19 - 04 - 2024

علي هامش السد!

علي هامش السد!

هذه بعض خواطر رأيت أن أشارك بها القراء ، مجرد فسيلة قد تجد ريا فتنمو أو يقتلها الجفاف .

موضوع سد النهضة ذو شجون . لم يعد يجدي استدعاء مواقف سابقة . لقد حدث ما حدث.أثيوبيا يجب أن تدرك بلا أي لبس أن عدم التعاون يعني من جانبها إعلان بحرب إبادة ضد شعب مصر .. ويجب أن يصل هذا الإدراك إلي العالم كله قبل إطلاق طلقة واحدة، وأن تكون خطط العمليات جاهزة.

أتذكر أن سفيرا مصريا علي المعاش خرج في لقاء مع ليليان داود معارضا بشدة لتوقيع الاتفاق في الخرطوم دون ضمانات محددة، ووقتها اتصل وزير الري وأستاذ قانون دولي (شاهدته كثيرا يدافع عن مواقف الحكومة كذلك في تيران وصنافير) ليهاجموا السفير ويؤكدوا سلامة الاتفاق المزمع عقده في الخرطوم، بل وسخر أستاذ القانون من السفير الذي شرح تفصيلا خطورة هذا التوجه الذي ينسخ اتفاقية ١٩٠٢ مع أثيوبيا بدون مقابل حقيقي يضمن حقوق مصر.

والآن لا جدوي من محاولة المناداة بإسقاط إعلان المبادئ مع أثيوبيا.. ربما تكون فرقعة في وجهنا.. الأصح هو التمسك بأن النظام القانوني الحاكم بيننا وبينهم هو اتفاقية ١٩٠٢، التي وقعها الإمبراطور مينلك الثاني وكانت أثيوبيا مستقلة، بل وحصل علي مساحة أرض جنوب المملكة المصرية مقابل التوقيع، وهي المنطقة التي يبني فيها السد حاليا.. اما ما يسمي "إعلان المبادئ" فهو كما قلت في تصريحات عديدة وقتها، ليس اتفاقا ولا يرتب التزامات علي أي من الجانبين .

وقد نشرت لي صحيفة الخليج تصريحا قديما قالت فيه : "أما ثالث الخيارات وأخطرها فيتعلق باستخدام القوة، وقد لوّح به سابقاً مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير معصوم مرزوق، مؤكداً أن بلاده لديها الكثير من الأوراق التي يُمكن التعويل عليها، على حد قوله.

وأشار في حديث سابق لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن "مصر عرضت على إثيوبيا أن تكون قضية سد النهضة إما تعاوناً وإما صراعاً، ومصر اختارت التعاون الذي لم يحقق أي إضافة حتى الآن". ولمَّح مرزوق إلى أن "استخدام القوة العسكرية لحل الأزمة أمر وارد الحدوث".

ومن خلال الثقافة العسكرية نجد في فن الحرب كتب كثيرة، ومن أهم القواعد أن "لا تهدد بما لا تملكه، والبراعة أن تكسب الحرب دون أن تطلق طلقة"، وكذلك " اذا كان القرار في النهاية هو الحرب، خذ المبادرة واغتنم المفاجأة التي تكسب بها ثلث النصر " ، وأخيرا " مجتمع الحرب يختلف عن مجتمع السلام في أبعاد عديدة، أعرف الحالة

ومن الأهمية بمكان أن "لا تظن أن خصمك لا يراك ، اجعله يعتبرك صديقه ، ولكن اياك أن تعامله كصديق "، " الحرب قرار أهم من أن يترك للجنرالات"، " في حالة الحرب، لا توجد موالاة ومعارضة، فقط أمة تريد أن تنتصر" ، " ليس من مصلحة القائد الاستسلام لخداع النفس، تلك وصفة مؤكدة للهزيمة". لتفعيل الحق في الدفاع عن النفس علي المستوي الدولي يجب بذل الجهود الدبلوماسية بشكل مكثف لبناء رأي عام دولي مساند لاستخدام هذا الحق، وخصوصا إثبات الجانب العدائي لدي الخصم وإصراره علي تهديد المصالح العليا للدولة أو حياة شعبها. هل يمكن اعتبار حرمان دولة من مياه نهر دولي بمثابة "عدوان" وفقا للقانون الدولي، بدون الدخول في تفاصيل يمكن القول بأن ذلك في تفسير واسع يمثل بالفعل عدوانا يعطي الحق للضحية أن يتخذ إجراءات دفاعية وفقا لحق الدفاع عن النفس. بل أن منع تدفق النهر يعد جريمة إبادة لدول المصب. شهدت مصر عام ١٩٦٤ قمتين عربيتين، كان من أبرز قرارتها تحويل مجري نهر الاردن لحرمان اسرائيل منه. وقبل استكمال منشآت التحويل، قام الطيران الإسرائيلي بقصف الموقع داخل الاراضي السورية ودمر كل المنشآت، بحجة المادة ٥١ من ميثاق الأمم المتحدة للدفاع عن النفس .

والمادة ٥١ من ميثاق الأمم المتحدة تعطي هذا الحق بشروط :

أ- أن تتعرض الدولة المعتدى عليها لعدوان مسلح .

ب - يجب أن تتم ممارسته بشكل مؤقت لحين قيام مجلس الأمن باتخاذ التدابير الفعالة ضد الدولة المعتدية . 

ج - يجب أن يخضع لرقابة مجلس الأمن وبالتالي يجب إبلاغ مجلس الأمن به .

في ٧ يونيو ١٩٨١ قامت إسرائيل بغارة جوية علي العراق دمرت فيها المفاعل النووي العراقي، ومن ضمن حججها كان استخدام حق الدفاع عن النفس وفقا للمادة ٥١ من ميثاق الأمم المتحدة .

وبطبيعة الحال تلك ليست دعوة لدق طبول الحرب، ولكن التفاوض له أدوات كثيرة، ومن بينها أن تملك قوة تدفع خصمك علي الاعتقاد بأنك سوف تستخدمها..

لا يوجد شئ في علم التفاوض يؤدي إلي التفاوض من أجل التفاوض، كما يفعل الكيان الصهيوني مع فلسطين أو كما يفعل الاثيوبيون منذ سنوات معنا.

ان لم تظهر يدك ، لن يخشوا لسانك ..
-----------------------
بقلم السفير/ معصوم مرزوق*
*مساعد وزير الخارجية الأسبق

مقالات اخرى للكاتب

علي هامش السد!





اعلان