29 - 03 - 2024

في مسالة العين والحاجب والقفز من القطارات المسرعة

في مسالة العين والحاجب والقفز من القطارات المسرعة

وقفت بالأمس  بسيارتي عند بوابة أحد المستشفيات العسكرية. مسئول الأمن يسأل :مدني أم عسكري؟ سألت عن الفارق. قال : المدني يدفع رسوم دخول اما العسكري فلا. قلت: الرئيس قال أكثر من مرة إن (مفيش) تمييز، هل اطيعك أم اطيع الرئيس؟ افسح الشاب الطريق مبتسما  متذرعا بعدم وجود(فكة) معي. تصرف الولد  بلباقة وذكاء فطري ليخرج من مأزق مستحكم.

كل الطرق السريعة بها حارة لمرور العسكريين. اما أفراد  الفئات المتميزة من  رجال الشرطة والنيابة والقضاء فكل الحارات لهم.واحيانا يعلقون علي سياراتهم ما يثبت هوياتهم علي سبيل الإنذار (اعرف مين بيكلمك)

 ما يحدث في الطرقات يحدث في وسائل النقل وفي العديد من أماكن  الخدمات العامة. هناك دوما فئات مستثناه. يشعر هؤلاء أنهم هم أصحاب البيت وان الآخرين من المواطنين مستأجرين عابرين، وعليهم أن يدفعوا الايجار عن يد وهم صاغرون. البلد مش (سبهللة). البلد لها أصحاب وبها أيضا ضيوف.  المشكلة ان عدد الضيوف أكثر من عدد الملاك. والمشكلة ايضا أن هؤلاء الضيوف مشاكسون، لا يريدون الاعتراف بصفتهم الوافدة، وعيونهم تعلو علي حواجبهم فتحدث المشاكل. 

الشابان اللذان قفزا من القطار المسرع تنفيذا لتعليمات الكمساري كانا مواطنين صالحين  ويعلمان تماما قانون العين والحجاب، وامتثلا للموت نفاذا لهذا القانون. فعلا تماما ما فعله  سقراط . 

السؤال الذي لم يوجه لوزير النقل هو : هل كان الكمساري سيوجه نفس الأمر بالقفز من القطار لقاضي او حتي أمين شرطة ؟ ننتظر الإجابة .
-----------------------
بقلم: د. نور فرحات*
* أستاذ فلسفة وتاريخ القانون

مقالات اخرى للكاتب

هؤلاء الرجال وسجونهم الراقية





اعلان