10 - 05 - 2025

ترنيمة عِشق| زمن العمالقة أم المُخيلات المَسحوقة؟

ترنيمة عِشق| زمن العمالقة أم المُخيلات المَسحوقة؟

 مؤخرًا.. وفي فترة زمنية بسيطة؛ تلقيتُ خَمس رواياتٍ؛ ينوي "مؤلفوها" الاشتراك بها في مسابقة "البوكر العالمية للرواية العربية" القادمة والتي أطَلّ موعدها؛ حيث تتلقى اللجنة الموقرة عشرات الروايات؛ أملاً في التقدير المُعتبر الذي تناله الرواية الفائزة وصاحبها.

والحقيقة أنّي لم أستطع إخفاء دهشتي مِن جرأة أحد المؤلفين (يليق به أن أصفه بلفظٍ أشد قسوة) حين كَتَب - ترويجًا لرواية سابقة له - أنها فازت بالبوكر في عامٍ مضَى، ودَوّن ذلك على الغلاف الأمامي بشكلٍ واضح! رغم أنّي أعلم عِلم اليقين أنها رُشّحتْ فقط لـ "القائمة القصيرة" في تلك السنة، وهي المرحلة التي يتم فيها ترشيح سِت رواياتٍ؛ ثم تُختار واحدة منها لتفوز في التصفية النهائية.

وعِلمي هذا ليس لأنّي كنت حاضرة الاحتفال بالعاصمة أبوظبي في تلك السنة - أي شاهد عَيان - ولكن يبدو أن المؤلف ذهبَ عن باله أن وسائل الإعلام الورقية والإلكترونية تستطيع أن تُكَذّب ادعاءه، وتضعه في موقف الكذّاب الأَشِر.. أما لو اعتمد على أن المتلقي يملك ذاكرة السمك؛ فإنّ محرك البحث "جوجل" كفيلٌ بالرد عليه ودمغه

الملفت للانتباه؛ أن ثلاث من الخمس روايات تلك التي تلقيتها تتناول سِيَرًا أو تحقيقًا لقصص وشخصيات تراثية واقعية وخيالية: فواحدة تناولت سيرة سلطان العارفين "ابن عربي"،  والثانية أعادت نشر قصة مِن كتاب "ألف ليلة وليلة" بتفاصيلها كاملة دون زيادة أو نقصان! والثالثة يعزو صاحبها فكرة التأليف لمخطوطٍ تراثي عَثر عليه وحده ( ! ) دون أن يعرف مَن الذي خَطّه، ولمّا طالعتها تذكرتُ أنّي قرأتها فعلا مذ سنواتٍ طوال؛ ولكن لا أتذكر المصدر الآن ( يبدو أنّي عثرت عليه وحدي مثله! ).. إذن ما الحاجة ليدّعي صاحبها أن الحظ أحاطه علمًا بالمخطوطة دون غيره؟

تُراها من باب المصادفة أن تكون الثلاث روايات  تتناول سِيَرًا وحكاياتٍ تراثية؟!.. فهل نضب معين الرواية؟ أم أنّ المبدعين يعيشون في جُزر منعزلة عن واقعنا الكفيل بتأليف عشرات الروايات مستوحاة مِن مآسينا الإنسانية التي نحياها؟! أم أنّ "المُخيلات المسحوقة" بفعل عصر "إنهاك إنسانيتنا" صارت سمْتنا في زماننا العقيم هذا؛ فبِتنا نهرب للتراث نفتش فيه وندّعي الإبداع زورًا وبُهتانًا؟!

السؤال الذي يطل برأسه الآن: أمَا كان الأجدر لهؤلاء "المؤلفين" أن يكتبوا كلمة "تحقيق" بدلاً مِن "تأليف"؟!

حين أقرأ سيرة حياة "ابن عربي" أجده قد التقى بالأئمة والفلاسفة والمبدعين في عصره؛ أمثال: "السهروردي" و"جلال الدين الرومي".. في حِله وترحاله من الأندلس مرورًا بالمغرب وانتهاءً بالعراق فدمشق.. وذات الأمر كان في زمن فطاحل الشعراء .. فتلاقحتِ الرُّؤى والأفكار، وكان ناتج المخاض إبداعًا عملاقًا وكبيرًا.

يبدو أن عصر الكبار لا يلد إلا الكبار.. أما ما يلده عصرنا فأترك للقارئ العزيز الحُكم عليه.
--------------------
بقلم: حورية عبيدة


مقالات اخرى للكاتب

ترنيمة عشق | إعلام زليخة