29 - 03 - 2024

زهير المغزاوي أمين عام حركة الشعب التونسية للمشهد: "تُوَنِّسُنا" أفكار ناصر ونطمح لصدارة انتخابات 2024

زهير المغزاوي أمين عام حركة الشعب التونسية للمشهد:

نواب الحركة ارتفعوا من 3 إلى 15 نائبا ليصبحوا الكتلة السادسة بالبرلمان
- المغزاوي يتحدث عن القفزة الكبرى للناصريين في تونس  
- نراهن على "المواطنين الأحرار" بعدما راهن عبد الناصر على "الضباط الأحرار" 
ـ بورقيبة ليس شيطانا واصبحنا بعد الثورة نرى ايجابياته وسلبياته معا.. وهناك 4 شروط كي ننضم إلى الحكومة الجديدة 

حملت نتائج الانتخابات التشريعية والرئاسية 2019 متغيرات جديدة إلى السياسة بتونس بعد ثورة 17 ديسمبر 2010/ 14 يناير 2014. الحوارات الحرة المفتوحة متعددة الآراء من المقاهي على أرصفه الشوارع في مختلف المدن والقرى إلى منتديات المثقفين والباحثين وفضاءات الصحافة والإعلام تعكس بصيص أمل في المستقبل بين المواطنين الحالمين بتحسن أحوالهم المعيشية والإقتصادية كما الحريات. 

ومن ملامح  تغيرات وتحولات تونس مع انتخابات 2019 هذا الصعود اللافت وغير المسبوق للناصريين في تاريخ الدولة الوطنية التونسية انطلاقا من عهد مؤسسها الحبيب بورقيبة. فقد نجح على قائمات الحزب الأهم للناصريين "حركة الشعب" 15 نائبا دفعة واحدة، واحتلوا مرتبه الكتلة النيابية السادسة. بعدما كان رصيد هذا الحزب بين نواب البرلمان المنتهية ولايته ثلاثة نواب فقط . وكان يمكن حينها أن نضيف الى الحضور الناصري في البرلمان "مباركة عوينية" أرملة الشهيد الناصري محمد البراهميو"سعاد الشفي".والبرلمانيتان من  "التيار الشعبي" الناصري أحد مكونات ائتلاف "الجبهة الشعبية" اليسارية. وقد اخفقت الأولى هذه المرة وكافة مكونات واعضاء قائمات الجبهة في الوصول الى البرلمان الجديد، بعدما تفككت قبل أسابيع معدودة من الانتخابات وتفسخت بين قطبيها الماركسيين: حزبا العمال والوطنيين الديمقراطيين الموحد (الوطد).وامتنعت الثانية عن خوض انتخابات 2019 وغادرت قبلها التيار والجبهة معا.

لكن على اي حال كان تمثيل الناصريين في برلمان (14 ـ 2019 ) خطوة الى الأمام مقارنة بالمجلس التأسيسي بعد الثورة، حيث كان لهما نائبان فقط هما الحاج البراهمي ومراد العمدوني. وقبل هذا وطوال برلمانات عهدي بورقيبة وخلفه الرئيس المخلوع بن على لم يدخل نائب ناصري واحد إلى البرلمان، وفق تأكيد قادة الناصريين التونسيين، ناهيك انه لم يكن بالأصل قبل الثورة مسموحا لأي حزب أو تنظيم ناصري بالحصول على ترخيص قانوني للعمل السياسي. وتعتبر "حركة الشعب" في أدبياتها وبينها برنامجها الانتخابي للفترة بين 15 ـ2019، أنها امتداد ووريث تيار عروبي متجذر بتونس منذ نهاية القرن التاسع عشر ومن أبرز محطاته: نضال وكتابات الزعيم الوطني "عبد العزيز الثعالبي".. و صراع الزعيم صالح بن يوسف مع بورقيبة حول سبل التحرر من الاستعمار الفرنسي وقضايا الكفاح المسلح (الفلاقة) والهوية الثقافية والاستقلال عن فرنسا فيما اطلق عليه فيما بعد الخلاف البورقيبي اليوسفي. وقد انتهى الأخير مدعوما من عبد الناصر وإلى اغتياله في ألمانيا عام 1961.. وتأسيس عميد المحامين التونسيين الأسبق "البشير الصيد" حزب التجمع القومي العربي عام 1981 دون اعتراف بقانونيته من الدولة، وصولا الى تجربة "الطلبة العرب الوحدويين التقدميين" التي انطلقت من النصف الثاني من السبعينيات. 

 وبالنسبة للتجربة الأخيرة فقد صدر كتاب بهذا العنوان في ربيع 2017 يؤرخ عبر بحث سوسيولوجي وتاريخي ووثائقي لها، ويبرز ثقل الكوادر القادمة من تونس الداخل والجنوب بين هياكلها، تلك الجغرافيا التي تتطابق مع مناطق نفوذ "اليوسفيين" وبعدها المحاولة الانقلابية للأزهر الشرايطي 1962 والهجوم المسلح الفاشل بدعم ليبي على مدينة قفصة 1980. كما تظهر في الكتاب ذاته اسماء العديد ممن أصبحوا لاحقا واليوم قادة حزب حركة الشعب ونوابه بالبرلمان السابق والجديد وأمينه العام معلم الثانوي والنقابي بتنظيمات المعلمين باتحاد الشغل "زهير المغزاوي"، وقد كشف الكتاب عن انه بدوره تعرض للملاحقات الأمنية والاعتقال والحبس عام 1986. وعلى أي حال فإن للقوميين العرب الناصريين ثقلا مقدرا في مستويات قيادة اتحاد الشغل، وما أدراك ما الاتحاد ونفوذه في المجتمع وعلى السياسة والقرار في تونس. وعلى الأقل يمكننا ان نشير إلى أن الرجل الثاني في قيادة الإتحاد اليوم "بوعلي المباركي"يرد اسمه بين "الطلبة العرب الوحدويين التقدميين" في الكتاب المشار اليه.  

ولعل ما يخفف من وقع مفاجأة 2019 الناصرية في تونس التي كانت تسمى بـ "دولة بورقيبية" المعادي للنزعات القومية  بالمجمل في المشرق العربي وما يمكن ان نطلق عليه "القفزة الكبرى لناصريي تونس" أن المراقب للتطورات الجارية بالبلاد بعد الثورة عن قرب بإمكانه أن يلاحظ ثلاثة مؤشرات نلخصها سريعا: - الأول أن حركة الشعب حققت تقدما لافتا في الانتخابات البلدية ربيع 2018 وتقدمت الى المرتبة السادسة مقاعدا واصواتا بين كافة القوى الحزبية، واستطاعت ان تغطي بقائمات مرشحيها 80 في المائة من الدوائر الانتخابية بعموم الأراضي التونسية، وتمكنت من احداث اختراقات خارج المناطق الجغرافية التقليدية للناصريين والقوميين عموما. وهو ما عززته لاحقا نتائج البرلمان الجديد وبخاصة في دوائر الساحل والعاصمة. - والثاني أن النواب الثلاثة للحركة ـ أو على الأقل المغزاوي وسالم لبيضـ قدموا أداء برلمانيا قويا ولافتا، وهو ما لاحظته مرارا من خلال حضور العديد من جلسات البرلمان. وبذا  أسهموا بمعالجات ثرية من أجل قضايا الاستقلال الاقتصادي والقرار الوطني السيادي ومكافحة الفساد والانحياز للفقراء والطبقة الوسطى. - والثالث أن هذا الحزب الناصري نجح في عقد مؤتمره العام في ربيع 2017 على عكس تعثر العديد من الأحزاب الكبرى بما في ذلك البورقيبية، ولفت الانتباه بقدرته على حشد الآلاف من مناصريه وكوادره في استعراض تعبئة ربما  لم يعرفه على المسرح السياسي بتونس إلا حزب حركة النهضة.  

نهج جمال عبد الناصر وتاريخ ملتبس 

 ويقع المقر الرئيسي لحزب حركة الشعب الذي اجرينا فيه الحوار مع أمينه العام "زهير المغزاوي" في شقة فسيحة بعمارة عتيقة بنهج جمال عبد الناصر وسط العاصمة تونس. ولعل تسمية هذا الشارع المهم والموازي لنهج الزعيم الفرنسي ديجول بعد وفاة عبد الناصر 1970 مباشرة يعكس علاقة مركبة معقدة بين الزعيمين المصري والتونسي، تتراوح بين الصراع والعداء والتقدير المتبادل. والجانب الآخر غير المؤرخ كثيرا في هذه العلاقة روى لي عديد الوقائع عليه الرئيس الراحل "الباجي قايد السبسي" في لقاءين معه أكتوبر 2011 و نوفمبر 2014 ولو على سبيل المجاملة، وكشاهد عيان من خلال مناصبه الوزارية في حكومات بورقيبة وعضويته لوفده الزائر للقاهرة منتصف الستينيات وزيارة عبد الناصر لبنزرت احتفالا بالذكرى الأولى لجلاء آخر جندي فرنسي عن تونس 1963. ومع هذا فإن الصحافة التونسية المتحمسة لبورقيبة وميراثه مازالت الي اليوم تجتر ذكريات سلبية. وهذا على غرار ما نشرته اسبوعية "الشارع المغاربي" بعدد 29 اكتوبر الماضي من رواية تزعم أن بورقيبة واجه وفاجأ عبد الناصر في مؤتمر بلجراد لعدم الانحياز 1961 وعلى الإفطار بأنه بعث الى تونس من يقتله، وأن الزعيم المصري تجاهل هذا الحرج و قدم إناء من العسل للزعيم التونسي وأخبره بأنها من مزرعة مؤممة للإقطاعي "فؤاد سراج الدين"علما بأن الدعاية الناصرية في الستينيات كانت تتهم بورقيبة باغتيال صالح بن يوسف . 

بفضل الثورة ..الشباب يغير الخارطة السياسية

 لكن يبدو وكأن الناصريين في تونس اليوم يتجاوزون كل هذا التاريخ، ويشرعون في خط تاريخ جديد بعد الثورة ينطوى على ماهو أهم واكثر تعلقا باللحظة والمستقبل، وكما يفيد هذا الحوار مع الأمين العام لحزب حركة الشعب في اعقاب انتخابات 2019، وعلى النحو التالي :

*كيف تفسر النتائج المهمة التي حققها الحزب في تشريعية 2019؟

ـ كحركة شعب حصلنا على الترخيص كحزب في مارس 2011. ولم نكن ممثلين على أي نحو في المجلس التأسيسي (2011 ـ 2014) مع أننا ترشحنا بقائماتنا في 30 من إجمالي 33 دائرة. ولم نحصل على مقعد واحد في انتخابات اكتوبر 2011. ومع تشريعية 2014 ترشحنا في 28 دائرة وحصلنا على ثلاثة مقاعد. ومع 2019 ترشحنا في كل الدوائر تقريبا وحصدنا خمسة عشر مقعدا بصفة مبدئية وطعنا في نتائج أربعة مقاعد في أربع دوائر لم نحصل عليها، وننتظر القرار النهائي للمحكمة الإدارية بحلول 13 نوفمبر الجاري. وبالفعل بفضل الثورة التونسية تحقق لنا كناصريين وكحزب الاعتراف القانوني وحرية الحركة والانتشار والتمثيل في البرلمان. هذا لم يكن ممكنا على أي نحو في عهدي بورقيبة وبن على، وإن كنا نشكو من تضييقات وتهميش في معظم وسائل الإعلام الجماهيرية. أما عن أسباب ما حققناه اليوم من نتائج مهمة في البرلمان فيعود إلى جهود مناضلي الحركة وتبسيط خطابها وتقديمه إلى الشعب التونسي بصورة واضحة. وثوابتنا هي الدفاع عن العدالة الاجتماعية والسيادة الوطنية والقطاع العام والثورة التونسية و التصدي للفساد. 

*يلفت النظر الطابع الشبابي لمنتسبي الحزب الذين التقيتهم مرارا على مدى أعوام.. كيف نجحتم في اجتذاب الشباب وتصعيدهم للقيادة؟

ـ المكتب السياسي لحزبنا يغلب عليه الشباب.. معظم أعضاء المكتب البالغ عددهم 31 عضوا تحت الأربعين سنة. وعلى مدي السنوات الماضية انتشرنا وتوسعنا بين الجماهير، وراهننا بالأساس على الشباب. ونحن نستعد لعقد مؤتمر لشباب الحزب قريبا بعدما عقدنا مؤتمرا للمرأة. ومن الواضح أن الشباب كان له الدور الأهم في تغيير الخارطة السياسية للبلاد والبرلمان في انتخابات 2019. عاد ليؤمن بامكانية التغيير عبر صندوق الاقتراع بعد إحباط دام نحو ثمان سنوات.

*كم عدد النساء بين المكتب السياسي؟

ـ سيدتان من 31، لكنا نراهن على المرأة .

*هذه هي العوامل الذاتية التي تتعلق بالحزب والحركة.. لكن كيف ترى العوامل الموضوعية التي أدت الى هذه النتائج التي حققها الناصريون على نحو غير مسبوق بتونس؟

ـ البورقيبية دخلت إلى أزمة ومعها منظومة الحكم التي قادت البلاد اعتبارا من عام 2014. والمقصود توافق حزبي نداء تونس والنهضة. هما من قبل تقدما للناخبين باعتبار انهما مختلفان حول الحداثة والهوية والثورة. لكن سرعان ما ارتبطا في "تحالف مغشوش" يرمز إليه الشيخان: السبسي مؤسس نداء تونس ورئيس الجمهورية الراحل وراشد الغنوشي رئيس حزب حركة النهضة. ثم انتقلا الى صراعات داخلية أثرت على الأداء البرلماني  والحكومي، وبالطبع على حياة الناس المعيشية. ونحن من جانبنا استفدنا من أزمة العائلات السياسية الأخرى. سواء الإسلامية أو الدستورية المسماه الوسطية التقدمية الحداثية وحتى من أزمة العائلة اليسارية. وكذا استفدنا من قراءتنا للوضع الإقليمي. فحتى عام 2014 كانت الأوضاع في ليبيا وسورية غامضة،  ويتضح الآن أنها معركة ضد الإرهاب. من قبل كانوا في تونس ينعتوننا بأننا ندافع عن الاستبداد والبراميل المتفجرة. لكن سرعان ما اتضح للجميع وهنا في تونس على نطاق واسع بأن ما يحدث في ليبيا وسورية لا علاقة له بالثورة والديمقراطية، بل هو تدمير للأوطان وتدخل جيوش أجنبية.

* لماذا في تقديرك لم ينجح أي ناصري من خارج حزبكم في الوصول إلى البرلمان؟.. وماذا عن وحدة الناصريين في تونس؟

ـ حقيقة لم ينجح أحد منهم خارج الحزب. لكننا دائما نطرح وحدة الناصريين التونسيين، ونقول لسنا في حاجة الى وحدة عددية بل إلى رافعة حزبية قوية جاذبة تستقطب الناصريين. والمشكلة أننا كناصريين أضعنا الكثير من الوقت في حوارات طويلة. ويوم قررنا بناء حزبنا "حركة الشعب" اعتبرناه مفتوحا للجميع. نحن نعمل على بناء الحزب وأيدينا مفتوحة للجميع. والأمر يتوقف عليهم.

*فقدت الناصرية اليسارية "مباركة" أرملة الشهيد البراهمي مقعدها ومعها كل الجبهة الشعبية.. هناك من يرى انكم تمددتم في هذه الانتخابات على حساب جانب مهم  من جمهور هذه الجبهة اليسارية.. ما رأيكم؟

ـ بالطبع هناك جانب من جمهور الجبهة واليسار صوت لنا. فقط مجرد جزء من جمهورهم جاءنا وانتخبنا هذه المرة. لكن أسباب خسارتهم تكمن في الانقسامات الداخلية التي ضربت الجبهة، علاوة على انهم لم يطوروا خطابهم على مدى السنوات الماضية. ولعل وحدة الجبهة مثلت في النهاية عبئا على مكوناتها من أحزاب وتنظيمات. وهم لم يناقشوا هذه الأمور بصراحة. 

أفكار ناصرية في قالب تونسي 

*هل أدخلتم تغييرات على خطكم الفكري والسياسي وبخاصة مع مؤتمر "قبة المنزه" مارس 2017؟

ـ حضر افتتاح هذا المؤتمر نحو خمسة آلاف ووفود من الناصريين جاءوا من مصر ولبنان. وشارك في اعمال المؤتمر نحو 600 انتخبوا المكتب السياسي والمجلس  الوطني للحزب المكون من 130 عضوا. وفي مرحلة تالية انتخب المكتب السياسي المكتب التنفيذي من 12 عضوا. في هذا المؤتمر بالأساس قمنا ببناء الحزب بالانتخاب الديمقراطي. وهذا كان أمرا مهما وضروريا لنستمر وننمو. ولكن بصفة عامة فإننا طورنا باستمرارأفكارنا. ويمكن القول بأننا "تونسناالأفكار الناصرية". وهي تعني الدولة الاجتماعية والدفاع عن العمال والفلاحين والسيادة الوطنية والقطاع العام. قدمنا هذه المبادئ الناصرية العامة في قالب يتناسب مع التونسيين. وهم بالأصل ليسوا غرباء تاريخيا عنها. هذه الأفكار كانت عند فرحات حشاد (مؤسس اتحاد الشغل عام 1946) والنقابي رئيس الاتحاد لاحقا الحبيب عاشور والزعيم الوطني صالح بن يوسف وعند الأزهر الشرايطي وغيرهم. ونحن اخذنا على عاتقنا مسئولية تطوير هذه الفكرة الناصرية وأولينا اهتماما بالشأن الوطني المحلي ولم نهمله.

*هل مارستم نقدا ومراجعة لجوانب من أفكار وممارسات عبد الناصر والتيار القومي العربي عموما.. مثلا التعويل على الجيش والانقلابات العسكرية لإحداث التغيير؟

ـ إذا كان عبد الناصر قد راهن على الضباط الأحرار، فنحن راهننا ونراهن على المواطن الحر وعلى أنه بدون الديمقراطية تبقى المشروعات الوطنية الكبيرة مهددة. وما حدث تاريخيا في مصر هو أنه بعد أيام  من غياب عبد الناصر انحرف مشروعه وانتكس. وللحيلولة دون هذا نحن في حاجة إلى أحزاب تمارس الديمقراطية من الداخل قبل أن تبشر بها المجتمع. وبالنسبة لنا تحديدا في تونس قبل عشر سنوات كنا كناصريين نتحدث عن "الدولة الإقليمية" وننادي بإزالة "الدولة الوطنية " لصالحها. لكن أصبح خيارنا الأول اليوم هو حماية الدولة الوطنية والدفاع عنها. وهذا هو من مهامنا. وأيضا ندرك أن الثورة التي جرت في تونس 2010/2011 ساهم فيها شبابنا. وهي أتاحت لنا أن نكون في حكم البلاد ولو نظريا. وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا عبر صندوق انتخاب نزيه شريف وليس ملوثا بالمال الفاسد. ونحن نعمل لتغيير واقعنا التونسي من خلال الانتخابات والبرلمان واستهداف الوصول إلى السلطة.

*كم يقدر عدد الأعضاء المنخرطين في حزب حركة الشعب اليوم؟

ـ في آخر مناسبة وزعنا 15 ألف استمارة انخراط (عضوية ).. واليوم بعد الانتخابات نلاحظ إقبالا على الانضمام الينا ولذا قمنا بطباعة 20 ألف انخراط جديد (المحاور:يعتقد بأن أكبر عضوية حزبية في تونس بعد الثورة حققها حزبا النهضة ونداء تونس عام 2014 وتدور حول 100 ألف لكل منهما). 

4 شروط للمشاركة في الحكومة

*هل من الممكن وقد بقيتم في المعارضة أن تضعوا أيديكم كشركاء حكم في ايدي خصوم ايديولوجيين تاريخيا كمن يطلق عليهم إخوان تونس "النهضة"  والدساترة؟

ـ هم يتوجهون الآن إلينا صباح مساء أن نحكم معهم. ويبدو أن حركة النهضة تبحث عن "عذرية" جديدة تعيد إليها الانتماء للثورة بعد كل ما جرى خلال هذه السنوات. ونحن على وعي بما أفرزته انتخابات برلمان 2019، ولدينا شروطنا للمشاركة في الحكم ونلخصها في أربعة عناصر: -أولا: تقييم ماجرى في السنوات الماضية من تسفير للشباب إلى بؤر التوتر والإرهاب في سورية وليبيا والعراق والإغتيالات هنا، - ثانيا: مراجعة السياسات المسئولة عن ارتفاع الديون الخارجية والبطالة وتجويع الشعب. وبالطبع لن نتخلى عن الجانب الاجتماعي المغيب من أهداف الثورة. ولن نكون في صف التوجه النيوليبرالي الذي اعتمدوه طوال السنوات الماضية. – وثالثا: مسألة انتهاك السيادة الوطنية من خلال علاقات الأحزاب بما في ذلك النهضة بالسفراء والاندفاع في المديونية المفرطة. ونحن نطرح تنويع علاقات تونس الخارجية لتخرج عما كانت عليه منذ استقلالها 1956. مثلا يمكننا الاتجاه إلى الصين – رابعا: في قضية المعركة ضد الإرهاب الذي كان من ضحاياه أحد مؤسسي حركتنا الناصري محمد البراهمي، نريد مواقف وسياسات حكومية واضحة وحاسمة في هذا الملف، وبشأن ما يجرى في ليبيا وسورية واليمن وتلك الجماعات الارهابية التي تعود من هذه الدول إلينا هنا في تونس.

*هل اتصل بكم السفير الفرنسي بتونس بعد الانتخابات أو خلالها مع ما هو معروف من مواقفكم الانتقادية للعلاقة مع باريس؟

ـ حدثت محاولات من المحيطين بالسفير الفرنسي قبل الانتخابات. وأوضحنا موقفنا بأن السفراء يتعاملون مع الدولة وليس مع الأحزاب خارج الحكم. ولسنا معنيين بترضية فرنسا، ولكننا بالطبع لا نريد حربا معها. من عناوين ثورتنا التونسية السيادة الوطنية وعبد الناصر قال من قبل "نعادي من يعادينا ونصادق من يصادقنا". وما تريده حركة الشعب هو التعاون لا أكثر وليس محاولات اخضاعنا. ونحن ندرك ونعي أن فرنسا هي الشريك الأول لاقتصاد تونس. وكل ما نطلبه هو احترام السيادة الوطنية والقرار الوطني وأن ينوع حكام تونس علاقاتهم الدولية.

*وهل اتصل بكم الفرنسيون بعد نتائج الانتخابات؟

ـ لم يحدث إلى الآن ( يوم إجراء الحوار 22 أكتوبر 2019).

*هناك من يقول بأن البرلمان الجديد يميل إلى"اليمين" على الرغم  من التنوع في كتله ودخول قوى جديدة بأحجام وازنه إليه.. كيف ترى الأمر وكيف تتوقع تأثير هذا على قدرتكم في اعادة صياغة العلاقات مع الغرب وبخاصة بشأن مشروع اتفاق التبادل الحر الشامل المعمق مع الاتحاد الأوروبي المعروف باسم "الأليكا" والمثير للجدل بين التونسيين؟. 

 ـ بالطبع سنجد صعوبات. لكن تجربتنا مع البرلمان السابق حيث كانت المعارضة أضعف تفيد بأننا نجحنا في تعطيل ومراجعة مشروعات قوانين. ونتوقع اليوم وغدا أن نقوم بعمل كبير مع كتل أخرى ومستقلين. بل اتضح على مدى السنوات الماضية أن المعارك لا تخاض فقط داخل البرلمان. فقد جرى إدخال تعديلات مهمة على قانون المصالحة مع رجال بن على بضغط من الاحتجاجات في الشارع وبقوى المجتمع المدني. وهكذا خاضت المعارضة البرلمانية المعركة بالتنسيق مع القوى الحية في البلاد خارج البرلمان. وبخصوص "الأليكا" نعتبرها مدمرة للفلاحة والصناعة التونسية، وأجبرنا رئيس الحكومة يوسف الشاهد على أن يخرج ويقول:"لا مفاوضات". إذن لدينا هامش حركة وضغط. 

بورقيبة ليس شيطانا

*هل أعدتم كناصريين تونسيين تقييم بورقيبة وميراثه بشأن الدولة الوطنية والحداثة؟

ـ بورقيبة ليس شيطانا، هو من قيادات الحركة الوطنية لهذه البلاد. لكن من مثل رؤيتنا هو صالح بن يوسف. لا ننسى أن بورقيبة رسخ دولة الاستبداد، لكن لاننكر عليه منجزاته في تعميم التعليم والصحة ومدنية الدولة. نرى اليوم إيجابياته وسلبياته. والثورة خلصتنا من نظرتنا السوداوية القاتمة تماما لبورقيبة . 

*كيف ترى مستقبل الناصريين في تونس انطلاقا مما جرى في انتخابات 2019؟

ـ من الواضح أن حركة الشعب تتقدم، ونراهن جديا على أن نكون مع الانتخابات المقبلة 2024 الحزب الأول في برلمان تونس وأن نتولى قيادة تشكيل الحكومة حينها. وهذا ما نعد به كل القوى الوطنية في كل الدول العربية. ولم لا؟ فقد دخلنا هذه الانتخابات بدون مال واستطعنا أن نحقق هذه النتائج وأن ننتصر. 
----------------
حاوره في تونس: كارم يحيى
من العدد الأسبوعي للمشهد







اعلان