25 - 04 - 2024

وأخيرا .. الأسعار تبدأ رحلة الانخفاض وسط مخاوف من أن يكون تقلص القدرة الشرائية أهم الأسباب (تحقيق)

وأخيرا .. الأسعار تبدأ رحلة الانخفاض وسط مخاوف من أن يكون تقلص القدرة الشرائية أهم الأسباب (تحقيق)

"المشهد"  تستطلع أراء 20 خبيراً اقتصادياً وتاجراً حول حقيقة تراجع الأسعار
- انخفاضات بين 5 إلى 25% في سلع أساسية وتوقعات مستقبلية بالمزيد
- الوزارة تتعهد بخفض جديد في أسعار السلع التموينية بداية ديسمبر
- تجار: 25% نسبة التراجع في أسعار الخضراوات والفاكهة وأصناف البقالة
- برلماني يحذر من كساد الأسواق بسبب ضعف القوة الشرائية للمواطنين 
- عمرو حامد: الانخفاض سببه الركود وتراجع الأسعار العالمية
- كريم عادل: أسعار 6 سلع أساسية تراجعت 25% مع انخفاض الدولار 
- محمد عبدالهادي: تحسن المؤشرات الاقتصادية ساهم في استقرار الأسواق
- وليد هلال: خفض سعر الفائدة المتتالى يقود إلى انخفاض تكلفة انتاج السلع
- حسام الغايش: البورصة السلعية ستقود إلى تراجع جديد في الأسعار 
- محمد جاب الله: مخاوف من حدوث ركود في الأسواق بعد تراجع القوة الشرائية
- نور الشرقاوي: ارتفاع الأسعار أكبر التحديات التي واجهت الإصلاح الاقتصادي
- مجدي صلاح: تراجع التضخم وراء انخفاض أسعار الخضراوات والفاكهة 
- خالد الشافعي: مبادرة الرئيس لدعم الصناعة الوطنية تقود لانخفاض جديد

تشهد الأسواق التجارية في الفترة الحالية وعلى غير المتوقع تراجعاً ملحوظاً في أسعار عدد من السلع الأساسية، اختلف بشأنها المستهلكون والتجار على السواء، وإن ظلت الآمال معقودة على تراجع أكبر للأسعار خلال الفترة المقبلة، بحسب وزارة التموين التي تبشر المواطنين بتراجعات ملموسة في الأسعار.

"المشهد" استطلعت آراء نحو 20 خبيراً اقتصادياً ومالياً ومسؤولين في الغرف التجارية وتجار في الأسواق عن حقيقة تراجع أسعار عدد من السلع، والأسباب الحقيقية وراء ذلك فضلاً عن أسباب عدم شعور الكثير من المواطنين بهذا التراجع.

وفرة السلع التموينية

في البداية كشف الدكتور علي المصيلحي وزير التموين عن تراجع جديد في أسعار عدد من السلع الأساسية التي تصرف على بطاقة التموين بدءاً من الشهر المقبل، وهى السكر والزيت والأرز والدقيق، وذلك بعدما انخفضت أسعار هذه السلع من قبل، إذ كان يتراوح سعر كيلو الأرز بين 10 و12.5 جنيه، ويباع الآن بين 7.5 و9 جنيهات، وكيلو السكر بعد أن كان 9.5 جنيه يتراوح سعره بين 7.5 و8 جنيهات حاليا، والزيت 16 جنيها، يتراوح سعره حاليا بين 14.30 و15 جنيها، والمكرونة بـ8.30 جنيه، تباع الآن بـ 7.30 جنيه.

ويضيف الوزير أن هناك تحسن ملحوظ في الاحتياطي الاستراتيجي من السلع، وهو أمر اهتمت به الحكومة، مما يجعل جميع السلع متوافرة في الأسواق بكميات جيدة، إلى جانب توفر المخزون من السلع الرئيسية، إذ أن يكفي احتياطي البلاد من القمح 4.8 شهر، وهو رقم كبير، والسكر يكفي 6 أشهر، والزيت 3.8 شهر، والأرز 3 أشهر، وسيتم فتح موسم شراء الأرز قريباً.

ويشير إلى وجود عقود مستمرة من الدواجن، سواء المستوردة أو الإنتاج الحي، حتى آخر أبريل المقبل، ويكفي احتياطي اللحوم المجمدة 4.4 شهر، وهناك عقود مستمرة على اللحوم الحية، وهناك زيادة في معروضها، مما أدى إلى انخفاض أسعارها في الأسواق مؤخراً.

ومن جانبه يقول الدكتور إبراهيم عشماوي، رئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية التابع لوزارة التموين والتجارة الداخلية، إنه خلال الـ 6 أشهر الماضية تراجعت أسعار الخضروات والفاكهة واللحوم والدواجن بمتوسط 20% نتيجة تقليل حلقات التداول، وزيادة المنافذ والمعروض.

ويضيف أن اسعار الفاكهة تراجعت بنسبة 25% والخضروات 28% واللحوم والدواجن 15%، كما شهدت سلع أخرى غير أساسية، انخفاضاً في الأسعار بنسبة 5%، إذ عملت وزارة التموين خلال الفترة الماضية على زيادة المعروض في  المنافذ، بعدما تبنت مشروع جمعيتي الذي يقوم عليه الشباب، ويضم المشروع حتى الآن 5 ألاف منفذ، وتقوم الشركة القابضة للصناعات الغذائية بتوريد معظم احتياجات تلك المنافذ.

ولفت إلى أن الجهاز يعمل أيضا على جذب الاستثمارات في مشروعات المناطق اللوجيستية والتجارية وأسواق الجملة، من أجل تقليل الوسطاء في حلقات التداول بما يقلل من سعر التكلفة.

سعر الصرف والتضخم

الدكتور كريم عادل، مدير مركز العدل للدراسات الإقتصادية والاستراتيجية، يرى أن برنامج الإصلاح الاقتصادي تبنته الحكومة وفق أجندة وطنية، وذلك لمواجهة التداعيات التي يمر بها الاقتصاد المصري، نتيجة تراكمات لعقود مضت، أدت إلى انخفاض الموارد، وارتفاع عجز الموازنة وزيادة الدين العام، وكان من ضمن الركائز الأساسية، تحرير نظام الصرف الأجنبي للتخلص من نقص العملة الأجنبية وتشجيع الاستثمار والصادرات .

وشهد سعر الصرف ارتفاعاً ملحوظاً أمام الدولار الأمريكي وسلة العملات الاجنبية الأخرى خلال الفترة من بداية عام 2016، ومن المتوقع أن يحافظ الجنيه المصري على استقراره وعلى وضعه التنافسي خلال الفترة المقبلة، وإن كان من غير المتوقع أن تستجيب الواردات بشكل سريع للنمو في الطلب المحلي، والذي بحاجة لمزيد من التحفيز، بالإضافة إلى تدفقات كلا من قطاعي السياحة والعاملين بالخارج .

ويضيف أنه مع تراجع سعر الدولار تراجعت أسعار 6 سلع أساسية خلال الفترة الماضية بنسب تراوحت بين 5 إلى 25%، ويرجع ذلك إلى إنخفاض أسعارها عالمياً، وانخفاض سعر الدولار أمام العملة المحلية، كون تحديد أسعار السلع الأساسية فى مصر، يخضع إلى عاملين، الأول سعرها فى البورصات العالمية، والثاني سعر الدولار أمام الجنيه،

 ومع تراجع السعرين خلال الفترة الماضية، وتوقعات بمزيد من تراجع الدولار خلال الفترة المقبلة، بسبب تحسن السياحة،  والصادرات المصرية، والاستقرار الأمنى والسياسى والاستثمارات الأجنبية، وهى عوامل تساعد على انخفاض سعر العملة الأجنبية، فمن المتوقع في المقابل استمرار التراجع في أسعار السلع الأساسية.

بيد أن عادل يرجع عدم شعور المواطنين بانخفاض أسعار السلع، إلى انعدام الرقابة على السوق النهائى للسلع الغذائية، ويضيف:"  المشكلة لدينا فى السوق النهائى، إذ أن أسعار السلع معلنة ومعروفة فى السوق الأولى، ولكن الرقابة ضعيفة على السوق النهائى، لذا يجب أن تكون هناك رقابة متخصصة قوية، بحيث لا تظلم التاجر وفى الوقت نفسه تحمى المستهلك".

ومن جانبه يرجع الدكتور محمد عبد الهادي، الخبير الإقتصادي، إنخفاض أسعار السلع إلى انتهاء فتره الإصلاح الاقتصادي التي قامت بها مصر منذ نوفمبر 2016 ونتج عنها انخفاض سعر الدولار الي 16 جنيها، بعدما كان قد ارتفع إلى قرابة 20 جنيهاً، وكان لارتفاع سعر الدولار الأثر الأكبر علي ارتفاع الأسعار.

ويرجع انخفاض سعر الدولار، إلى ارتفاع الاحتياطي النقدي الذي اقترب من 45 مليار دولار، إلى جانب ارتفاع تحويلات المصريين في الخارج، لتقارب 18,5 مليار دولار، وانخفاض التضخم الي 2,7% بعدما كان قد ارتفع الي 33%.

ويضيف أن تحسن المؤشرات الاقتصادية ساهم في استقرار الأمور، مع تحريك عجلة الإنتاج، وارتفاع الصادرات، إلى جانب توجه المواطن المصري إلى ترشيد استهلاكه ليقتصر على الي الضروريات في حياته اليومية، وبالتالي اصبح هناك انخفاض في القوه الشرائية لأغلب المنتجات، وأصبح بند المصروفات في الأشياء الهامه ( صحة وتعليم )، ونتج عن كل ذلك تراجع القوة الشرائية، الأمر الذي قاد إلى انخفاض الأسعار.

 ويتوقع عبد الهادي، انخفاضاً أكبر للأسعار خلال الفترة المقبلة، مع تحسن المؤشرات الاقتصادية من جانب، واسمرار الانخفاض في قيمة الدولار من جانب أخر.

سعر الفائدة والتدفقات النقدية

ويشير وليد هلال،  مدير شركة ميجا انفستمنت لتداول الاوراق المالية، إلى الاحصاءات التي أصدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ومنها تراجع معدل التضخم على أساس سنوي خلال شهر أكتوبر الماضي، إلى أدنى مستوى في 9 أعوام مسجلا 2.4% مقارنة بنفس الفترة من عام 2018 حيث سجل حينها 17.5%.

ويضيف أن الانخفاض فى معدلات التضخم، وتراجع أسعار معظم السلع، جاء نتيجة لتضافر عوامل عدة، أهمها انخفاض سعر الدولار مقابل الجنيه، وهو ما أدى إلى إنخفاض أسعار السلع المستوردة، وكذلك المواد الخام المستوردة والتى تدخل فى العديد من الصناعات.

الأمر الثاني، أنه كان لخفض سعر الفائدة المتتالى، كبير الأثر فى انخفاض تكلفة انتاج العديد من المنتجات، لما يعطيه للشركات من قيمة تمويلية مخفضة، فضلاً عن الأثر الايجابي لخفض أسعار الغاز للمصانع، كما أن حالة الركود التى تخيم على السوق قادت هى الأخرى إلى انخفاض الأسعار، حيث ثمة علاقة عكسية بين الركود والأسعار، فكلما زاد الركود قلت الأسعار، كنتيجة حتمية وسببية ناتجة عن الصراع الأزلى بين الطلب والعرض.

ويتفق حسام الغايش الخبير الاقتصادي، والعضو المنتدب لشركة أسواق لإدارة المحافظ وصناديق الإستثمار مع الآراء السابقة في تفسبره لتراجع أسعار العديد من السلع، إذ يرى أن الانخفاض الملحوظ فى اسعار السلع، أولها تراجع معدل التضخم الشهرى، وبالتالى انخفاض أسعار معظم السلع الأساسية داخل سلة قياس معدلات التضخم، بالإضافة إلى التراجع الكبير فى أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه المصرى منذ بداية العام بنسبة تتراوح بين8.5% إلى 10%، مما أدى إلى تراجع كافة السلع المرتبطة باسعار العملات الاجنبية، سواء استيراد مباشر للسلع، أو مواد خام للتصنيع كأحد مكونات المنتجات المحلية، وخاصة الأجهزة الإلكترونية.

أما عن أسباب تراجع أسعار العملات الأجنبية أمام الجنيه، فإن ذلك يعود لحجم التدفقات النقدية من النقد الأجنبى التى ازدادت على كافة المستويات، إذ ارتفعت إيرادات قناة السويس لتصل إلى 5.7 مليار دولار، كما ارتفعت إيرادات السياحة إلى 12.6 مليار دولار والصادرات إلى 29 مليار دولار، الأمر الذي دفع أسعار العديد من السلع للإنخفاض.

 ومن المتوقع حسب الغايش، ومع تنفيذ مشروع البورصة السلعية، وتقليل الفجوة السعرية بين المستهلك والمنتج خاصة فى السلع الغذائية والوسيطة فى العديد من الصناعات الغذائية، تراجع جديد في الأسعار.

ومن جانبه يرى الدكتور محمد جاب الله، رئيس قطاع تنمية الأعمال والاستراتيجيات بشركة بايونيرز لتداول الأوراق المالية، في تفسيره لتراجع أسعار السلع عاملين رئيسين الأول هامشى يتمثل في انخفاض الدولار، والثاني رئيسى وخطير حسب وصفه، وهو انخفاض الإستهلاك كنتيجة لعدم المقدره على الشراء فى الأساس، وهو أمر خطير للغاية، لانه قد يكون نذيراً لحالة من الكساد في الأسواق، إن لم يتم تداركها، لذلك يجب العمل على تفاديها.

ويضيف:" كان هناك تخوف مما يعرف بالركود التضخمى، إلا أن الأمر تفاقم، وجاءت أرقام التضخم الأخيرة مزعجة للغاية، وتنذر بحدوث كساد فى الأسواق".

وتعتبر نور الشرقاوي خبيرة أسواق المال، ارتفاع أسعار السلع من أكبر التحديات التي واجهت عمليات الإصلاح الاقتصادي التي اتبعتها مصر طيلة السنوات الماضية، لذلك عملت الحكومات المتعاقبة على توفير الحماية الاجتماعية لمحدودى الدخل، وكانت من الأهداف الرئيسية التي تم العمل عليها، لتفادى الآثار السلبية لتكلفة الإصلاح العالية التي تحملها المصريون كافة.

ويرجع انخفاض أسعار الخضراوات والفاكهة وعدد من السلع الأخرى، إلى عدة عوامل رئيسية، أبرزها السياسة النقدية للبنك المركزي، والتي كانت بمثابة عصا سحرية لضبط إيقاع العملة، والحفاظ علي مستوياتها، وتقليل التذبذبات فيها ارتفاعاً وانخفاضاَ، مما حفظ توازن السوق وثباتالأسعار لفترات طويلة.

وتضيف أنه مع استمرار عملية الإصلاح الاقتصادي، وزيادة نسب الاستثمارات  تحسنت قيمة العملة المحلية، وبالتالي انخفضت معدلات التضخم، ومن ثم تراجعت معدلات الفائدة، وأدى ذلك بدوره إلى تحفيز الاستثمار المباشر وغير المباشر، مما انعكس بشكل واضح علي الأسواق لتنخفض أسعار السلع.

وتتابع الشرقاوي بأن السياسة المالية قللت من السيولة في الأسواق، فضلاً عن حرص الدولة على توفير السلع بأسعار مناسبة وأقل من أسعار السوق، مما حد من جشع التجار، ونتج عن ذلك حفظ التوازن في السوق، وجذب الأسعار لمعدلات أقل من خلال منع احتكار السلع، بجانب هبوط سعر الدولار.

كل هذه العوامل أدت إلى إنخفاض أسعار السلع، ويتوقع مزيد من الانخفاض خاصة مع بداية جني ثمار وعوائد الكثير من المشروعات في القريب العاجل، وهو ما سيؤدى  بدوره إلى زيادة الإيرادات العامة للدولة، وتراجع نسب عجز الموازنة، وبالتالي مزيد من التحسن في المؤشرات وقيمة العملة.

نجاح السياسة النقدية

ويرجع الخبير الاقتصادي مجدي صلاح، تراجع معدلات التضخم خلال الفترة الاخيرة إلى انخفاض أسعار الخضراوات والفاكهة وعدد من السلع الأخرى، وهو تراجع بنسبة كبيرة لشهر واحد، بحسب من يقول، بالإضافة إلى انخفاض أسعار المواد الغذائية والمشروبات، وهى ضمن الأسباب الرئيسية لتراجع التضخم، والتي على أساسها يتم قياس التضخم.

 ويضيف أن البعض كان يرى أن تراجع التضخم لن يستمر طويلاً، فى ظل موجة تضخمية مرتقبة بعد رفع أسعار الوقود والمحروقات مطلع السنة المالية الحالية، لكن الأسواق تمكنت من امتصاص الزيادات التى شهدتها أسعار الطاقة، ولم تؤثر على التضخم العام، ما أعطى حافزًا للبنك المركزي لتغيير وضع الفائدة وخفضها مؤخراً.

والمؤكد أن التراجع في معدلات التضخم كان الدافع الرئيسى للبنك المركزي لخفض الفائدة في ظل تراجع ملحوظ فى الأسعار، وامتصاص موجة الزيادة التى كان من الممكن أن تسببها زيادة الوقود والكهرباء، وعدم ارتفاع أسعار السلع والخدمات على المستهلكين، بعد رفع الدعم جزئياً على بعض الخدمات مطلع السنة المالية، مما ساهم فى تراجع التضخم لأدنى مستوياته.

ولفت إلى أن البنك المركزي تعامل بحذر عند التعامل مع موجات التضخم التى اعقبت تحرير سعر الصرف، مما يجعل الفترة المقبلة تشهد مزيداً من الانخفاض في التضخم، وذلك لأن القرارات الإصلاحية الصعبة انتهت تقريباً، فضلاً عن توقعات بقيام أن البنك المركزي بخفض جديد في أسعار الفائدة بمعدل 50 إلى 100 نقطة خلال اجتماع لجنة السياسات النقدية.

ويقول الدكتور خالد الشافعي الخبير الإقتصادي:" أعتقد أن مرحلة هبوط الأسعار ستظل لفترة قادمة، طالما لا توجد قرارات اقتصادية جديدة تؤثر على التضخم، أو حدوث انعكاس لخفض أسعار الفائدة، وحدوث زيادة في الأسعار، نتيحة حدوث زيادة في الطلب على السلع المختلفة،

 لكن الفترة المقبلة ستشهد انعكاساً لانخفاض الفائدة بصورة مباشرة على قرارات الشركات التوسعية، إذ أن عدداً كبيراً من الشركات كانت ترجئ عمل توسعات لها بالاعتماد على الاقتراض، نتيجة الفائدة المرتفعة، لذلك يتوقع أن نشهد توسعات جديدة للشركات والمصانع، ودخول استثمارات جديدة للسوق الداخلى، وهو ما سيؤدي إلى زيادة فرص العمل، وارتفاع دخول الأفراد.

ويضيف أن مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي التي سيتم الإعلان عن تفاصيلها قريباً لخفص أسعار السلع، وتهدف لدفع الصناعة الوطنية، وتوفير السلع والمنتجات للمواطنين بأسعار مخفضة، تصب في صالح التجارة والصناعة والاستثمار، ومن ثَم هي داعمة بقوة للاقتصاد الوطني، لأنها ستدعم المنتج المصرى عن الأجنبي، الأمر الذى سينعش الاقتصاد.

وتستهدف المبادرة دعم الاقتصاد القومي وتنميته خلال الفترة القادمة، إلا أنه يتعين وضع آليات واضحة لدي الغرف التجارية والصناعية، لإنجاح مبادرة الرئيس لأنها تعتبر استكمالاً للمبادرات والمشروعات التنموية التي يقوم بها لدعم الاقتصاد والمواطنين.

ومن وجهة نظر الشافعي، فإنه إذا تم تنفيذ المبادرة بشكل أمثل، فإن ذلك سيؤدي إلى استقرار السوق، والمساهمة في خفض أسعار السلع، نتيجة زيادة المعروض في الأسواق، ومن ثم سيكون مردودها إيجابي على المواطنين والتجار والصناع والاستثمار بشكل عام.

ويؤكد أن المبادرة استكمال لما تقوم به الدولة من مجهودات لدعم الصناعات المختلفة، والسيطرة على الأسواق والتضخم، ويتوقع أن تلقى اهتماماً كبيراً من رجال الصناعة والتجارة الوطنيين من كافة الجهات، لأن هدفها تحقيق المصلحة العامة.

ويشير إلى نتائج المبادرات السابقة التي تشبه المبادرة الجديدة، مثل مبادرة " كلنا واحد" أو المعارض السلعية، للوصول إلي الاستفادة الكبرى لجميع المواطنين بمختلف شرائحهم المجتمعية، فى ظل حالة من الاستقرار تشهدها الأسواق الداخلية نتيجة زيادة المعروض من السلع، وهبوط التضخم لأدنى مستوياته في 9 سنوات.

ويؤكد الدكتور سعيد الفقي، الخبير الإقتصادي، أن انخفاض أسعار السلع مرتبط بسعر صرف الجنيه أمام الدولار، ولوحظ ذلك خلال العامين السابقين، إذ انخفض الدولار أمام الجنيه بحوالي جنيه ونصف الجنيه، ونتيجة لذلك ارتفعت الصادرات وتراجعت الواردات، وارتفع الإقتصاد بشكل عام.

ويضيف:" هناك بشري ونتائج جيدة بدأت تظهر في الإقتصاد المصري بشكل عام من خلال انخفاض أسعار كثير من السلع داخل السوق المصري، ونتوقع أن تتعاظم ايرادات السياحة بعدما عادت تدريجياً وبدأ يظهر لها مردود ايجابي كبير على الاقتصاد، كما ننتظر مردودا كبيرا لحقول الغاز الطبيعي، خاصة حقل "ظهر"، حيث اصبحنا نصدر الغاز للخارج بدلاً من إستيراده.. إذن نحن ننتظر الآن إنتعاشا في الإقتصاد، سيقود إلى إنخفاض تدريجي للعديد من السلع في الفترة المقبلة".

دعم الغرف التجارية

وبحسب عادل ناصر رئيس الغرفة التجارية بالجيزة ونائب رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، فإنه يتم التنسيق مع مديرية التموين بالمحافظة، بهدف الحفاظ غلى ضبط أسعار السوق، وفق ما يصب فى مصلحة المواطن، سواء كان مستهلكاً أو تاجراً.

ويضيف أن مجلس إدارة الغرفة عقد اجتماعاً مع مديرية التموين بالجيزة، للتأكيد على الأسعار الرسمية داخل المنافذ التابعة لوزارة التموين، وعدم رفعها على المستهلك، واستجابت الشركة القابضة للصناعات الغذائية لمطالب الغرفة التجارية، بالعمل على خفض أسعار السلع الغذائية المتداولة على البطاقات التموينية، ومن المتوقع تطبيق الأسعار الجديدة مع بداية شهر ديسمبر المقبل.

ويرى أحمد صقر رئيس لجنة الأسعار بالغرف التجارية، أن مواصلة الدولار لتراجعه مع وجود الكساد العالمي، أسهم في تراجع أسعار المطروح من البضائع في الأسواق بنسب تتراوح بين 10و20% من قيمتها، ومن أهم السلع المتأثرة بتراجع الدولار، السكر والزيت والزبد الطبيعي والدواجن واللحوم.

ويأتي التراجع في ظل إجراءات البنك المركزي الرشيدة، لتوفير الدولار، وفتح اعتمادات مستندية، ومزيد من الاتفاقيات التعاقدية، إذ أن تراجع الدولار أسهم في تيسير قدرة المستورد على الإفراج عن البضائع الموجودة بالموانئ، وعدم تكدس البضاعة في المواني، وتجنب تكلفة أرضيات وطاقة وحراسة تصل إلى 2% من تكلفة المنتج ،نتيجة عدم توفير الدولار.

ومن جهته، يقول سيد النواوي نائب رئيس شعبة المستوردين بغرفة القاهرة، أن تراجع الدولار أسهم في هدوء واستقرار الأسعار، وقضى على الفوضى التي تنشب عند حدوث الأزمات في الأسواق، نتيجة زيادة المعروض من المنتجات والسلع، ما انعكس على المستثمرين الأجانب.

ويضيف "أسباب أزمة الديون الدولارية ترجع لفتح البنوك اعتمادات مستندية مؤقتة لإخراج البضائع من الموانئ على سعر 8.88 جنيه للدولار قبل التعويم، بينما ارتفع الدولار لأكثر من 18 جنيهًا، مما كبدهم نحو 7 مليارات جنيه، واستوردت الشركات سلعا ومنتجات جرى بيعها بالأسعار التي سبقت التعويم".

وبحسب عمرو حامد رئيس شعبة البقالة بالغرفة التجارية للقاهرة، فإن أسعار السلع الاستراتيجية تشهد استقراراً كبيراً في الفترة الحالية، بعد تراجع بنسب تتراوح بين 10-20% نتيجة الركود وتراجع الأسعار العالمية، مما أدى إلى ارتفاع الكميات المعروضة في الأسواق.

ويوضح أحمد نبيل المليجي، تاجر سلع غذائية في الجيزة، أن أسعار السلع الغذائية منذ بداية الأسبوع الثاني من نوفمبر الجاري، سجلت تراجعاً كبيراً، إذ انخفض سعر الطحينة زنة 400 جرام بنحو جنيه، ليتراوح سعر العبوة من 24 إلى 29 جنيه، وأشار إلى ان سعر عبوة المسلي تراجعت بنحو 2 جنيه.

بينما يقول أحمد عيد، تاجر سلع غذائية في القاهرة، إن حركة البيع والشراء مستقرة نسبيًا، مع قيام عدد كبير من المحال التجارية بتخفيض هامش الربح.

ويضيف محمود اسماعيل، صاحب "سوبر ماركت" في البدرشين، إن سلعاً مثل السكر والمكرونة والأرز انخفضت أسعارها نسبيا، وهو ما لم يحدث منذ فترات كبيرة.

ويضيف:" تراجع الدولار مقابل الجنيه في السوق المحلية، انعكس إيجابًا على أسعار السلع والمنتجات، كما انخفضت الديون الدولارية لـ800 شركة بنسبة 10% على الأقل، نتيجة تراجع التكلفة".

هيمنة الاقتصاد غير الرسمي

يقول النائب طلعت خليل عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن من الصعوبة بمكان توقع مسار مستقبل الاقتصاد المصري، بسبب تحكم الاقتصاد غير الرسمي في السوق.

ويضيف:"  ما اخشاه في الواقع العملي، أن يكون هناك كساد في الأسواق، ذلك أن كثير من المستهلكين توقفوا عن شراء الكثير من السلع، وهو ما أدى الى انخفاض اسعارها".

ويوضح حاتم الدالي  نائب مجلس الشورى السابق، حقيقة تراجع اسعار بعض السلع، ويضرب مثالاً بانخفاض اسعار اللحوم، بقوله:" هناك تضارب في أسعار اللحوم، وبحسبه بسيطة فإن الماشية بعد ذبحها تصفي 50-60% من وزنها "قائم " أي "حيا"،.. وعلى سبيل المثال فإن العجل الذي يزن حوالي 500 ك يصفي لحماً في حدود من 280 -300 ك، وتتراوح الأسعار الآن في "الحي" من 45 الي 47 جنيها، وهو ما يعني أن سعر الذبيحة "قائم" تتراوح بين 22-23 ألف جنيه.

وعند تحويل هذا السعر واقتسامه علي السعر مقابل الوزن الصافي، ستجد أن سعر كيلو اللحم يصل إلى 76 جنيها، وهو سعر التكلفة دون احتساب المصروفات الأخري، وفي حال احتسبت التكلفة يصبح السعر العادل لكيلو اللحم بين 85-90 جنيهاً للجزار والمستهلك معا.

ويتابع الدالي فإن الأمل في أن تنخفض الأسعار اكثر من ذلك بكثير من خلال خفض مستلزمات الإنتاج من أعلاف، وسلالات، ورعاية طبية، وألا تزيد القيمة نتيجة الذبح الجائر للثروة الحيوانية، وعزوف كثير من الفلاحين الذين يمثلون صغار المربين عن التربية، نتيجه ارتفاع التكاليف، فالخاسر الحقيقي الان ليس الجزار أو التاجر، ولكنه الفلاح والمربي.
---------------------
تحقيق - أحمد صلاح سلمان - بسمة رمضان






اعلان