06 - 05 - 2025

هذا موقفي من "جمهورية مرتضى منصور"

هذا موقفي من

لم يعد خافيا على مصر كلها أن "السيد" مرتضى منصور قد أشاع في الوسط الإعلامي أجواء غير مسبوقة من فحش القول امتدت من قذف المحصنات إلى تلويث الشرفاء ومن التمييز ضد الأطفال إلى إهانة أولياء الأمور في سوابق لا يمكن أن تكون قد حدثت في أي عصر.

لم يعد في قوس الصبر منزع لدى كثير من أعضاء الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين، فلم يعد السكوت ممكنا لذوي الألباب بعد أن استفحلت لغة السباب وأصبحت دستورا جاثما لايجرؤ أحد أن يدبر ضده ثورة أو انقلاب.

لقد احتمى النائب "المحترم" بالحصانة البرلمانية وأطلق لسانه على الجميع دون رادع من أي مسئول وكأنه فرعون لايجرؤ أحد أن يجادله حتى من الكهنة والسدنة ومدعي الربوبية.

إن اعتبارات لا يفهمها الكثيرون- وأنا منهم- تفرض الرجل زاعقا على الشاشات رغم قرارات المنع ومتحدثا إلى الصحف رغم قرارات التجاهل ورافعا لراية القيم والأخلاق الفاضلة رغم أنه يطأ كل هذا بكعب حذائه.

لقد أضحى المذكور محركا نفاثا للفتن ومثيرا للشغب ومهيجا للجماهير دون سبب سوى إرضاء رغباته وربما نزواته المريضة بحب الظهور والسيطرة.

إن أجهزة سيادية يخشى كثيرون أن يمروا بجوار أسوارها العالية أو يتجاسر أحد على سطوتها العاتية قد توارت واختفت عندما اعتبرها المذكور- دون أن يسمها- فئة باغية، وعرض بها علانية، ولم تنتفض ولم ترد ولزمت أدبا غير مألوف مع آحاد الناس.

لسنا مجبرين على السكوت حتى وإن كان من ذهب ولسنا مجبرين على الصمت حتى لو كان فضيلة ولسنا مضطرين للمهادنة حتى لو أطلت علينا من شرفات الحكمة.

كنت أود لو كان لدينا مجلس للنواب يشعر بمرارة الصحفيين من تصرفات حمقاء تجري تحت شمس الظهيرة عيانا بيانا دون خجل أو مواراة، كنت أود لو نفضت لجنة القيم الغبار عن نفسها، وأجرت شئونها مع المذكور حتى دون طلب أو إلحاح ودون حشد أو ضغط، فإن لم يكن لها دور في كوارثه التي ارتكبها بلسانه وشفتيه فمتى ستتحرك؟ وضد من؟.

لكن النيابة العامة التي هي حصن المجتمع وملاذه الأخير كانت طلباتها محل استخفاف من المجلس "الموقر" فقد تراكمت البلاغات ضد السيد مرتضى منصور وزادت عن الثلاثين، وعندما تقدم قاض جليل هو النائب العام بطلب لمجلس النواب لرفع الحصانة عن السيد منصور لم يخجل رئيس مجلس النواب من أن يقرر بأريحية يحسد عليها أن هذه البلاغات كيدية، وأن يكون مصيرها محرقة الأوراق والأعصاب أيضا.

إنني إذ أؤكد لكم أن الجماعة الصحفية لن ترضى هذه المرة بالابتسامات المصطنعة والكلمات المعبأة والعبارات المحفوظة سلفا ولا حتى بدعوات التهدئة بحجة ألا يستغلها "أعداء الوطن".

لن ترضى الجماعة الصحفية سوى أن نرفض رشاوى السيد مرتضى منصور بالعضويات الجديدة وحسبنا ما التحق بنادي الزمالك من أعضاء أصبح واجبنا الآن أن نحفظم لهم كرامتهم ولأبنائهم حقهم المشروع في دخول ناديهم دون تمييز بسبب مهنة آبائهم وأمهاتهم.

لن ترضى الجماعة الصحفية بوعود أوهى من خيوط العنكبوت ولا بعهود كالزبد تذهب جفاء ليمكث في الأرض ما يصيبنا بالخزي من قبولها.

لن ترضى الجماعة الصحفية أن تلدغ مرة عاشرة من جحر هذا اللعان إذا تبقى لدينا بصيص إيمان بمهنتنا وبحرمة الكلمة وقدسية رسالتها.

لن ترضى الجماعة الصحفية أن تظل في حالة طرق دائم على الأبواب الموصدة، في مؤسسات الدولة التي يبين لنا بوضوح أن هناك بين أغوارها العميقة من يحمي الرجل ويهدهده ويبرر ويستغفر له مهما زل فاه وتبجحت عيناه.

إن توجه الجماعة الصحفية أصبح الآن لازما نحو رئيس الجمهورية ليكون آخر ما في جعبتنا من سهام نطلقها نحو بذاءات هذا "السيد".

إن خطابنا نحو مؤسسة الرئاسة يجب أن يتضمن ملفا موثقا بما هو منشور و"سيديهات" بما هو مبثوث، ودفوعا قانونية بكل الانتهاكات التي ارتكبها ضد حقوق الأطفال والمرأة وعموم المواطنين.

إن الأمر لا يكفي فيه مناشدة عابرة ولا برقية خاطفة وإنما لقاء للمجلس أو للنقيب يحمل غضب الجماعة الصحفية وإصرارها على تبني المسار القانوني وكل السبل المتاحة في التعامل مع البلطجة والترهيب والابتزاز الذي مورس ضد مئات الصحفيين.

إن رسالتنا للسيد رئيس الجمهورية هي زفرة مكبوت، فاض به الكيل دون أن يفقد الأمل في التغيير، وفي مؤسسات يجب أن تستعيد هيبتها قبل أن تعود لممارسة أدوارها.

سيكون صوت جمعيتنا العمومية الذي لايعلو عليه صوت أو إرادة حاضرا ويجب أن نوصله بكل الوسائل ولن نعدم طريقة لأن يعلو صوتنا فوق البذاءات والمزايدات متسلحين بوحدتنا وصمودنا وتمسكنا بكرامتنا.

إن رسالتنا جلية لاتحتمل اللبس وهي أننا مستعدون للعيش في مصر المحروسة لكننا لسنا مستعدين للحياة في "جمهورية" مرتضى منصور.
--------------
بقلم: هشام يونس
* المقال مذكرة تقدم بها إلى اجتماع مجلس نقابة الصحفيين المنعقد اليوم (29/10/2019)

مقالات اخرى للكاتب