19 - 04 - 2024

يا فضيلة وزير الأوقاف .. راجع قرارك!

يا فضيلة وزير الأوقاف .. راجع قرارك!

بعد إنتهاء الخطبة الثانية وقبيل إستعداد خطيب المسجد لأداء صلاة الجمعة، قال مخاطبا المصلين بصوت حزين : ابلغكم بأمر، نسأل الله أن يعيننا عليه .

أضاف: سيتم تركيب عداد بكارت (دفع مسبق) بالمسجد، وأبلغتنا وزارة الأوقاف أنها لن تسدد قيمة استهلاك الكهرباء للمسجد بإعتباره مسجدا أهليا، وقالت إنها (الوزارة) ستسدد قيمة إستهلاك الكهرباء للمساجد التابعة للوزارة فقط !.. أما المساجد الأهلية فسيتولي المصلون ـ وأهل الخير ـ سداد قيمة إستهلاك الكهرباء، لإن المساجد الأهلية لا تتبع وزارة الأوقاف ؟!

وقال الرجل بصوت أكثر حزنا، إن شاء الله ربنا سيعيننا على هذا الأمر، وأبلغكم بأننا أنشأنا صندوقين لجمع المساهمات من المتبرعين لسداد قيمة استهلاك الكهرباء!

وختم الرجل وقال : أذكركم وأذكر نفسي أن هذا هو مسجد الله ولن يتركنا .. ثم أمر بإقامة الصلاة!

فسمعت الجالس بجواري يقول بأسي: حسبنا الله ونعم الوكيل لا حول ولا قوة الا بالله. 

وأقول معلقا : يا فضيلة وزير الأوقاف.. ماذا تهدف من وراء هذا الإجراء الذى يبدو فى ظاهره مرشدا للمال!.. ولكن إذا أمعنا النظر فى القرار، فسنجد إنه يفتح من جديد بوابة كبري لتحكم من يستطيع دفع المال فى أمور المسجد!

يا فضيلة الوزير .. إن ترك المساجد الأهلية لتدبر أمورها بمعرفتها، طريق محفوف بمخاطر شديدة على هذا المجتمع ممن يتمسحون بالدين ويجيدون توظيف الدين فى استلاب عقول الناس وخاصة الشباب!

يا معالي الوزير.. إن فضيلتك وبمثل هذا القرار تقيم حاجزا ضخما بين الدولة وبين الكثير من المواطنين الذين يمثل الدين ركنا أساسيا فى تكوين وجدانهم وعقولهم وتصرفاتهم، وبدلا من أن تستكمل فضيلتك تنفيذ خطة نقل تبعية كافة المساجد على أرض مصر إلي وزارة الأوقاف، كي لا تكون هناك دعوة لله قطاع خاص الى جانب الدعوة التى تشرف عليها الدولة من خلال وزارة الأوقاف، نراك تصدر قرارا بأن تتولي المساجد الأهلية تدبير احتياجات الإستهلاك والتشغيل بمعرفتها!

وهنا يبرز سؤال هام وخطير.. وماذا إذن ـ يا فضيلة الوزير ـ حول مايطرح من مناقشات وممارسات داخل هذه المساجد .. هل ستتركه أيضا فضيلتك ليتحكم فيه من سيتولي تدبير إحتياجات التشغيل بها؟! 

يا معالي الوزير .. إن الحرص على تنقية الخطاب الديني مما يشوبه من أخطاء وممارسات كارثية، لا يعالجه قرارات الترشيد وخفض نفقات استهلاك الكهرباء، رغم إدراكي لثقل الأعباء التى تتحملها ميزانية الدولة! .. وربما تصدر فضيلتك قرار من نفس العينة بشأن استهلاك المياه .. تنقية وتطوير الخطاب الدين يلزم الدولة بأن تقتحم مجال الدعوة بكل قوة لإرساء ونشر الإسلام الصحيح وقيمه السليمة البعيدة عن الإنحراف والتطرف التى يلصقها به كثير من تجار الدين!

يا أهل الخير.. يا عقلاء هذا البلد .. ليس هكذا نسد الثغرات فى وجه استغلال الدين وتجاره.. ليس هكذا تضع الدولة خططا لتطوير الخطاب الديني والممارسات المرتبطة بالدين!

إن الخسارة المالية والمعنوية التى يصنعها تجار الدين، فى أي حقبة من الحقب، تساوي أضعافا مضاعفة من فاتورة استهلاك الكهرباء التي يسعي وزير الأوقاف لتخفيضها!

لا حول ولا قوة الا بالله.
-------------------
بقلم: محمد صلاح الزهار

مقالات اخرى للكاتب

يا فضيلة وزير الأوقاف .. راجع قرارك!





اعلان