25 - 04 - 2024

"طريق الموت" لا يرحم أحدا.. عشرات الوفيات من الهرم للعياط

أشهر الحالات التي هزت المنطقة.. غرق الطفلة "ملك" وفريق غواصين يبحث عنها 48 ساعة

أبدى عدد من أهالي منطقة جنوب الجيزة استيائهم الشديد من تكرار وقوع حوادث على طريق ترعة المريوطية، بسبب عدم وجود سور على جانبي الترعة فضلًا عن وجود منحنيات  خطيرة في الطريق، وكان آخر ضحايا هذا الطريق الذي لقبه الأهالي بـ"طريق الموت" سقوط سيارة ملاكي بالترعة، بمنطقة أبو النمرس، مما أسفر عن وفاة قائدها عبد الحميد صابر أبو هاشم وابنته البالغة من العمر  3 سنوات غرقًا وتم العثور على جثة الأب وظلت جثة الطفلة في مياه الترعة حتى بعد دفن والدها، وبعد استغاثات الأهالي تم التوجيه بفريق غواصين للبحث عنها وتم العثور عليها بعد يومين من غرقها ، 48 ساعة من الترقب والقلق والحزن والانتظار لدى أبناء المحافظة بأكملها.

أهالي قريتي سقارة وميت رهينة ناشدوا محافظ الجيزة اللواء أحمد راشد التدخل لبناء سور على ترعة المريوطية حتى يحد من الحوادث لأنها تكررت في العامين الماضيين بشكل كبير جدًا، في العام الماضي فقد رجل أبناءه الأربعة أثناء عودتهم من العمل، كما فقدت قرية ميت رهينة زهرة شبابها في أثناء العودة بعريس وعروسة من إحدى القاعات وتحول الفرح إلى جنازة.

ويؤكد صبحي الدالي، عضو مجلس النواب عن دائرة البدرشين، أنه قدم عددًا من طلبات الإحاطة داخل مجلس النواب لتنفيذ بناء سور المريوطية وهو الطريق السياحي المسمى لدى الأهالى بـ"طريق الموت"، خاصة مع استمرار نزيف الأرواح على هذا الطريق، مشيرًا ألى تنظيمه عدة لقاءات مع المحافظ خلال الفترة الماضية، موضحًا أن المحافظ وافق على بناء السور، إلا أنه لم يتم البدء فيه حتى الآن، لافتًا إلى أنه سيتواصل مع الجهات المسئولة لسرعة إنجازه.

فيما أعلن عدد من شباب البدرشين وسقارة وميت رهينة وأبو صير وشبرامنت وأبو النمرس عزمهم على بناء حواجز أسمنتية على جانبي الطريق منعًا لسقوط مزيد من السيارات خلال الفترة المقبلة بالجهود الذاتية.

وتستعرض "المشهد" بعض الحالات المحفورة في أذهان الشارع الجيزاوي رغم مرور الوقت ولكن ما زال الألم في القلوب والطريق كما هو في انتظار مزيد من الضحايا.

يفقد حياته لحظة كتابة التقرير

بعد ظهر الأحد 26 يناير ولحظة كتابة هذا التقرير، فقد رجل حياته، كان يستقل سيارته على طريق المريوطية وفجأة انقلبت لأنه ليس هناك فاصل بين الطريق والترعة، حاول المارة إسعافه لكنه فارق الحياة، واستطاعت المشهد تصوير السيارة التي حملت الرقم 1347.

...

لحظات قليلة ما بين الضحكات التي كانت تملأ جنبات سيارتهم، وبين صرخات الاستغاثة، طلبًا للنجدة من الغرق، كانت هي آخر ما تلفظت به أسرة (سيدة تقود رفقة أبنائها الـ3، وابني شقيقتها) قبل سقوطهم في ترعة المريوطية، بالقرب من قرية ميت رهينة، بمنطقة البدرشين، في محافظة الجيزة، أودت بحياة 4 من الصغار ونجاة الأم وابنة واحدة فقط من فلذات كبدها الـ3.

محاولات أهالي القرية والمارين على الطريق لإنقاذ كل أفراد الأسرة باءت بالفشل، حين تدافعوا إلى الترعة محاولين رفع السيارة، وبعدما عجزوا (لثقلها نتيجة غمرها بالمياه) كسروا زجاج نوافذها، ولكن بعد أن "فات الأوان" وصعدت روح الصغار الـ4 إلى بارئهم، بينما نجت السيدة وصغيرتها.

.....

أما عم جابر، فتعرض إلى مأساة إنسانية وروي القصة قائلًا: "منذ فترة كان ابني "عبد الرحمن" البالغ من العمر 17 عامًا، عائدًا بصحبة ابن خالته مستقلين سيارة ملاكي، بطريق المريوطية، وسرعان ما تعرضا لحادث، أسفر عن سقوط السيارة بالترعة.. نجا ابن خالة ابني من الموت، بينما سقط "عبد الرحمن" بالمياه، وتم انتشاله ونقله إلى المستشفى، قبل أن يفارق الحياة، حيث تم إيداعه غرفة العناية المركزة لما يقرب من 55 يومًا، حتى انتهى الأمر بمفارقته الحياة".

وأضاف "عم جابر": "تلك المأساة التي تعرضت لها في ابني "عبد الرحمن" دفعني للمبادرة بالإعلان عن بناء سور لترعة المريوطية، وبدأ الأهالي في الاستجابة للمبادرة، والتبرع لها، فنسقنا مع مجلس مدينة البدرشين لبناء السور، والبدء بالأماكن التى تتكرر بها الحوادث، خاصة في منطقة كوبري زويل، موقع وفاة ابني"."أتمنى أن يكون هناك اهتمام من جانب المسئولين، والتدخل سريعًا لوقف نزيف الدماء، وأن يغطي السور طول الترعة المريوطية، خاصة أن الأمر بالنسبة للمشاركين في المبادرة صعب التنفيذ، ولابد من تدخل الحكومة".

.....

طوال 48 ساعة ، ظل جسد الطفلة "ملك" ابنة الثلاث سنوات، تائهًا في أعماق ترعة المريوطية، أو ترعة "الموت" كما يفضل أهالي محافظة الجيزة أن يطلقوا عليها، اختفت الطفلة عقب سقوط السيارة الملاكي التي كان يستقلها والدها ، انحرفت عجلة القيادة من يده، فغرقا سويًا، أسرع الأهالي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، تمكنوا من انتشال جثة الأب، بينما سحبت المياه جثة الطفلة "ملك" في أعماقها، وتحركت مع مجرى التيار، فأسرع أفراد أسرتها للبحث عنها، من خلال الاستعانة بغواصين، شارك أصحاب القوارب الصغيرة في البحث عن "ملك"، واستمرت علميات البحث وسط تعاطف وأحزان أسرة الطفلة، وجيرانها، وكل من تناهى لسمعه مأساة الطفلة، لمدة 48 ساعة، حتى تم العثور عليها وانتشالها.

 تلك القصص المأساوية، مجرد جزء من عشرات من القصص الحزينة التي ارتبطت بترعة المريوطية، لكونها ملاصقة لطريق لا يوجد به أي مصدات أسمنتية أو سور خرساني، يحمي قائدي السيارات من السقوط بها.
------------------------------

من العدد الورقي
تقرير - أحمد صلاح سلمان






اعلان