20 - 04 - 2024

هل يشعل اغتيال "أبو العطا" حرباً مفتوحة جديدة في قطاع غزة؟

هل يشعل اغتيال

أفاق قطاع غزة فجر الثلاثاء الماضي على حادثة اغتيال القيادي البارز في "سرايا القدس"، الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وأحد أعضاء مجلسها العسكري، "بهاء أبو العطا"، عبر قصف صاروخي للجيش الإسرائيلي استهدف شقته السكنية في منطقة الشجاعية، شرق مدينة غزة، مما أدى إلى استشهاده على الفور مع زوجته، وإصابة عدد من أبنائه بإصابات متوسطة.

وفي نفس التوقيت، استهدفت 3 صواريخ إسرائيلية منزلاً لقيادي آخر في "سرايا القدس" أيضاً، يقيم بالعاصمة السورية دمشق، وهو "أكرم العجوري"، وأصاب صاروخان المنزل المستهدف، مما أدى إلى استشهاد نجل القيادي الفلسطيني، ويُدعى "معاذ"، كما أسفر القصف عن سقوط عدد من الإصابات، الأمر الذي أثار تكهنات واسعة بأن هذا الحادث قد يقود إلى مواجهة جديدة في قطاع غزة.

واستبقت وسائل إعلام إسرائيلية عملية اغتيال "أبو العطا" بالترويج للعملية، من خلال اتهامه بالمسؤولية المباشرة عن إطلاق الصواريخ من قطاع غزة تجاه المدن الإسرائيلية، خلال جولات التصعيد العديدة، التي تكررت خلال السنوات الماضية، وبينما أعلنت "سرايا القدس" استشهاد "أبو العطا"، فقد توعدت بـ"رد لا محدود"، على حد قولها، على عملية اغتيال القيادي بحركة الجهاد الإسلامي.

وخلال الساعات القليلة فى أعقاب عملية الاغتيال، استهدفت فصائل المقاومة الفلسطينية عدداً من المدن والبلدات الإسرائيلية، ومن ضمنها تل أبيب وأسدود وعسقلان، بعشرات الصواريخ، فيما قام الطيران الإسرائيلي بشن عشرات الغارات على قطاع غزة، مما أدى إلى سقوط العديد من الشهداء والجرحى، بلغ عددهم نحو32 شهيداً، من ضمنهم 6 شهداء سقطوا فجر الخميس، قبل لحظات من إعلان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الجانبين، بوساطة مصرية.

وسارعت إسرائيل بإبلاغ الوفد الأمني المصري، الذي بدأ جهوده على الفور لاحتواء أي تصعيد محتمل، بعدم رغبتها في الانجرار نحو توسيع المواجهة مع فصائل المقاومة الفلسطينية، أو الدخول في حرب جديدة بقطاع غزة، واعتبرت أنها أنجزت ما تريده خلال هذه الجولة، بينما في المقابل، لم تقدم حركة الجهاد الإسلامي أي إشارة بقبول التهدئة مع الجانب الإسرائيلي.

كما أصدرت غالبية الفصائل الفلسطينية، سواء المتواجدة في قطاع غزة أو الضفة الغربية، العديد من البيانات، أدانت فيها بشدة ما جرى من "عدوان" إسرائيلي على الشعب الفلسطيني باغتيال "أبو العطا"، وحمًلت الجيش الإسرائيلي كامل المسؤولية عن أي تبعات قد تحدث جراء هذه الحادثة.

وجاء في بيان أصدرته حركة "فتح" من مدينة رام الله: "ندعو لملاحقة إسرائيل عبر الجنايات الدولية، بعد مجزرة اغتيال أبو العطا، ونحمّل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن الجريمة وتداعياتها"، بينما أعربت حركة "حماس"، التي تسيطر على زمام الأمور في قطاع غزة، مراراً عبر تصريحات من قادتها، عدم رغبتها الدخول بأي "حرب مفتوحة" خلال المرحلة الحالية.

وأفادت مصادر مطلعة بأن الموقف العام لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" غير معني بأي حرب شاملة مع إسرائيل خلال هذه الفترة، نظراً لطبيعة الظروف التي يمرّ بها قطاع غزة نتيجة تداعيات الحروب السابقة، وعدم إعادة اعمار غزة، حتى اللحظة، بعد الحرب المدمرة التي شهدها القطاع في سنة 2014.

وأوضحت المصادر أن عملية اغتيال "أبو العطا" تضع الحركة في موقف لا تُحسد عليه، ولكنها رغم ذلك مازالت ملتزمة بتفاهمات التهدئة مع الجانب الإسرائيلي، وأنها تسعى لتجنب الدخول في حرب قد تكون عواقبها غير محتملة، وأشارت المصادر إلى أنه رغم أن إسرائيل تخرق هذه الاتفاقيات كالعادة، فإن هذا هو موقف الحركة، حتى اللحظة، وأي مستجدات سيتم التعبير عنها بشكل واضح وقت حدوثها.

أما على صعيد الشارع الفلسطيني، فقد شهدت الساعات الماضية موجات غضب وحزن على استشهاد "أبو العطا" وزوجته، وسط مطالبات خجولة بالرد في العمق الإسرائيلي، وهذا ما ظهر على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي التابعة لنشطاء وكتاب فلسطينيين.

وعايش سكان غزة خلال فترة قصيرة ثلاثة حروب متتالية، خلّفت آلاف الشهداء والجرحى، وأدت إلى تدمير البنية التحتية والمقار الحكومية، ولا زال القطاع يعاني أوضاعاً اقتصاديةً وداخلية لا تحتمل الدخول في مواجهة مفتوحة، قد تؤدي إلى كارثة لا يريدها الفلسطينيون من سكان القطاع.

وكتب الناشط "محمد المنسي" قائلاً: "رغم الألم الذي يعتصرنا كفلسطينيين في كل مكان على حادثة اغتيال أبو العطا وزوجته، سواء في غزة أو خارجها، فإننا ندرك جيدا معنى الدخول في حرب، وندرك جيداً ماذا تعني كوارث الحرب ".

وتابع: "إذا أردنا تحكيم عواطفنا، فهيا بنا لنلقي كل ما لدينا من مقذوفات صاروخية تجاه إسرائيل، أما إذا أردنا أن نحتكم لمنطق المصلحة، فإن الدخول بمواجهة مع إسرائيل في هذه اللحظة، يعني نسف كامل لكل الجهود الدبلوماسية الساعية لإنهاء الانقسام وعقد انتخابات فلسطينية شاملة، كما يعني التجهّز لخسائر بشرية ومادية لن تطيقها غزة، فهي لا زالت تدفع فاتورة الحروب الماضية".

كما علق الكاتب والأستاذ الجامعي "رائد العطل"، عبر صفحته على "فيسبوك" بقوله: "كل التحليلات التي قرأتها تحذّر من الرد القوي وتطالب بالرد القوي، تدعو لعدم التهوّر حتى لا يتم جرّ غزة لمستنقع حرب لا تحتمله، وتدعو في نفس الوقت لتلقين العدو درساً قاسياً، ما بعرف بصراحة كيف بدها تركب، حيرة وتردد وخوف على الناس والأطفال والأبرياء، مصحوبة بعزة نفس وتهور".






اعلان