وكان من اللازم لأمريكا القضاء علي النفوذ الروسي في افغانستان لأهمية موقعها ولأسباب أخري.. ولكن أي رئيس أميركي لايستطيع تكرار مأساة فيتنام فيضحي بالجندي الامريكي، فأفرجت أمريكا عن بعض الاسلحة، وكان أهمها ما تم صناعته في البلاد العربية وفي الهند وباكستان وتركيا وغيرها من الدول التابعة لها من خداع وخداعين باسم الإسلام، ولان النصاب الامريكي هو الذي صنع اللعبة في مصانعه، وأمر اتباعه بشراء كل الكمية وترويجها فهو يفهم ويعرف ما تم تصديره وأسرار تشغيله، فكانت الخطة بعد تجهيز الراي العام ضد الكفرة والكافرين الروس ولعدة سنوات واستخدام الإختراع الجديد في ذلك الوقت "الفيديو" لتوزيع الملايين من الاشرطة التسجيلية عن إجرام الروس الكافرين وتمزيقهم المصحف ومنع تلاوة القرآن وتعذيب المؤمنين، فسمح الحكام العرب في ذلك الوقت بتوجيه من المؤمن الأمريكي الكبير والتدريب عند اللزوم عسكريا والسفر الي افغانستان عن طريق باكستان وسافر الآلاف من الشباب للجهاد في افغانستان وشجعتهم حكوماتهم، أما مبارك في مصر فأغمض عينه اليمني فقط، أما اليسري فكانت علي أمريكا وقدر العائد الذي يعود علي حكمه الفاسد في مصر، وحمايته واسقاط ديونه وإقراضه مجددا.
وتكونت عدة جيوش في أفغانستان، وكلها من المجاهدين المؤمنين وأسلحتهم من أمريكا المؤمنة جدا وتمويلهم من الدول شديدة الإيمان مع الاستمرار في توزيع الأشرطة التي تبين بطولات المجاهدين وكيف يفجرون سيارات ومدرعات العدو الكافر وكيف يموت المجاهد بنيران الروس الغادرة، أما المؤثر الفعال فكان شيوخ المساجد ومن اطلق الناس عليهم اسم العلماء.. فكانت خطبة الجمعة بمثابة جهاز الشؤون المعنوية لتستمر الحرب بضراوة بين المجاهدين الأفغان والكفار الروس، حتي قررت روسيا الانسحاب من افغانستان واصطحاب الحكومة الافغانية معهم في حقائبهم، وعلت راية المجاهدين في افغانستان فبدأ المجاهد في تنظيم طالبان يقاتل المجاهد من الاخوان ليستولي وحده علي الغنائم والنساء والاسلاب، وازدحمت الجبال بصيحات الله اكبر يطلقها القاتل والقتيل حتي تم اعلان هزيمة الاخوان وقتل عبد رب الرسول سياف وانتصر جيش اسامة بن لادن، واستمر المؤمن الامريكي في تمويل الطرفين وتسليحهم ومشاهدة المسرح الافغاني بعد ان يصفي المجاهدون بعضهم بعضا.. واستقر الامر لابن لادن الذي اسس تنظيم القاعدة وملأت صوره وأخباره صحف العالم.. وعين نائبا له اسمه ايمن الظواهري واعلنها خلافة اسلامية.. وكان لابد للمؤمن الأمريكي أن يدمر الأسلحة التي سلمها للمؤمن الافغاني بن لادن وأن يظهر علي المسرح وعين حاكما أمريكيا باسم أفغاني وجنسية أفغانية ليحل الايمان الامريكي محل الكفر الروسي، ويلجأ إمام دولة الخلافة إلي الجبال ليختبيء من نيران المؤمن الأمريكي، فكانت جبال "تورا بورا" هي حدود دولة الخلافة.. وأراد بن لادن أن يرد الضربة لأمريكا، ليس لأنها خدعته فهو طبعا كان يعرف ذلك، ولكن لأنها أنهت المسرحية بعد فصلها الاول وطردت الممثلين المؤمنين خارج المسرح وخلعت هي وأتباعها السبحة والعباءة (وزبيبة الصلاة)
وحاكمت مصر مثلا من قامت بتسفيرهم إلي أفغانستان في قضايا أطلقت عليها قضايا "العائدون من أفغانستان" وتوقف تمويل لجان الإغاثة وتم القبض علي الأعضاء فيها.. وهكذا وهكذا وهكذا.. في سائر بلاد الأتباع.
ولكن بن لادن أراد أن يضع بصمته علي" قفا" أمريكا، لعلها تعود إلي سابق عهدها وتتبني دولة الخلافة لعلها تستفيد بها أو تستخدمها.. وليثبت بن لادن أنه فريد بين المجاهدين، فقد هزم الروس وهزم الزملاء المجاهدين له وسيهزم أمريكا.
فقام بن لادن بتفجير أكبر الأبراج في أمريكا "برج التجارة العالمي" فأضاف إلي قتلاه من الروس والمجاهدين أصحاب العيش والملح، فأضاف أنه قتل الامريكان أربابه وأصحابه وصناع تاريخه.. ومجموعة من الجنسيات الأخري.
فقامت أمريكا برد الصاع صاعين، ووضعت لرأس بن لادن الملايين من الدولارات، فأخذها واحد من المؤمنين ليبلغ عن مكانه ويحصل علي الملايين لقاء إيمانه الشديد.
وكعادة المؤمنين من هذا النوع، اعتلي النائب الظواهري مقعد الخليفة بعد أن تعلم الدرس من رأس الذئب الطائر (وهو مثل عربي وليس سبابا) فتسردب الإمام الجديد في سرداب داخل جبال" تورا بورا".. ولكن هيهات أن تتم الطاعة لإمام يختبئ داخل الصخور.. فتم توزيع كتاب الإمام المسردب، ومدي جواز بيعته إماما للمسلمين وحرمة ذلك "دينهم طبعا"
وقد ألف الكتاب مجاهد مصري وكان صديقا للظواهري، وأظنه أسامة قاسم، فخرج نتيجة هذه الأحكام التي اعتبرها المجاهدون فقها إسلاميا، فخرج الكثيرون علي أيمن الظواهري وبدأوا في بيعة إمام جديد لا يسكن السرداب، وتكونت دولة داعش التي ترمز حروفها إلي دولة الخلافة الاسلامية العراق والشام.
ولكنهم أيضا اختبأوا في سرداب، ولكن هذه المرة ليس هربا من أمريكا، ولكن هربا من بعضهم البعض، فكان قتل المئات من الجيشين المؤمنين ومن جيوش أخري جديدة ولدت حديثا لمقاومة الحكام العرب، ولكنها وهي تعلن مقاومة الطغاة العرب قاموا بكثير من جرائم القتل لبعضهم البعض، وتم قتل المئات من المجاهدين الجدد والقدامي، وبالمناسبة تم قتل كل المجاهدين الذين أرسلهم الدكتور محمد مرسي عدا أربعة أو خمسة.. وتم قتل قاتل فرج فودة ونسفه بيد المؤمنين الذين يحملون نفس فكره، وتم نسف مؤلف كتاب الإمام المسردب وتم نسف عمر رفاعي سرور وغيرهم من المجاهدين مع زوجاتهم وأولادهم.. فالجهاد جهادهم والإسلام إسلامهم أيضا.
المهم إن "أبا بكر البغدادي" وهذا ليس اسمه طبعا كان من المجاهدين الذين انتهي دورهم وكان لابد له من أن يوقع علي استمارة نهاية الخدمة هو وزوجاته وأولاده ليقدمه ترامب كدعاية انتخابية له ليلحق أبو بكر بالمجاهدين الذين سبقوه وقتلهم بيده، وليلحق أيضا بضحاياه من كل الجنسيات.
عند رب لا تخدعه الشعارات ولا الأونطة ولا شغل الدجل وسيحاسب الجميع علي كل نقطة دم، بل سيحاسب الحيوان الذي نطح حيوانا مثله.. والآن ياسادة..
هل عرفتم لماذا كان يضحك أمامهم مستر ترامب، وهو في المؤتمر الصحفي.
-----------------------
بقلم: مختار نوح