مياه متسخة متوقع هطولها من السحب الداكنة المتجمعة فوق سماء الرياضة المصرية.. هكذا تشير نشرة أخبار الطقس السياسي في الساحة الرياضية.. فمن جهة تكونت سحابة "رعدية" بعد كارثة "رفع الأثقال" وخيمت في سماء اللجنة الأولمبية المصرية والتزمت وزارة الرياضة بالصمت واكتفت بدور الموظف البيروقراطي على طريقة "الحضور والانصراف" فاكتفت بحل الاتحاد ولم تحاصر المنشطات المتداولة بين الناشئين والشباب في معظم الألعاب الفردية داخل الأندية الكبيرة قبل الصغيرة، متناسية أنها واحدة من الأذرع الاجتماعية والسياسية للدولة.. ومن جهة أخرى تكونت سحب رمادية عالية في سماء العاصمة على إثر اشتباكات ساخنة بين مرتضي منصور والخطيب.. الأول يعتقد أن الدفاع عن الزمالك وحفظ كرامته ومساواته بالأهلى يمنحه حق الضرب والسب إن لزم الأمر، والثاني يستفز الأول بعدم الرد وإطلاق أحد صبيانه عليه في فضائيات الأهلى الكثيرة ويقضى حياته سعيدا بوقوع خصمه في فخ "الأخلاق" أمام الرأي العام، متغافلا أن الشتائم والضرب يشهدها العالم كله وفي القلب منه الشقيقة السعودية وباقي الأشقاء العرب، متناسيا أن المياه المتسخة تسقط على مصر ـ الدولة والشعب ـ وأن العالم لن يتذكر مرتضي أوالخطيب.. إنما المصريين!
الأرصاد الرياضية تشير أيضا إلى غيوم داكنة متوسطة الارتفاع تتجمع فوق سماء الجبلاية ناتجة عن تعرض اتحاد الكرة لمنخفض جوي قادم من "الجزيرة وميت عقبة" تسبب في تأجيل الدوري العام لأكثر من شهر ما أحدث انخفاضا في درجة حرارة الكرة المصرية المقبلة على بطولة الأمم تحت 23 سنة وتصفيات أفريقيا المؤهلة لبطولة الأمم.
المياه المتسخة المتوقع هطولها بعد تجمع والتقاء السحب الرعدية والعالية والمتوسطة لا يهتم ولا يبالي بها أحد..اللجنة الأولمبية من جهتها تنتظر الإذن السياسي لاستقلالها، رغم أن القوانين الدولية والمحلية تمنحها حق الاستقلال وتتوارى خلف وزارة الرياضة اعتقادا أنها مظلة "إدارية" تحتمى بها من المياه المتسخة ولا تستطيع أن تخالف الوزارة لأن الحكومة هي ممولها الأكبر والأهم.. فضلا عن أن معارضتها تعرضها للبطش الأدبي والمعنوى، خصوصا وأن جميع أعضاء اللجنة الأولمبية شخصيات مرموقة وتحتل مواقع بارزة على صلات وثيقة مع مؤسسات الدولة.
وزارة الرياضة كذلك.. لا تكترث للأمر، نظرا لعراقة خبرتها التاريخية في تجاوز الأحوال الجوية السيئة.. فالمياة المتسخة والمتراكمة في شوارع وميادين الرياضة سيتم سحبها بواسطة "خراطيم" الفضائيات والإعلام عموما، كما يعمل مهندسو الديكور بالوزارة على إعداد "جلسات مدفأة" بين المتخاصمين والمختلفين والمتجاوزين تعينهم على برد شتاء قادم ممطر بجميع الملفات.. ولا مانع أن يذهب الوزير بنفسه إلى المنازل والبيوت ليقوم بدور حمامة السلام على جناحى المكانة وهيبة الدولة حتى لو كانت "الخناقة" تافهة !!
الناس أيضا لا يعنيها من الأمر شيء.. تركت الشوارع وذهبت إلى مواقع التواصل الاجتماعي لتبادل الشتائم والسباب، ولم يحاول أحد منهم الاقتراب من دور الوزارة في الرياضة التي تتحكم فيها الآن المنشطات والدروس الخصوصية الغالية في مختلف الألعاب الفردية والتي تكبد ميزانية الأسرة الكثير والكثير وعلى طريقة "اللي يتجوز أمى أقوله يا عمي" لا تعير للوزارة أي أهمية، تماما مثلما صرفت النظر عن وزارة التربية والتعليم وتحولت في ضمير الناس إلى مجرد وزارة للقيد التعليمي وتهتم فقط باشتباكات الأهلى والزمالك.
تقارير أخرى صادرة عن هيئة الأرصاد الرياضية تشير إلى التوقعات باعتبارها أمطارا موسمية تسقط كل عام خصوصا بعد التغير المناخي في أعقاب 25 يناير 2011 وحدوث ثقب في طبقة الأوزون الاجتماعية والثقافية تسبب في قطع خطوط الاتصال في المجتمع وفتح سماء الشارع الرياضي لتصاعد الأبخرة الثقافية والأخلاقية الملوثة لتتجمع مع بداية كل موسم فوق الأندية والاتحادات والوزارة واللجنة الأولمبية وتقذف عليها قطرات وزخات من المياة المتسخة.
المياه المحملة بالأتربة المتوقع هطولها لا تشغل بالنا جميعا.. فقد اعتدنا الفضائح الكارثية في مختلف المجالات بدءا بالرياضة وانتهاء بالمخالفات الإنشائية الشاهدة على فساد الإدارات المحلية عبر عقود طويلة وحكومات مختلفة مرورا بالقطارات التي تشهد حرقا وقتلا.
عموما سواء صدقت التوقعات الجوبة أم لا، فمن المؤكد أن الطقس الجيد سيأتي يوما وأن سماء الرياضة الملغمة بالغيوم سيعود لونها للأزرق وتصفو من جديد عندما يقف الرياضيون الحقيقيون الذين رفعوا أسم مصر في الساحة الأولمبية والعالمية ومعهم جميع الشرفاء صفا واحدا ويقولون لا للفساد !!
---------------------
بقلم: أحمد عادل هاشم
من العدد الأسبوعي للمشهد