20 - 04 - 2024

البحث عن الحقيقة في موت محمد حسن خليفة .. هل مات نتيجة تدافع حقا؟

البحث عن الحقيقة في موت محمد حسن خليفة .. هل مات نتيجة تدافع حقا؟

مع نبأ رحيل القاص والشاب المجتهد، محمد حسن خليفة، كثرت الأقاويل عن سبب موته ومكان الوفاة، وتضاربت الرؤى والشهادات، ونحاول أن نستعرض الرؤى كافة، والشهادات التي رواها لنا شهود العيان، ومنهم من تواصلتُ معه فور سماع نبأ الإغماء حتى عرفت نبأ الرحيل، ولا نستهدف من وراء ذلك إلا أن نضع هذه الشهادات للناس، والحق أحق أن يتبع، حتى لا تتكرر المأساة. 

بداية، أعلنت وزارة الثقافة سريعًا ودون فتح تحقيق، أن الكاتب الشاب رحل نتيجة إصابته بإغماء أثناء تواجده في دار النشر التي أصدرت مجموعته القصصية الجديدة، وهي دار الكنزي، لتبرأ الوزارة ذمتها من الاتهام بضيق مكان معرض القاهرة ووفاة كاتب شاب نتيجة التدافع. 

من جهتنا، اتصلنا بأصدقائه وشهود العيان الذين رافقوا الراحل في ساعته الأخيرة، يقول مدير دار تبارك، إسلام أحمد، أن محمد حسن مرّ عليه لتبادل السلام بجناح دار تبارك بالمعرض التي تواجه مباشرة دار الكنزي، ووجد خليفة أن الدار التي نشرت مجموعته لم تنته من «فرش» كتابه أو عرضه، فتوجه مع الكاتب الشاب مروان حامد إلى جناح عرض وبيع إصدارات قصور الثقافة، لشراء كتاب شخصية مصر لجمال حمدان، وطلب إسلام من صديقه أن يشتري له نسخة. 

يكمل إسلام لنا أنه بعد فترة، جاءت زميلة لخليفة، يصففها إسلام بقارئة تنتظر أن يوقع لها الراحل على نسخة من مجموعته، جاءته تهرول وتخبره بإغماء محمد حسن، فتوجه إلى قصور الثقافة ليجده قد ذهب إلى المستشفى بسارة إسعاف تواجدت في أرض المعارض، ثم انتقل وراءه إلى مستشفى الدفاع الجوي. 

يقول إسلام، إن الأطباء أبلغوه أن الراحل حضر إلى المستشفى مصابًا بتوقف عضلة القلب، وحاولوا إسعافه، فعاد النبض لثوان ثم توقف نهائيًا وطلّ الراحل في العناية ما يقارب 45 دقيقة حتى فاضت روحه إلى خالقها. 

هنا، يحكي لنا مروان حامد أنه توجه بالفعل إلى جناح قصور الثقافة بالمعرض، بصحبة محمد حسن خليفة، فوجداها مغلقة، مع انتظار كبير وحاشد من الجماهير، وفور أن فتحت الهيئة جناحها تدافع الناس، في زحام غير منظم، وسقط الكاتب الشاب، ليتوجه مروان إلى سيارة الإسعاف التي نقلت الراحل فورًا إلى المشفى. 

يؤكد مروان حامد أن سيارة الإسعاف لم يكن بها طبيب، فقط مسعف، مشددًا على أن الراحل سقط بسبب التدافع أمام جناح قصور الثقافة، وكثرة الزحام للحصول على كتب الهيئة الرخيصة. هنا، نسأل أيّا كانت الحقيقة، لماذا تعجلت الوزارة في بيانها؟ نحن لا نستبق باتهام أي طرف، بقدر ما أننا نؤكد أنّ روح الإنسان أهمّ من معرض الكتاب، والحفاظ على الأرواح غاية لا تنافسها أخرى، ولماذا لم تنشر الوزارة ما سجلته كاميرات المراقبة لحظة وفاة الكاتب الشاب، لتظهر للرأي العام كيف أصيب شاب عشريني بتوقف عضلة القلب حدّ شهادة الشهود؟ 

مؤكد أن مقر المعرض الجديد أكثر تنظيمًا من سابقه لكن مؤكد أيضًا أنه ضيق جدًا ولا يستوعب ما يقارب 3 ملايين شخص زاروا المعرض في دورته السابقة حدّ أرقام الهيئة المصرية العامة للكتاب، كما أن الصالات ليست كافية لـ 900 ناشر كما أعلنت أيضًا الهيئة عن عدد الناشرين، وحتى تجري التوسعة لماذا لم تقلص الوزارة عدد المشاركين وتترك مساحات للتنفس وحرية الحركة، فالتنازل عن 200 ناشر ليست خسارة مقابل الحفاظ على أرواح الناس؟ 

أيًا كانت الرواية الأصدق، فالاكتفاء بوجود سيارات إسعاف أمر مؤسف، والطبيعي أن تتواجد مستشفى متنقلة بأطباء على الأقل ممارسين يمكنهم تقديم الإسعافات الأولية على نحو أفضل، وأن تتمتع ببعض الخدمات التي تنقص المسعفين وسيارات الإسعاف. إن استباق الوزارة لفتح تحقيق وإعلان الحقيقة مثبتة بالأدلة أمر محمود إن فعلته، وهو في كل الأحوال أفضل من الإجبار حال التقدم ببلاغات للنائب العام وفتح تحقيق قضائي. نحن لا نتهم أحدًا، ولا نستبق التحقيقات التي نطالب بفتحها، وإنما لن تضار الوزارة إن اكتشفت فعليًا أن الكاتب مات بسبب التدافع في أيّ مكان، ومن ثم تبدأ في بحث الحلول العاجلة حتى لا تتكرر المأساة.
---------------------
بقلم: مدحت صفوت*
* نقلا عن صفحة الكاتب على فيس بوك






اعلان