24 - 04 - 2024

مأزق الدكتور الخشت والشيخ الطيب وتجديد الخطاب الديني

مأزق الدكتور الخشت والشيخ الطيب وتجديد الخطاب الديني

(1)

الدكتور الخشت ليس أفضل من يمثل تيار التجديد في التراث، لقد كان الرجل ارتجاليا إلى أقصى حد، وبدا وكأنه يقدم محاضرة لطلاب الفرقة الأولى، وهذا لا يليق بمؤتمر مهم مثل هذا .... ولكن حديث شيخ الأزهر عن التراث مخيف، فالرجل يتحدث بيقين عن التراث الذي نقل أمة من البداوة إلى الفتوحات التي وضعت قدمًا في الصين وأخرى في الأندلس...!!

هل هذا هو التراث الذي نشكو منه اليوم؟

كان شيخ الأزهر في مداخلته حول التراث واعظًا ليس أكثر، لقد تغنى الرجل بالتراث وجماله، وتحدث بثقة القائم في عرينه، مما جعل رجاله يصفقون له مرارًا وكأنهم في مؤتمر انتخابي...!!

التصفيق فجاجة، خصوصًا حين يكون المقام مقام بحث شائك مثل هذا، وحين يكون المصفقون أساتذة جاءوا من أجل الكتابة والتفكير ..!

لكن، ماذا نقول؟

(2) 

الشيخ الطيب جزء من التيار الأزهري العام، لا يمكنك مقارنته على الإطلاق برجل مثل الشيخ شلتوت، ناهيك عن مقارنته بمحمد عبده (دي نكتة هايلة)، الرجل تقليدي إلى أقصى حد، ولكنه نال شعبية مذهلة لم يحظ بها شيخ للأزهر من قبل، وهذا يعود إلى السياق الذي وجد الرجل نفسه فيه (قبيل ثورة يناير وما بعدها وإلى اليوم).

لقد دافع الرجل بقوة واضحة عن الأزهر أثناء حكم الأخوان، وفي المقابل شنّ عليه الأخوان حملة شعواء نالت من دينه وكرامته (لقد سبوه على جداران كليات الأزهر، وفي قنواتهم ومنشوراتهم على فيس بوك)..

ومع دعوة الرئيس لتجديد الخطاب الديني ورفض الشيخ لها، دخل الرجل على خط النار باعتباره ممثلا للمعارضة الدينية، ودخلت فكرة التجديد على خط السجال الديني السياسي، وأعادت قنوات الأخوان تقديم الرجل باعتباره الشيخ الصلب، والإمام الحق، الذي يمكنه أن يقف ويقول: لا، ولا يهم هنا إن كانت لا مفيدة أم ضارة، المهم أن يقول للقيادة السياسية لا، وأن يرفض دعوتها...!!

المعضلة هنا أن الجميع يتحدث عن التجديد وكأن خطوات كبيرة لم ينجزها أساتذة ودارسون، منهم من قُتل، ومنهم من هاجر، ومنهم من مات كمدًا، ومنهم من ينتظر...!!

الأزهر لن يقدم أي تجديد، وظني أن الزمان تجاوزه، وأنه لم يعد المرجعية الوحيدة للمسلم السني، وأن كل ما نتحدث فيه مجرد سجال ثقافي، هو في الأصل تنويع على سجال سياسي وانقسام اجتماعي لأمة ممزقة إلى أقصى حد...!!

(3)

لقد نزلت دعوة الرئيس إلى ضرورة تجديد الخطاب الديني على رؤوس المشايخ كالصاعقة؛ فهذه هي المرة الأولى التي يقف فيها رئيس يطالب بالتجديد، بل ويلوم المشايخ على تقاعسهم....!!

المشايخ هم آخر من يجدد، ليس هذا فحسب، وإنما هم حراس التقليد ورجاله الأوفياء.... لا أعلم إن كان الرئيس يعلم ذلك أم لا..!!!

المشكلة الكبرى حقا، هي أن الرئيس يظن أن تجديد الخطاب الديني يمكن أن يحل الإشكال، وبمجرد حدوث ذلك سوف ينعم المجتمع بالسلام!.

الخطاب الديني ليس خطابا في الهواء، وإنما هو خطاب يعيش في سياق اجتماعي وسياسي إقصائي متشدد، والخطابات تغذو بعضها بعضا.

وهذا يعني أننا لا يمكننا النهوض بالخطاب الديني ونحن نغلق المجال السياسي بالضبة والمفتاح، فكل انفتاح سياسي واجتماعي يؤدي بالضرورة إلى تطوير الواقع، وجعله أكثر مرونة وقابلية للتجديد دون تشنج أو توتر.

باختصار، إما أن يجدد الجميع، وإما أن يتشدد الجميع....!!
--------------------
بقلم: د. محمد عبدالباسط عيد

مقالات اخرى للكاتب

منحوس في مصلحة حكومية!





اعلان