26 - 04 - 2024

أخطاء طبية قاتلة للاستهتار بأمور إدارية

أخطاء طبية قاتلة للاستهتار بأمور إدارية

زميلتى استشارية امراض نساء وبعد زواجها بعامين توفى زوجها وترك لها ابنة ..
وهبت هي نفسها لتربية ورعاية ابنتها حضرت بإبنتها لكشف وهى فى هلع شديد لظهور ورم تحت الإبط ثم بالكشف طمأنتها انه كيس دهنى يحتاج لإستئصاله لكبر حجمه ولاداعى اطلاقا لهذا الهلع ..
اجريت الجراحة وتيقنت تماما انه كيس دهنى وطمأنتها وطلبت تحليله فقالت لى: "لما انت مطمن قوى كده ايه لزمة التحليل"
قلت لها تعلمنا ونعلم كجراحين أن أي شىء يستأصل من مريض يجب تحليله باثولوجيا.

بعد فترة اتصلت بى وهى فى قمة الانهيار وتقول يادكتور ثبت انه ورم خبيث بالغدد الليمفاوية تحت الإبط، وذهبنا بها لأكبر اساتذة العلاج الكيماوى والاشعاعى وقرر لها كورس العلاج الكيماوي وقد راجعت الشرائح المرفقة بالتحليل عند اكثر من استاذ تحليل مشهور واكدوا لها صحة التحليل رجوتها ان تهدىء روعها ولاتبدأ اى علاج إلا بعد ان اراجع بنفسي كل التحاليل والأبحاث خاصة اننى اصور كل حالاتى، حتى لو استأصلت ظفرا ..!
عدت للصور وتأكدت انها فعلا كيس دهنى ولايوجد بالعينة غدد ليمفاوية..!
حضرت لى وكأنها زادت 20 سنة فوق عمرها..! أول شىء فعلته قرأت الاسم الموجود على الظروف الخارجى للتحليل نفس اسم إبنتها ولكن كما توقعت الاسم على الشريحة والتقرير الداخلى ليس لابنتها ووصف العينة حجما وعددا يختلف تماما عن عينة ابنتها..!
طلبت الأستاذ الذى اجرى التحاليل، وشرحت له القصة وطلبت منه اعطائها العينة الأصلية لأن الأم فى حيرة وتريد الاطمئنان على ابنتها، ماهى إلا دقائق معدودة اتصل بى الاستاذ وهو فى ارتباك شديد قال لى: تأكدت ان كلامك سليم والبلوك الخاص بابنتها فعلا كيس دهنى وظل يرجونى أن أرسل له الأوراق التى معها وسيقوم باعطائها التحاليل الصحيحة والعينة واقسم لى مرارا وتكرارا انه خطأ فنية المعمل فقد وضعت تقريره الصحيح والشرائح الصحيحة فى مظروف مريض آخر ، وأنه قد طردها..!
لم ارد عليه لأنه استكبر حتى أن يعترف بخطئه، وظن أن طرد فنية المعمل هو طوق النجاة..! وذهبت اليه زميلتى وحصلت على العينة والتقارير الصحيحة وذهبت لأستاذ العلاج الكيماوى والإشعاعى واخبرته بالقصة، فاعتذر لها كثيرا وقال لها يا دكتورة تعلمت اليوم درسا وأحمد الله ان ابنتك لم تبدأ العلاج، وإلا لم أكن لأسامح نفسى، وطالب الأطباء الشبان بعيادته الذين يقابلون المرضى ويكتبون التاريخ المرضى ان يراجعوا بدقة متناهية أسماء المرضى على التحاليل والاشعات ومع المريض نفسه حتى لايتكرر ما حدث..!
أنا اكتب هذا، ويجلس معى ابنى أحمد وكنت اقص عليه أحداث تلك القصة ، بعد أن حضرت لنا الآن حالة مشابهة تماما، فقال لي: أنا كثيرا يا والدى لا ألتفت لاسم المريض على التحليل او الأشعة، واقرأ التقرير معتبرا أنه لايمكن ان يحدث هذا الخطأ مع اطباء الاشعة والتحليل، قلت له هذا اول درس لك بحياتك العملية انقشه فى عقلك وقلبك وتذكر دائما أن حياة مريض قد تضيع بسبب إهمال طبى ناتج عن استهتار بأمور إدارية نتركها لمن يعملون معنا دون مراجعة او مراقبة، فالتقرير المكتوب والاسم المكتوب على التحاليل والاشعة مسئولية الطبيب وليس من يعمل عنده..!
--------------------
د. خالد اسماعيل
استاذ الجراحة العامة و الأورام

مقالات اخرى للكاتب

أخطاء طبية قاتلة للاستهتار بأمور إدارية





اعلان