد شوقى وحافظ ابراهيم وبيرم التونسى واحمد رامى وعبدالفتاح مصطفى وفتحى قورة وحسين السيد والأبنودى وأحمد فؤاد نجم وصلاح فايز.. المجتمع الذى يعلى من قيمة الثقافة قادر على الفرز والانتقاء وتقديم الجيد واستبعاد الردئ بالوعى والذوق.
------------------------
بقلم: عبدالغني عجاج
