26 - 04 - 2024

لماذا ينهزمون ولا يختارون الحياة؟ دراسة توضح دوافع الانتحار في مصر وكيفية مواجهته

لماذا ينهزمون ولا يختارون الحياة؟ دراسة توضح دوافع الانتحار في مصر وكيفية مواجهته

 الخيانة والخلافات الزوجية والاكتئاب واليأس والبطالة وتراكم الديون ..أهم أسباب الإنتحار 
- مؤشرات غير رسمية تشير لارتفاع معدلات الانتحار.. ولايوجد إحصاء رسمى .
- الثقافة الشعبية تعتبر الانتحار وصمة عار فتسارع الأسر لنفيها.
كيفية المواجهة: حملة للكشف المبكر عن المقبلين على الانتحار.. واستشارات نفسية عبر خطوط ساخنة وتطبيق على الموبايل.

مع كل حادث إنتحار تصدمنا تفاصيله، يقفز سؤال: لماذا ينتحرون؟ وماهى العلامات التى يمكن من خلالها معرفة المقبلين على الإنتحار؟ وكيف يمكن الحد من حوادثه؟ وما مدى مسئولية الاعلام عن زيادة حوادث الانتحار؟

800 ألف حادث انتحار سنويا على مستوى العالم، كل منتحر يتأثر بإنتحاره 6 أشخاص على أقل تقدير..أرقام جاءت فى مقدمة دراسة صادرة مؤخرا عن منظمة الصحة العالمية تحت عنوان "الوقاية من الإنتحار مرجع للإعلاميين" 

عن الإنتحار فى مصر قدمت د حنان أبوسكين -الخبيرة بالمركز القومى للبحوث الإجتماعية والجنائية- بحثا يقدم رؤية إحصائية ودراسة تحليلية لحوادث الإنتحار، حللت "أبو سكين" 48 حالة إنتحار نشرتها الصحف والمواقع الإخبارية عامى 2017-2018 منها 34 حالة مات أصحابها و14 محاولة لم تنته بالموت، 7 حالات أقل من 18 سنة و33 من سن 18إلى35، و4 فوق سن 35، عدد المتزوجين 19 وغير المتزوجين 20 حالة واحدة مطلقة، وأخرى أرملة، و7 دون سن الزواج.

تنوعت أسباب الإنتحار، وجاءت كالتالى الخلافات الأسرية، خيانة الزوج، العنف الزوجى، رفض تطليق الزوجة، التورط فى علاقة غير مشروعة، الفشل فى الخطوبة، يليها الأسباب المرضية والنفسية وهى الإكتئاب والشعور بالفقد بعد موت عزيز، اليأس من علاج مرض السرطان، والرسوب فى الإمتحان، ثم  الأسباب الإقتصادية ومنها البطالة وتراكم الديون.

وتقول "أبو سكين" إن الأرقام غير الرسمية تشير لارتفاع معدلات الإنتحار فى مصرخلال السنوات القليلة الماضية بينما لاتوجد إحصاءات رسمية معلنة عن الإنتحار في البلاد لمحدودية تسجيل نسب حالات الإنتحار، لأنه وفقا للثقافة الشائعة يعتبر وصمة، تعمل الأسرة على نفيها.

تضمنت دراسة "أبوسكين" عدة توصيات:- ضرورة إعتراف المجتمع بالمرض النفسى كباقى الأمراض التى ينبغى علاجها. - إطلاق خدمات الإستشارات الإجتماعية والنفسية لمن يعانون مشكلات من خلال الزيارات أو الهاتف أو تطبيقات الموبايل.- إطلاق حملة من قبل وزارة الشئون الإجتماعية مع المؤسسات المعنية هدفها الاكتشاف المبكر للمقبلين على الإنتحار، وعمل دورات تدريبية للشباب لكيفية التعامل مع المشكلات وإدارة ضغوط الحياة.- متابعة الوالدين لسلوك الأبناء لإكتشاف أى علامات لنية الإنتحار مثل تعكر المزاج بشكل ملحوظ والشعور الدائم بالحزن، والشعور بعدم القيمة والأهمية، والإنعزال، والنظرة القاتمة للمستفبل، والشعور بالملل، والتغير الملحوظ فى عادات النوم والأكل، وضعف الثقة بالنفس، والهروب من المنزل، وشرب الكحول والمخدرات.

وأكدت الباحثة على دور الإعلام فى التوعية المجتمعية ونشر ثقافة رفض الإنتحار وتصحيح التصور الخاطئ بأن الموت أسهل طريق للتخلص من مشاكل الحياة.

ومن خلال تحليلها لمضمون 48 موضوعا صحفيا منشورا عن الإنتحار تسجل عدة ملاحظات منها إبراز حوادث الإنتحار، وإستخدام عناوين مثيرة، والتركيز على تفاصيل عملية الإنتحار، وعدم الإشارة إلى الحلول التى كان يمكن اللجوء إليها أو الجهات التى يمكن أن تقدم المساعدة للمنتحر قبل الإنتحار أو لذويه الذين تعرضوا لضرر نفسى واجتماعى .

خطر التقليد

د. نسرين البغدادى- أستاذ علم الإجتماع ورئيس المركز القومى للبحوث سابقا- ترجع إلى ما قاله عالم الإجتماعإميل دوركايم عن التقليد كعامل محفز لعملية الإنتحار، حيث صنف الإنتحار إلى 4 أصناف - الأول الإنتحار الأنانى: حيث لايكون الشخص مندمجا فى المجتمع، - الإنتحار الإيثارى: يقدم عليه شخص مندمج بقوة مع جماعة ويندفع بقوة وهدوء للإنتحار من أجل الجماعة التى يتعصب لها، - الإنتحار اللامعيارى: ويتذرع فيه من يحاول الإنتحار بالضغوط الإقتصادية وفقدان الأمل، - الإنتحارالقدرى الذين يعتقدون إن الموت قدرهم ويتعجلون حدوثه.

وترى "البغدادى"أن الأسرة هى المسؤول الأول والأخيرعن حوادث الإنتحار وأن للدراما دور فى التحفيز من خلال عرض الإنتحار فى مشاهد مثيرة، ومن شأن ذلك أن يؤثر فى صغار السن والمراهقين، وللإعلام تأثير عندما يتوسعون فى عرض التفاصيل والطريقة والأدوات فيتلقاها البعض بمنطق المغامرة والرغبة فى التقليد، فى حين أن دور الإعلام لابد أن يركز على الضرر المترتب على الإنتحار والحلول التى كان يمكن اللجوء إليها، والتأكيد على قيمة الحياة وإنها أمانة وليس من حق أحد أن يقررإنهاء حياته.

المواجهة

إنتبهت وزارة الصحة المصرية وتحديدا الأمانة العامة للصحة النفسية مؤخرا لتزايد هذه الحوادث وأطلقت مبادرة "مواجهة الإنتحار" وخصصت عددا من خطوط التليفون، مع تدريب 200 أخصائى نفسى، وتلقت بالفعل عددا من الإتصالات من أشخاص كانوا يرغبون فى الإنتحار وتم توجيهم لأقرب مستشفى تابعة للأمانة العامة للصحة النفسية.. ونجحت فى إجهاض 15 محاولة إنتحار.

أما دور الاعلام ومدى مسؤوليته عن حوادث الانتحار، فقد تضمنه كتيب  صادر عن منظمة الصحة العالمية قدم دليلا مرجعيا موجزا لإعداد التقاريرالإعلامية يحدد ما يجب الإلتزام به ومايجب تجنبه، فيما يشبه مدونة سلوك إعلامى عند التعرض لحوادث الإنتحار وتتمثل فى عدة نصائح ونواهى، النصائح: - توفير معلومات عن أماكن إلتماس المساعدة - تثقيف الجمهور بالحقائق الخاصة بالإنتحار وكيفية الوقاية منه دون نشر خرافات. - نشر القصص الخاصة بكيفية التعامل مع ضغوط الحياة أو الأفكار الإنتحارية وسبل تلقى المساعدة.- توخى الحذرالشديد عند نشر أخبارعن حوادث إنتحار المشاهير بشكل خاص .- توخى الحذر عند إجراء المقابلات مع أسرة الفقيد أو أصدقائه، والإنتباه لتأثر الإعلاميين أنفسهم بقصص الإنتحار.

أما النواهى وما يجب تجنبه فيتلخص فى عدة لاءات: - لاتسلط الضوءعلى قصص الإنتحار ولاتكرر الحديث عن هذه الأخبار دون داع.- لاتستخدم لغة تضفى إثارة على حوادث الإنتحار أو تجعل منها مسألة طبيعية أو إعتيادية، ولاتطرح فكرة الإنتحار بوصفها حلا. - لاتقدم وصفا تفصيليا للطريقة التى تم بها الإنتحار.- لاتستخدم العناوين المثيرة.- لاتستخدم الصور أوتسجيلات الفيديو أو روابط مواقع التواصل الإجتماعى.

"باباجينو..وفيرتر"

وقسمت المنظمة الإعلاميين من حيث تأثير تقاريهم عن الإنتحار إلى فريقين: - فريق "باباجينو" بطل أوبرا موتسارت بعنوان "الناى السحرى" - وفريق "فيرتر" بطل رواية " جوته آلام فيرتر.

بابا جينو"بطل الناى السحرى" تنتابه الرغبة فى الإنتحار عقب ضياع حبه غير إنه يجد بدائل للإنتحار فى اللحظة الأخيرة وثبت إن لهذه الأوبرا تأثير إيجابى للحد من حوادث الإنتحار، خاصة بين من يتعرضون لصدمات عاطفية، وهكذا يكون تأثير الإعلام الواعى والمسؤول الذى يقدم نماذج شبيهة ب"باباجينو" الذى تخلص من الأفكار الإنتحارية وتراجع عن السلوك الإنتحارى، وذلك بتقديم معلومات دقيقة عن الأماكن التى تقدم المساعدة مثل مراكز الوقاية من الإنتحار، ونشر الحقائق بدقة وتجنب الخرافات، وسرد قصص واقعية لأشخاص تغلبوا على الصعوبات والمشكلات وشرح الطرق التى إنتهجها آخرون للتغلب على الأفكار الإنتحارية.

وعند تناول حوادث إنتحار المشاهير يتجنب تفاصيل الإنتحار ويركز على عطاء الشخصية والخسارة الناجمة عن إنتحاره، وفريق "باباجينو" يراعى المتأثرين بالإنتحار من الأسرة والأصدقاء فيحترم خصوصياتهم، لأن هؤلاء يكونون عرضة للإنتحار، لذا فاحترام خصوصيتهم أهم من نشر قصة مثيرة.

وفى نفس الوقت فان الأشخاص الذين فقدوا عزيزا بسبب الإنتحار، عندما يتغلبون على مشاعر الحزن يستطيعون تقديم حلول ناجحة لغيرهم للتغلب على صعوبات الحياة، وهؤلاء يسمح لهم بالإطلاع على التقاريرالإعلامية قبل النشر من أجل إتاحة الفرصة لهم لإدخال أى تصحيحات أو تغييرات أخرى قبل النشر.

ويراعى فريق "باباجينو" عدم نشر حوادث الإنتحار فى الصفحات الأولى ويختار لها  ذيل الصفحات الداخلية ولا يفرد مساحات لتفاصيل عملية الإنتحار ويتجنب إستخدام مصطلح "إنتحار ناجح" أو "إنتحار فاشل" واستخدام لغة أدق "سلوك إنتحارى لم يفض للموت" ويلتزم أيضا بعدم تقديم معلومات عن طرق الإنتحار الجديدة حتى لاتنتشر، ولايقدم تفاصيل عن أماكن الإنتحار أو الترويج لها.

ولايستخدم الإعلاميون الملتزمون بأدبيات نشر حوادث الإنتحار الصور وروابط مواقع التواصل الإجتماعى الخاصة بمشهد الإنتحار، ولايمجدون من شخصية المنتحر، ولاينشرون خطابات الإنتحار ولاالرسائل النصية الأخيرة أو تدوينات مواقع التواصل الإجتماعى حتى لايعود إليها بعض القراء عندما يمرون بأزمات شخصية.

أما مايتعلق بالإعلام الرقمى فقد وضعت منظمة أصوات التثقيف والتوعية بشأن الإنتحار مجموعة من التوصيات ذات الصلة بالمدونين، فالإعلام الرقمي قد يؤدى إلى زيادة حوادث الإنتحار أو الحد منه حسب المعالجة، فأحيانا تمارس مواقع الإنترنت والمنتديات مساعدة إيجابية ولايشعر الأشخاص المعرضون للإنتحار بالإغتراب عندما يتعاملون معها، كما توجد مواقع إنترنت تشجع على الإنتحار وتقدم وصفا تفصيليا لطرق الإنتحار المختلفة، وتجند أفرادا لعمل إتفاقات تشجع على الإنتحار الجماعى.

فريق "فيرتر"

الفريق الثانى فريق "فيرتر" بطل رواية جوته "آلام فيرتر" الذى أطلق على نفسه النار لأنه وقع فى حب إمرأة بعيدة المنال. الرواية التى نشرت نهاية القرن الـ18 أدت لحدوث موجة من جرائم الإنتحار وعثر على كثير ممن إنتحروا وهم يرتدون ملابس تشبه ملابس فيرتر ووجدوا مع بعضهم نسخة من الرواية، مما دفع لحظرها فى عدة دول أوربية.

فريق "فيرتر"من الإعلاميين هم الذين لايلتزمون بأخلاقيات وأدبيات نشر أخبار حوادث الجريمة، وسبق وتناولت دراسة فيلبس الأدلة العلمية على تزايد إنتهاج السلوكيات الإنتحارية بدافع تقليد الغير تأثرا بالتقارير الإعلامية المنشورة، راقب فيها عدد حالات الإنتحار فى الشهور التالية لنشر أخبار إنتحار فى الصفحات الأولى بالصحف الأمريكية مقارنة بعدد حوادث الإنتحار بعد شهور من عدم النشر عن حوادث الإنتحار.

ماتوصل له فيلبس أكدته دراسات أخرى لشميدكى وهافنر،عن تزايد حوادث الإنتحار بالتقليد بعد مسلسل تليفزيونى. وبحث بولين وفيلبس  ،و ستاك  الذين إكتشفواالأثر الذى ينتج عن تغطية خبر إنتحار فى نشرة أخبار التليفزيون حيث إكتشفوا زيادة حوادث الإنتحار.

وتوصلت دراسة تشنغ وآخرون إلى تزايد حدوث حوادث الانتحار ومحاولات الإنتحار عقب تغطية حوادث إنتحار المشاهير، وهو ماقدم عليه أتزير سدور فيروفو راسيكدليلا من خلال أرقام التوزيع، تتبعت الدراسة تأثير نشر خبر إنتحار أحد المشاهير فى أكبر صحيفة نمساوية، حيث إرتفعت معدلات الإنتحار فى المناطق التى كانت فيها أعلى معدلات توزيع للجريدة.

وقدمت دراسة منظمة الصحة العالمية خبرات مستخلصة من تجارب عدة دول حول التغطية المسئولة لحوادث الإنتحار، أوصت بضرورة مراعاة التوازن بين حق الجمهور فى المعرفة والتسبب فى وقوع المزيد من المخاطر والأضرار.

المسئولية الإجتماعية.

يمثل التوازن السابق جوهر نظرية المسئولية الإجتماعية للإعلام، وتعليقا على دليل منظمة الصحة العالمية فى معالجة حوادث الإنتحار تقول د. نرمين الأزرق –أستاذ التشريعات وأخلاقيات الإعلام بكلية الإعلام جامعة القاهرة- إن المعالجة غير المسؤولة للحوادث بشكل عام وحوادث الإنتحار بشكل خاص  تضر بالصالح العام وتؤدى إلى آثار ضارة، وتشير "الأزرق" إلى نظرية العدوى السلوكية، فالسلوك الإنتحارى قد ينتقل بالعدوى إذا قدمه الإعلام بطرق لاتلتزم بأخلاقيات النشر، وهذا ماكشفت عنه دراسة بجامعة كولومبيا تتناول الدور الذى يجب أن تقوم به وسائل الإعلام لمكافحة الإنتحار.

أكدت الدراسة أهمية الإعتماد على مصادر معلومات تشرح وتفسر الحالات والمواقف المرتبطة بالإنتحار، كما يجب الإنتباه للصياغات اللغوية حتى لا تؤدى إلى عكس المطلوب وتدفع الناس للتقليد، والإنتباه لتوقيت النشر وللسياق، وأن يكون للإعلام دور فى تعليم الناس وتوعيتهم بمخاطر الإنتحار وآثاره وتكوين إتجاهات رافضة للإنتحار، وذلك إلتزاما بالمسئولية الإجتماعية للإعلام.

وتشير "الأزرق" للتوصيات التى وضعتها عدة مؤسسات وجمعيات أمريكية مهتمة بمكافحة الإنتحار، ومنها عدم معالجة حالات الإنتحار بنوع من الإثارة، الإستعانة عند المعالجة بالمؤسسات والأجهزة المختلفة لمكافحة الإنتحار وذكرها عند التغطية، الإستعانة بمصادر من مؤسسات مكافحة الإنتحار لأنها ستقدم رؤية طبية وعقلانية تفيد القراء، والإستعانة فى المصادر بالطبيب النفسى والمرشد الإجتماعى والمربى، عدم نشر صور مؤلمة لأنها قد تدفع لمزيد من الإكتئاب والإنهيار قد يؤدى للإنتحار، عدم الإستعانة بالرسائل التى تركها قبل الإنتحار لأنها تترك آثارا نفسية سيئة، الكتابة عن الإنتحار بإعتباره فعلا سيئا قام به الشخص وليس بإعتباره نهاية للألم أو حلا للخروج من المأزق، كما يجب أن يذكر فى التغطية كل أشكال العون الطبى التى تقدمها المؤسسات التى يمكن اللجوء إليها من قبل من يفكر فى الإنتحار.

وتناولت "الأزرق " فى دراسة لها تأثير الصورة الصحفية لضحايا الحوادث ومنها ضحايا الإنتحار، وتقول إن نشر الصورة الصحفية لضحايا الحوادث ومنها الإنتحار بغرض الإثارة قد تدفع بعض الأقارب من الأهل والأصدقاء والمحبين إلى الإنهيار النفسى أو فقدان العقل وربما تدفع للانتحار، ذلك لأن الإنسان وما يسكنه من مشاعر وأحاسيس قد لايحتمل الصور المؤلمة واللقطات الأشد إيلاما، وبالتالى قد تدفع التغطية غير المسؤولة أحيانا، عبر الدفع بصور وفيديوهات الضحايا، لمزيد من الحوادث ولمزيد من حالات الأرق النفسى والإكتئاب أو الانتحار.

----------------
تحقيق: نجوى طنطاوى






اعلان