18 - 04 - 2024

تنمية سيناء حلم مصري/ كابوس إسرائيلي (تحقيق)

تنمية سيناء حلم مصري/ كابوس إسرائيلي (تحقيق)

د. أحمد الشعراوي: اتفاقية السلام لا تلزم مصر بإفراغ سيناء 
د. خيري العشماوي: ننتظر كباحثين تنمية شاملة في سيناء ولو كره الكارهون
د. جمال القليوبي: لن تتم معادلة القضاء على الإرهاب بدون تنفيذ برنامج التنمية 

«لا تنمية بدون القضاء على الإرهاب»، معادلة تعمل عليها مصر منذ العام 2014، فمنذ اتفاقية السلام التي تمت بين مصر وإسرائيل قبل 40عامًا، كانت سيناء وستظل بوابة محفوفة بالخطر، كما هي مخبأة بالخيرات، وحمل برنامج التنمية لسيناء جملة من المشاريع الطموحة، تسيّر التنمية في خط موازٍ للقضاء على الإرهاب، ولكن هل يمثل الحلم المصري في تنمية مستدامة، كابوسًا لإسرائيل.. وهذا ما يوضحه عدد من الخبراء لـ«المشهد»..

أوضح أستاذ هندسة البترول والطاقة والخبير الاقتصادي الدكتور جمال القليوبي أن الدولة تحارب الإرهاب في سيناء، وبدون تنفيذ برنامج التنمية لن تتم هذه المعادلة، فالإرهاب مستمر في سيناء، مما يهدد الأمن القومي المصري، فلابد من التأمين الأيديولوجي، وانتشار التوزيع السكاني بشكل متوازن.

ويضيف: نحن لم نهتم بسناء الاهتمام المناسب طيلة السنوات الماضية، ولكن الآن أصبح أمرا حتميا الالتفات لهذه المنطقة، وحتى في وجود اتفاقية السلام، فالاتفاقية لا تلغي حماية الأراضي المصرية، وما تشهده سيناء في الآونة الأخيرة، من تواجد جماعات إرهابية، وتنظيمات مسلحة، وعمليات، وتفجيرات، يستدعي الإسراع بعملية التنمية، لأنها خط دفاع موازٍ لما تقوم به القوات المسلحة من تأمين ودفاع.

وأكد أن حسن النوايا تجاه الغير تستتبعه آليات دفاعية واحترازية، سواء في وجود اتفاقية أم لا، فهناك جنود مصريون يبذلون أرواحهم فداء للدفاع عن هذه الأرض، ولذلك حتى أطبق اتفاقية السلام كجانب مصري لابد أن تكون في ظل ظروف مواتية لتحقيقي السلام، فالاتفاق ملزم، وقضية السلام مصيرية، ولو وضعنا فرضية أن الإرهاب الذي تشهده مصر موجود شبيه له في إسرائيل لكانت دافعت بكل شراسة، ولعل ما يحدث في غزة خير دليل، ونحن نتحدث في مصر عن إرهاب أسود يحصد الأرواح، فأي سلام يمكن أن يتحقق في وجود خلايا وتنظيمات تتخذ من أرض سيناء مخبأ لها.

سيناء الخضراء

من جانب آخر تناول الدكتور خيري العشماوي أستاذ ورئيس قسم الاقتصاد الزراعي بالمركز القومي للبحوث، وعضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للاقتصاد الزراعي، التنمية في سيناء بأنها مطلب قومي سيادي، وقال: اتفاقية السلام التي وقعتها مصر مع إسرائيل قبل أربعين سنة، لا تمنع التنمية في سيناء، ولكن اعتقد أن ما تم خلال العقود الماضية كان تأجيلًا للتنمية، حتى يتم الانتهاء من الإرهاب.

وأشار إلى أن التنمية لابد أن تكون شاملة، الزراعة والصناعة، لأن التنمية في سيناء ذات مردود اقتصادي قوي، وتعزز من مداخيل الدولة، ولكن المشكلة تتمثل في أن أغلب الزراعات تعتمد على المياه الجوفية، ونحن كمختصين في الاقتصاد الزراعي، ننتظر النفق الذي سينقل المياه إلى سيناء، فهناك مشاكل بسبب عدم خلق نوعية مناسبة للزراعة في سيناء، حيث أن تأخر نسبة الصرف المقررة زاد من ملوحة المياه، وكذلك عدم الانتظام في ملء ترعة السلام، واضطر المزارعون الذين حصلوا على أراضي إلى بيعها.

وأضاف: نتمنى أن تكون التنمية في سيناء متكاملة، بإنشاء قرى تعتمد على الزراعة، والصناعات الزراعية، وتغيير نظام التمليك وتوزيع الأراضي، ولابد من ابتكار وسائل لجذب كبار المستثمرين إلى المنطقة، وليس الاعتماد على صغار المزارعين، فوجود الاستثمارات الكبيرة سيقدم قيمة مضافة للمنطقة، والاستفادة من أراضي سيناء النظيفة، الآمنة، والصحية، فكل المحاصيل السيناوية يمكن أن نطلق عليها أنها "أورجانيك".

وفي ظل وجود محور قناة السويس لابد أن يستتبعه نهضة زراعية كبيرة تغطي احتياجات الشعب المصري، وللتصدير أيضا.

 وأكد "العشماوي" أن أراضي سيناء ثروة حقيقية يمكن استغلالها بأكثر من وجه، ومنها على سبيل المثال زراعة الأشجار الخشبية، والتي لا تحتاج إلى مياه النيل لريها، ويستفاد منها في صناعات الخشب والورق، وبذلك نكون وفرنا مئات الملايين التي ندفعها لاستيراد الخشب والورق. 

وكدلك اتاحة الفرصة للعلماء والباحثين لاتخاذ القرارات الزراعية واعتماد طرق الري الحديثة، ولاتي وصلت الآن إلى الري الرقمي، ولو رجعنا بالذاكرة إلى وقت كانت فيه سيناء محتلة، كانت إسرائيل أكبر مستفيد من هذه البقعة الغالية، ولا يري العشماوي أي مبرر أن تظل سيناء مفرغة من التنمية إرضاء لإسرائيل، والتمسك ببنود اتفاقية لم تعد موائمة لأحداث اليوم.

نعم تقلق

من جهته أكد الدكتور أحمد الشعراوي خبير جودة التخطيط الاستراتيجي وإدارة الموارد البشرية والتميز المؤسساتي، والعضو المنتدب لمجموعة إدراك العربية للاستشارات والتنمية، أن مصر كبيرة بجيشها وقوتها وقيادتها، وما ضير إسرائيل في قضاء مصر على الإرهاب، سواء استخدمت في ذلك وسائل التنمية والتعمير، أو القوة العسكرية، وبات من الواضح أن القضاء على الإرهاب والتنظيمات الإرهابية مطلب دولي، فهذه الخلايا كالسرطان يتنقل من دولة إلى أخرى، فهل تضمن الدول المجاورة بما فيها إسرائيل إن لم تقض مصر على هذه البؤر ألا تنتقل إليها.

وأوضح أن التنمية ليست مبانٍ فقط، إنما توسع اقتصادي واستثماري شامل، ونعم هذه التنمية في مصر عامة، وسيناء خاصة تقلق جهات كثيرة، ومنها كل الكيانات التي لها علاقة بالكيان الصهيوني، وليس الكيان بصورة مباشرة فحسب.

 وقال: إن عدد المشروعات التي تخطط مصر لتنفيذها في سيناء، هي ظهير إيجابي للعمليات العسكرية، فكلما كانت وتيرة التعمير أسرع، كلما كانت تقصم وجود الخلايا الإرهابية، وسيناء وسيلة لتحقيق طموحات القيادة السياسية في الرخاء، فبعد وصول مؤشر النمو الاقتصادي إلى 6.5٪ ، نطمح أن تكون مصر بين أفضل 30 اقتصادًا دوليًا، وهذا لن يتحقق إلا بأيدي أبنائها، وقد آن الأوان لنهضة صناعية وزراعية شاملة، بتكاتف كل أبناء الشعب المصري، وعلى رجال الأعمال والمستثمرين المشاركة بجدية في هذه التنمية.

خطة التنمية

وضعت القيادة السياسية في مصر برنامجًا طموحًا لتنمية سيناء يشمل إنشاء منطقة اقتصادية حرة، و17 تجمعا سكنيا و13 تجمعا زراعيا، بالإضافة إلى توفير المياه اللازمة للري بكل الوسائل الممكنة، كما تواصل الدولة تنفيذ العديد من المشروعات، ومنها استكمال شبكة الطرق، وإنشاء أنفاق أسفل قناة السويس تربط سيناء بالوادي، ومشروعات أخرى في مجالات التعدين والزراعة والثروة السمكية، بما يوفر فرص عمل لشباب سيناء ومدن القناة، ويساهم بشكل فعال في تنمية الوطن كجزء عزيز منه، ولا يتجزأ عنه.

وفي إطار الاهتمام بالتنمية في سيناء أنشأت الدولة الجهاز الوطني لتنمية شبه جزيرة سيناء وهو هيئة عامة اقتصادية تتبع رئاسة مجلس الوزراء، وشهدت عملية تنمية سيناء عقب إنشاء الجهاز نشاطا متزايدا اتضح في الإقبال على تأسيس شركات استثمار في مختلف الأنشطة واستغلال المحاجر وإقامة شركة للاستثمار بسيناء برأسمال 10 مليارات جنيه، ما يعكس اهتمام الدولة الكبير بالتنمية في هذه المنطقة.

من المشروعات المقترح تنفيذها هي " مجمع لنشر وتقطيع الرخام، وصقله، ومصنع زجاج، مجمع إنتاج سكرالبنجر، مجمع للصناعات الغذائية، مصنع أسمنت.

طرق وكهرباء

وتم تنفيذ شبكة مياه مشروع الإسكان الاجتماعي "بالمساعيد"، كما تم تنفيذ مشروعات طرق بتكلفة 35 مليون جنيه ببئر العبد والعريش ونخل والتجمعات التنموية ببئر العبد.

تم إنشاء 8 نقاط إسعاف بوسط سيناء و3 مدارس تعليم أساسي وتوصيل التيار الكهربائي لـ 12 مزرعة بوسط سيناء، وتغذية خط كهرباء بطول 17 كيلو بالحسنة، وتوصيل الكهرباء لـ 18 تجمعا ببئر العبد بتكلفة 45 مليون جنيه وتوصيل الكهرباء للمنطقة الصناعية ببئر العبد.

تم عمل طريق بطول1340 كيلو في إقليم سيناء يخدم منطقة شمال وجنوب سينا والمنطقة الغربية بتكلفة 26،4 مليار جنيه.

وتم تنفيذ مشروعات للاستصلاح الزراعي يستهدف 600 ألف فدان تم تنفيذ 400 ألف فدان على امتداد ترعة السلام وتم تقسيمها إلى 4 مراحل، وتم رفع كفاءات منطقة السيول وتطويرها.
-------------------------------
تحقيق – آمال رتيب








اعلان