29 - 03 - 2024

ما ينتظر تركيا صدمة "إبراهيم " وليس غنيمة "سليم"

ما ينتظر تركيا صدمة

تركيا تبحث بالفعل عن المشاكل مع اليونان ومصر، وبالنظر إلى خريطة المنطقة فإن خط الحدود البحرية والمنطقة الاقتصادية البحرية لليونان وقبرص اليونانية يغلق الطريق أمام أي امتداد لحدود تركيا البحرية تجاه مصر أو ليبيا. 

حالة الصلف التي يتسم بها أردوغان دفعته لمحاولة خلق أمر واقع بالتعاون مع الجماعات المتطرفة التي تسيطر على غرب ليبيا وعلى رأسها السراج من خلال الاتفاقية التي وقعها الطرفان مؤخرا. 

ويمكن لمصر واليونان وقبرص اللجوء للأمم المتحدة لمنع الاعتراف بتلك الاتفاقية، خاصة وأن ليبيا بلد تتنازعه الرئاسة والبرلمان المتصادمين بما يجعلهما معا في مرحلة "ريبة" لا يحق خلالها لأي منهما التفاوض باسم ليبيا إلى أن يحسم أحدهما السيطرة على الدولة سلما أو حربا. ولابد من التعامل بحسم مع التدخل التركي في ليبيا ومع عصابات المتطرفين التي تشكل مرتكزا له.

وعلى تركيا أن تدرك أنها لو دخلت صداما مع مصر في ليبيا أو في البحر، فإنها لن تستعيد ذكريات غزوة سليم الأول وانتصاره على المماليك، وما أعقبه من نهب وقتل وتخريب، بل ستتلقى على الأرجح صدمة مشابهة لما صعقها به الجيش المصري تحت قيادة إبراهيم باشا مؤسس العسكرية المصرية الحديثة وصاحب أعظم الانتصارات العسكرية المصرية في العصر الحديث، والتي كانت ذروتها هي سحق الجيش العثماني في عدد كبير من المعارك أهمها معركة قونيه (ديسمبر 1832) التي تم خلالها أسر رشيد باشا قائد الجيش التركي مع 6000 من قواده وضباطه وجنوده مع قتل نحو 3 آلاف جندي وضابط تركي، مقابل استشهاد نحو 262 عسكري مصري وجرح 530 منهم، وتلك المعركة أفضت إلى صلح كوتاهية في 8 أبريل عام 1833 الذي منح مصر بقيادة محمد علي حكم سورية الكبرى (سورية ولبنان وفلسطين) وجزيرة كريت والحجاز وإقليم أضنه التركي، مقابل انسحاب الجيش المصري من باقي بلاد الأناضول التركية. وذلك الصلح الذي نقضته الدولة العثمانية بعد ذلك أدى لنشوب الحرب الثانية بين مصر وتركيا والتي كانت ذروتها هي معركة نصيبين عام 1839 التي سجلت مصر فيها نصرا ساحقا على تركيا التي خسرت 4 آلاف قتيل وجريح ووقع 15 ألفا من ضباطها وجنودها في الأسر وغنمت مصر 74 مدفعا ثقيلا و 20 ألف بندقية وخزينة بها ما يعادل 6 ملايين فرنك، مقابل 4 آلاف شهيد وجريح مصري. 

كما استسلم الأسطول التركي بكامل هيئته في مشهد مهيب بالإسكندرية. وتضمن ذلك الأسطول المستسلم 9 بوارج كبيرة، و11 فرقاطة، و 5 زوارق كورفيت و21107 قائد وضابط وجندي 

(راجع: عبد الرحمن الرافعي بك، عصر محمد علي، مكتبة النهضة المصرية، مطبعة الفكرة، الطبعة الثالثة عام 1951، القاهرة صـ 281، 292، 323، 325)
--------------------
بقلم: د. أحمد السيد النجار

مقالات اخرى للكاتب

من المقالة للاستقالة





اعلان