26 - 04 - 2024

هل تنجح جولات التفاوض المتفق عليها بواشنطن في حل أزمة سد النهضة؟(تقرير)

هل تنجح جولات التفاوض المتفق عليها بواشنطن في حل أزمة سد النهضة؟(تقرير)

حساسيات تاريخية قد تعقد مسار التفاوض إضافة إلى تذبذب الراعي الأمريكي

انطلق صباح اليوم الجمعة بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا الاجتماع الـسادس لوزراء المياه والري لكل من مصر وإثيوبيا والسودان، بمشاركة ممثلي الولايات المتحدة والبنك الدولي. وتبحث الدول الثلاث المسائل الفنية وكيفية حلها. وتأتي هذه الاجتماعات تنفيذا للاتفاق الذي تم بين وزراء خارجية الدول الثلاث في واشنطن الشهر الحالي.

وقال وزير المياه والري المصري، محمد عبدالعاطي خلال كلمة له بالجلسة الافتتاحية إن مصر ترحب بمشاركة ممثلي الولايات المتحدة والبنك الدولي لأول مرة في هذه المفاوضات، وأضاف أن القاهرة تعول على هذا الاجتماع أهمية كبيرة من أجل الوصول إلى اتفاق حول المسائل الفنية العالقة في تشغيل وملء سد النهضة، مؤكدا التزام مصر بالوصول الى اتفاق عادل ومتوازن سيكون فيه الجميع رابحا، بأن تحصل إثيوبيا على أهدافها من بناء السد في توليد الطاقة مع الحفاظ على مصالح دول المصب مصر والسودان وعدم إلحاق أي ضرر بهما.

وأوضح الوزير، أن مياه النيل تمثل مسألة حياة لأكثر من مائة مليون من الشعب المصري، وقال إن هناك قاعدة ثابتة للوصول الى اتفاق بين الدول الثلاث حتى يناير المقبل، مشيرا إلى أنه يمكن للدول الثلاث الوصول إلى اتفاق.

من جانبه، قال وزير الري والموراد المائية السوداني ياسر عباس محمد، إن شعوب الدول الثلاث ينتظرون نتائج هذا الاجتماع الهام حول سد النهضة بتفاؤل، وأضاف أن شعوب مصر والسودان وإثيوبيا يتوقعون تحقيق نتائج واتفاق حول القضايا الخلافية فيما يخص سد النهضة.

وذكر الوزير السوداني، أن الدول الثلاث بذلت جهودا كبيرة ومقدرة خلال الفترة الماضية من الجولات التفاوضية وبالرغم من ذلك لاتزال مسألة ملء وتشغيل السد محل خلاف بينهما، مما يتطلب التفاوض بحسن النوايا من أجل الوصول إلى اتفاق بينهما.

فيما أكد وزير المياه والري الإثيوبي سلشي بغلي إن بلاده ملتزمة بالتفاوض على مبدأ تحقيق الاستخدام العادل والمتساوي لنهر النيل، وأضاف أن إثيوبيا تسعى إلى تحقيق ما اتفق عليه قادة الدول الثلاث.

وكانت وزارة الموارد المائية والري في مصر، أعلنت مساء أمس الخميس، أن اجتماع اليوم هو الأول من الاجتماعات الأربعة المقرر عقدها على مستوى وزراء الموارد المائية والوفود الفنية من الدول الثلاث، ويشارك في حضورها ممثلو الولايات المتحدة والبنك الدولي، بهدف الوصول إلى اتفاق بحلول 15 يناير 2020، وفقا للبيان المشترك لاجتماع وزراء الخارجية في واشنطن.

وكانت القاهرة قد نجحت في إقناع الولايات المتحدة بأن تلعب الدور المطلوب رغم أن الخارجية الأمريكية لم تكن متحمسة لفكرة التدخل في هذا الأمر كوسيط، ولكن ضغط الرئيس السيسي على دونالد ترمب من ناحية، وخشية أمريكا من أن تقفز روسيا إلى دائرة الوساطة أدى إلى اتخاذ ترامب قراره بالمشاركة وأوكل الأمر لوزير خزانته  الذي تربطه علاقات قوية بصهر ترمب لإدارة هذا الملف بدلاً من وزارة الخارجية.

ولم تتردد إثيوبيا في إبداء تحفظها على فكرة الوساطة الأميركية، موكدة أنها تتعامل مع الأمر ليس كوساطة أميركية، إنما مجرد جولة مشاورات مثلها مثل المشاورات التي دارت في الماضي، وليس فيها شيء ملزم.

ولم يصل اجتماع 6 نوفمبر في واشنطن إلى حلول أو مقترحات تقود لها، بل اكتفى بوضع جدول زمني لجولات تفاوض بين الفنيين تحت إشراف وزارة الخارجية والوسيط الأمريكي والبنك الدولي، تستمر على مدى شهرين، على أمل الوصول إلى اتفاق، وليس في الأفق ما يشير إلى احتمال تغيير في الموقف الإثيوبي ما لم تبذل مزيد من الضغوط الدبلوماسية عليها.

وكانت آخر جولتين بين الخبراء الفنيين للدول الثلاث قد تعثرت بسبب الخلاف حول قواعد الملء والتخزين والتشغيل، حيث تقترح مصر أن يكون الملء خلال ست سنوات، لمراعاة مواسم الفيضان، بينما تصر إثيوبيا على الانتهاء من الملء والتشغيل خلال ثلاث سنوات.

وأعلنت مصر أن الاقتراح الإثيوبي يضر بحصتها المائية، فيما ردت إثيوبيا بأنها تسعى لسرعة الانتهاء من السد لتوليد الطاقة الكهربائية وتحقيق التنمية معتبرة أن شروط مصر تضر بسيادتها.

كما تشكل نسب تخزين المياه معضلة بين الفرقاء، وكان فريق الخبراء الفنيين للدول الثلاث اقترح عام 2018 ملء بحيرة السد على ثلاث مراحل؛ المرحلة الأولى تخزين 5 مليارات متر مكعب لتشغيل توربينات توليد الكهرباء، وهذه لا خلاف حولها بين الدول الثلاث، والمرحلة الثانية اقترح الإثيوبيون تخزين 13.5 مليار متر مكعب، وذلك من إجمالي إيراد النهر البالغ 48 مليار متر مكعب، وهو ما اعترضت عليه السودان ومصر، باعتباره سيقلل حصة مياه الدولتين، ما أجج الخلاف حول نسب المياه التي ينبغي لإثيوبيا أن تسمح بعبورها.

يشار إلى أن إثيوبيا تقترح عبور 31 مليار متر مكعب، في حين تقترح مصر 40 مليار متر مكعب، ويقترح السودان 35 مليار متر مكعب.

وكانت واشنطن قد شهدت في السادس من نوفمبر الجاري، اجتماعا بين وفود من مصر والسودان وإثيوبيا في حضور وزير الخزانة الأمريكي

المشهد تعرض الأجواء التي تعقد فيها جولات التفاوض الصعبة، التي سيكون لها مابعدها، استنادا إلى آراء ثلاث خبراء لم يجدوا موطيء قدم لما كتبوه في وسائل الإعلام المصرية، التي تتعامل بحساسية شديدة مع "أزمة السد" تصل أحيانا إلى إهمال كل ما يتعلق به، ويناقشه بشفافية، رغم أن استمرار تدفق النيل يمثل "حياة مصر".

أزمة ثقة

عن أزمة الثقة القديمة كتب عبد العظيم حماد مقالا مهما نشره موقع "مدى مصر" تطرق فيه إلى أحاديث استخدام القوة الخشنة بين البلدين حول المشروع، الذي سيؤثر سلبًا -وعلى نطاق واسع- على كثير من جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في الدولة المصرية، مؤكدا أنه ليس في مقدور أحد إعادة إنتاج التاريخ، أو تصحيح مسار الماضي، لكن بالإمكان تصحيح فهم هذا التاريخ، والتأسيس لعلاقات عادلة وموضوعية بين مصر وإثيوبيا.

ويؤكد الكاتب أن التاريخ البعيد والقريب لهذه العلاقات حفل بالمشكلات والتوجسات، والشعور بالمظلومية والاستعلاء في آن واحد لدى كل طرف من الطرفين في مواجهة الطرف الآخر، مما يلقي بظلاله المعتمة على محاولة إيجاد حل مقبول للنزاع ، خاصة وأن المشروع يمكن أن يتحول إلى بؤرة لتأجيج الشعور القومي في إثيوبيا في ضوء شعور عميق وقديم وواسع النطاق بالكراهية والمظلومية تجاه مصر.

ويذكر الكاتب بما تذكره كتب التاريخ عن تهديدات بقطع مياه النيل عن مصر في أواخر العصور الوسطى رغم أنه كان مستحيلًا من الناحية العملية قطع مياه الفيضان الواردة من الهضبة الإثيوبية. لكنه يفصل الصراع بين الدولتين في العصر الحديث بداية من النصف الثاني من القرن الـ 19 حين أمر الخديوي إسماعيل جيشه بغزو الأراضي الإثيوبية استجابة لاستغاثة المسلمين في الإمبراطورية الإثيوبية (الحبشية) به من اضطهاد الإمبراطور يوحنس (يوحنا)، ورغم أن الحملة المصرية منيت بهزيمتين كبيرتين وسط جبال إثيوبيا، فقد بقي الإثيوبيون ينظرون إلى مصر على أنها قوة استعمارية مهددة لهم. وعزز من هذه النظرة تجدد النزاع بين إسماعيل وحليفه السابق منليك عندما اعتلى الأخير العرش، بسبب التداخل القبلي والعرقي بين سكان إثيوبيا، وسكان المدن والمناطق التي كانت تابعة لمصر في الجوار، في هرر وزيلع ومصوع وغيرها. وتوق مسلمي إثيوبيا من هذه العرقيات وغيرها، وقتها، للانفصال عن إمبراطور إثيوبيا المسيحي، والانضواء تحت الحكم المصري. 

أما في عصر الاستعمار الأوروبي للدولتين، فقد توحدت الآلام والآمال لدرجة إقامة الاحتفالات في مصر بانتصار إثيوبيا على الحملة الايطالية في معركة عدوى الشهيرة عام 1896، ولكن حدثت سلسلة من الأخطاء والخطايا من الجانب الإثيوبي، بدأت باغتيال السفير كمال الدين صلاح –مبعوث الأمم المتحدة المصري لترتيب استقلال الصومال– عن الوصاية الدولية بإسقاط طائرته، بواسطة قوميين إثيوبيين متطرفين عام 1957، وبعدها أقدم الإمبراطور هيلا سلاسي على خطيئة كبرى تسببت في شقاق كبير مع مصر، حيث ألغى بإرادة منفردة النظام الذي وضعته الأمم المتحدة لإقليم إريتريا كإقليم فيدرالي يتمتع بالحكم، وسرعان ما انطلقت الثورة المسلحة في الإقليم بقيادة جبهة تحرير إريتريا، التى صدر بيانها التأسيسي في القاهرة، وقد تعاملت مصر الناصرية بحذر بالغ مع هذه القضية، فهي لا تستطيع من ناحية أن تتنكر لحق تقرير المصير لشعب مضطهد، لكنها من ناحية أخرى لا تريد ولا تسعى إلى مجابهة مع إثيوبيا حيث منبع النيل الأكبر، وحيث تقف إسرائيل متحفزة لاستثمار مثل هذه الفرص. لذلك تولت سوريا والعراق والسعودية واليمن مهمة تسليح وتدريب وتمويل الثوار الإريتريين، في ما اكتفت القاهرة بالتأييد السياسي الصامت. وحاول جمال عبدالناصر بعدها إرضاء غرور الإمبراطور هيلا سلاسي بإتخاذ أديس أبابا مقرًا لمنظمة الوحدة  الإفريقية الوليدة.

ويؤكد عبد العظيم حماد أن أعقد المشكلات بين مصر وإثيوبيا قبل مشكلة سد النهضة، تمثلت في حرب أوجادين في أواخر سبعينيات القرن الماضي، وقد ناصرت مصر الساداتية الخطط الصومالية بقوة في كل المجالات. وتردد وقتها أن السادات تعهد لبري بضمان المساندة الأمريكية النشطة من أجل هزيمة النظام الماركسي المتشدد في إثيوبيا برئاسة مانجستو هايلي ماريام، ولم ينتبه السادات وسياد بري إلى قوة اللوبي الإفريقي في إدارة الرئيس الأمريكي وقتها جيمي كارتر، الأمر الذي أدى إلى تراجع تأييد واشنطن للخطة الصومالية، بل وتحولها إلى تأييد ومساندة إثيوبيا، وتصدير الأزمة إلى الصومال نفسها ليسقط سياد بري فيما بعد، وتتمزق دولته إلى أشلاء حتى يومنا هذا.

في تلك السنوات كان الشغل الشاغل للكولوينل مانجستو هو الإسراع بخطط إنشاء سد يمنع تدفق الفيضان إلى مصر، أو الحد منه، وإعلان تلك الخطط في كل مناسبة. وفي تلك السنوات أيضًا ولهذه الأسباب هددت القاهرة لأول مرة على لسان السادات نفسه، وعلى لسان سفيره في أديس أبابا (المرحوم صلاح بسيونى) باستخدام القوة المسلحة لإحباط أية مشروعات تمنع مياه النيل. 

ثم جاء إلى السلطة حسني مبارك الذي اتبع سياسة هادئة، ولكن غير نشطة في إفريقيا، إلا أنه لم يثر عداوات جديدة، وساعده على ذلك انشغال الإثيوبيين بإعادة ترتيب أوضاعهم، وبالنزاع المتكرر مع إريتريا، وبالحروب الأهلية في الصومال، وهو ما أدى إلى تأجيل مشروعات النيل الأزرق، حتى عادت للبروز بقوة، فيما كانت حقبة مبارك توشك على الزوال، مخلفة استراتيجية متناقضة، وغير مكترثة بمشكلة السد الإثيوبي.

ويشير حماد إلى أنه لم يصدر عن القاهرة لا في عصر مبارك، ولا بعد سقوطه أية تهديدات عسكرية لإثيوبيا، باستثناء ما قيل في ما سمي بالحوار الوطني في سنة حكم الإخوان المسلمين. ومع أن الحوار كله كان شائنًا، ولا يرقى إلى مستوى أزمة كبرى كهذه، فإن ما صدر من تهديدات لم يكن على لسان المسؤولين الرسميين وقتها، بل جاء على لسان بعض المدعوين غير الرسميين،  ويؤكد أن أفضل الخيارات لحماية حقوق مصر المائية، هو الغموض بشأن استخدام القوة الخشنة، باعتباره الأكثر فائدة للجهود الدبلوماسية، في مثل هذا النوع من الأزمات، حيث يؤدي التهديد الصريح، أو التعهد المباشر بعدم استخدام القوة بنتائج عكسية.

مخاوف من انحياز أمريكي

أما إبراهيم نوار المفكر الاقتصادي ومستشار الشؤون السياسية السابق بالأمم المتحدة فقد تساءل في مقال مهم نشرته "القدس العربي":هل تكون الولايات المتحدة وسيطا محايدا، يساعد على إقتراح ما يحد من الأضرار التي ستتعرض لها مصر، ام أن واشنطن ستنحاز إلى الموقف الإثيوبي وستجد نفسها في موقف ضعيف؟ واقترح ان يدرس الوفد المصري بدقة إستراتبجية الولايات المتحدة للمياه في العالم الصادرة عام 2017، وتحضير ما يساند الموقف المصري، والانتباه إلى ما يمكن أن يتعارض مع المصالح المصرية، خاصة وأن الحكومة السودانية اختارت منذ بدء المفاوضات أن تصطف بجانب الموقف الإثيوبي، معززة وجهة النظر التي تقول إن منافع السد تتفوق على أضراره؛ وهي بذلك تعزز موقفها أيضا بشأن خطة لبناء عدد من السدود الجديدة على مجرى النيل قبل وصوله إلى مصر. 

ويؤكد نوار أن الأزمة الحالية بين مصر وإثيوبيا، تعود إلى صدام بين منطقين متعارضين تماما تتمسك كل منهما بأحدهما؛ مصر تقول إنها تحصل على مياه نهر النيل التي تتدفق من منابع النهر في إثيوبيا وأوغندا وغيرهما بدون عوائق أو قيود، وأن هذا الحال استمر لآلاف السنين بدون اعتراض من أحد، ومن ثم فإنه يشكل عرفا دوليا، لا يجوز الإخلال به. وفي حال رأت دولة من دول المنبع أن لها مصلحة في تنفيذ مشروع في أعالي النيل يعود عليها بالنفع، فإن هذه الدولة لا يجب أن تقيم المشروع بدون موافقة مصرية.

أما إثيوبيا على الطرف الآخر فترى أنها على الرغم من كميات الأمطار الهائلة التي تسقط عليها في معظم السنوات، فإنها في العقود الأخيرة أصبحت تعاني من تفاوت حاد فيها، وفي توزيعها جغرافيا، ما أدى إلى حدوث فترات جفاف طويلة ومتكررة منذ بداية سبعينات القرن الماضي. ومن أجل التغلب على موجات الجفاف رأت الحكومة الإثيوبية أن تعبئة موارد مياه الأمطار، وإنشاء سدود وخزانات للتحوط ضد الجفاف، والبدء في تنفيذ خطط طموحة للتنمية الاقتصادية، هو الطريق إلى مستقبل أفضل.

ويؤكد أن مصر التي اعتبرت أن حقها في تدفق مياه النيل غير خاضع للتساؤل أو المناقشة، تجد نفسها حاليا، وحتى يتم وضع قواعد واضحة ودقيقة للتعاون المتعدد الأطراف بين دول حوض النيل جميعا، في وضع شائك يحتاج للمراجعة. ومن المرجح أن تكون هذه المراجعة صعبة ومؤلمة ومكلفة.

ويوضح إبراهيم نوار أن واشنطن، تبدو أكثر ميلا للمنطق الإثيوبي، طبقا للاستراتيجية الأمريكية للمياه في العالم الصادرة عام 2017 ولقانون المياه الأمريكي للعالم، فالاستراتيجية الأمريكية للمياه في العالم تضع إثيوبيا ضمن قائمة الدول ذات الحاجة الشديدة إلى المياه، ولا تصنف الاستراتيجية الأمريكية مصر ضمن الدول الأشد احتياجا للمياه، على الرغم من حقيقة أنها تعيش تحت خط الفقر المائي منذ سنوات طويلة، وأن معدل الزيادة الطبيعية للسكان يعني تضاعفهم مرة على الأقل كل 40 عاما مع ثبات كمية المياه المتاحة، وهو ما يفرض قيودا حادة على التنمية الاقتصادية. وعلى هذا الأساس، فإن مفاوضات واشنطن ستضيف على الأرجح صعوبات أمام المفاوض المصري، ما لم يتسلح بمنطق جديد، يأخذ في اعتباره أن دول حوض النيل هي أطراف متساوية القوة والحقوق فيما يتعلق بقواعد تنظيم استغلال مياه النهر، وأن نتائج هذه المفاوضات سوف تصبح على الأرجح إطارا مرجعيا لاتفاق جديد متعدد الأطراف بين كل دول حوض النيل، وليس بين الدول الثلاث فقط، وأن مصر يجب أن تضع التعاون الواسع النطاق مع دول حوض النيل في قلب استراتيجية الأمن القومي والسياسة الخارجية المصرية المصرية. 

ويؤكد أن هذا كله يصب في ضرورة تخلي المفاوض المصري عن منطقه القديم الذي تسبب في تجميد عضوية مصر في مبادرة حوض النيل. قائلا: إن مصر سوف تتعرض لا محالة لأضرار من إقامة سد النهضة الإثيوبي، كما قد تتعرض أيضا لإضرار من مشروعات تعتزم دول من بينها السودان إقامتها على النيل لتعزيز التنمية المحلية. وهذه الأضرار يجب التعاون لتقليلها إلى الحد الأدنى الممكن، مع وضع آليات عاجلة للتعامل مع كل الاحتمالات المتوقعة، بما فيها فترات الجفاف والفيضانات العالية، وقواعد استغلال مصادر المياه المتوفرة، بما في ذلك تعظيم الفوائد المشتركة من مياه الأمطار المهدرة في المستقبل.

نص مذكرة تفاوض

أما وزير الري الأسبق د. محمد نصر علام فقد وضع مذكرة للاستعانة بها في المفاوضات، ركزت على قيام أثيوبيا فى تصرف منفرد بوضع حجر أساس السد فى 2 أبريل 2011، دون إخطار دولتى المصب (مصر والسودان) وعرض الوضع المائى شديد الحرج فى مصر، والذي أدى الى عدم استكمال عدة مشاريع قومية منها ترعة السلام وتوشكى وترعة الحمام والتى كلفت مصر عشرات المليارات من الجنيهات.

ثم تطرق علام إلى تبعات سد النهضة وأضراره على مصر ستكون نتيجة للملء الأول والملء المتكرر للسد بعد فترات الجفاف،  مؤكدا أن الآثار المباشرة تشمل بوار مساحات كبيرة من الأراضى الزراعية، وإنخفاض منسوب المياه الجوفية، وتداخل مياه البحر في الدلتا وتملح أراضيها، وإنكشاف مأخذ محطات مياه الشرب والمصانع الواقعة على نهر النيل، ومشاكل للملاحة النهرية، وزيادة التلوث وتهديد المزارع والثروة السمكية

واستعرض د. محمد نصر علام التعنت الأثيوبى بدءا برفض الاستعانة بخبراء دوليين والاكتفاء بلجنة من الخبراء المحليين لمتابعة تنفيذ توصيات اللجنة الدولية، وعدم اعادة الدراسات الانشائية للسد خلال إجتماع وزراء مياه الدول الثلاثة فى 4 نوفمبر2013 بالخرطوم، ثم رفض أثيوبيا والسودان التقرير الاستهلالى الذى أعدته شركتان فرنسيتان تم التوافق عليهما، وبعدها رفض النظر فى مقترح اللجنة العلمية المصرية بخصوص سياسة ملء وتشغيل السد.

وتضمنت مذكرة علام المطالبة بموافقة أثيوبية على السيناريو المصرى المطروح لسياسة التخزين والتشغيل لسد النهضة تحت الظروف الهيدرولوجية المختلفة للنيل الأزرق، أو  تشكيل لجنة خبراء دولية لتقييم السيناريو المصرى وأى مقترح أخر من أثيوبيا والسودان على ضوء الاتفاقات التاريخية واتفاقية الأمم المتحد لعام 1997 للأنهار المشتركة، واصدار تقريرهم فى فترة لا تزيد عن 6 شهور مع تعهد أثيوبى بعدم التخزين أمام السد أو تشغيله الا بعد الوصول الى اتفاق نهائى يرضى جميع الأطراف ، أو الذهاب الى التحكيم الدولى مع عدم تشغيل السد حتى الانتهاء من التحكيم، أو الذهاب الى مجلس الأمن والسلم الأفريقى، وكذلك لمجلس الأمن على التوازى لإيقاف إنشاءات السد حتى يتم تقييم تبعاته والإطمئنان على سلامته الإنشائية والتوصل الى سياسة تخزين وتشغيل توازن مابين مصالح الدول الثلاثة وتتسق مع الاتفاقات التاريخية.
--------------------------
تقرير – آمال عبدالله

منشور في المشهد الأسبوعي وأجري له تحديث خبري






اعلان