19 - 04 - 2024

مواصفات القائد العظيم

مواصفات القائد العظيم

حين تقرأ سيرة النبي محمد (ص) - حتى لو لم تكن مسلمًا- لا يمكنك إلا أن تقرّ بعبقرية قيادته؛ إنه لا يحيط نفسه بعظماء كبار فحسب، وإنما يهديهم - بذكائه - إلى مواطن العظمة في عقولهم وقلوبهم، يدلهم على مواهبهم الكبيرة التي قد لا يدركها أحدهم بنفسه، ولكن محمدا الإنسان يرشد رجاله إلى ما يتفردون به، وما هي إلا سنوات قليلة حتى قاد الرجال الذين لم يكونوا شيئًا مذكورًا أمة صحراوية فقيرة متناحرة، فغزوا بها أمما ودحروا بها أمبراطوريات.

 ----

 لقد كان محمد عظيمًا، يبنى رجاله من حوله، يوزع عليهم الألقاب والأوسمة التي تفجّـر طاقاتهم، وهو لا يشرفهم بأوسمته على سبيل المجاملة بين الأصدقاء، وإنما يقلدهم إياها في مواقف خطيرة، لها شأنها وجلالها، ففي موقف بارز منح العدوي عمر بن الخطاب وسام "الفاروق"، وفي موقف عجيب مدهش كان فيه المخزومي خالد بن الوليد مهزومًا مدحورًا قلده وسام "سيف الله المسلول" وفي موقف ما منح أبا عبيدة وسام "أمين الأمة"....الخ

 ----

 الرجل العظيم يحيط نفسه بالرجال، يبحث عنهم، يدعوهم إليه، وحين يقتربون منه، ينقب في صفاتهم، ويهديهم إلى مواهبهم، ويهدي مواهبهم إلى الناس فتشرق الدنيا وتزهر، القائد العظيم لا يرتاح حتى يملأ نهر الحياة بالرجال والقادة، لا يخاف منهم على نفسه، لأن هدفه ليس نفسه، هدفه أمة ستبقى من بعده، ولن تبقى إلا بالرجال أصحاب المواهب المختلفة المتفردة. 

----

 لم يعش محمد ليرى قبائل العرب المفككة وقد غدت أمة عظيمة البأس، لم يعش ليحصد ثمار غرسه، ولكنه رحل آمنًا مطمئنًا، لأنه يعرف أن تفكك العرب سيرده حزم رجاله وعزمهم... وهذا ما كان على ما تعرف ويعرف التاريخ.القائد العظيم يدرك أنه سيرحل، وأن مواهبه - على عظمتها - محدودة، وعليه أن يترك موقعه لمواهب جديدة، تقود البلاد وتتقدم. 

وإذن فالأمة التي لا ذخيرة لها من قادة الصف الأول والثاني والثالث أمة عقيم، ولا مستقبل لها.

مقالات اخرى للكاتب

منحوس في مصلحة حكومية!





اعلان