10 - 05 - 2025

ريهام والفقراء وعبادة الرئيس

ريهام والفقراء وعبادة الرئيس

تابعت تعليقات غاضبة على ريهام سعيد، دون أن أعرف الموضوع بسبب ضعف متابعتي، وغيابي عن الفيس لفترات طويلة، فبحثت عن كلامها، ووجدت ما يستحق التوقف.

... ... ... 

قالت ريهام : {لما سيادة رئيس الجمهورية إتكلم على موضوع السمنة، فيه ناس عملت كومكس وبتاع، وقعدت ابص وأقول: قد إيه فيه ناس جهلة، وقد إيه فيه ناس ..... بيتكلم (اي الرئيس) في حاجة مهمة قوي، واتكلمنا فيها كتير وانتو ما بتسمعوش. الناس التخينة ميتة، عبء على أهلها، وعبء على الدولة. الناس التخينة بتشوه المنظر، يعني أنتِ وانتِ ماشية كده بالإسدال ولا بالعباية ولا بالجلبية ، ومش قادرة تمشي، ولا بتعرجي، وبتبقي كلك عرقانة علشان عندك كمية سموم غير طبيعية، فقدتي كل أنوثتك، فقدتي كل حاجة ...إلخ " }

... ... ... 

لا أود الحديث عن المستوى الفكري البائس لريهام سعيد، و السمنة العقلية التي تعاني منها هي وغيرها من صناع الثقافة في مصر، لكنني أريد التوقف أمام ملاحظتين

1ـ لم يكن حديث السيدة موجها ضد مرْضى السمنة، بل كان موجها ضد الطبقة الشعبية، أو الفقيرة، ويظهر ذلك من خلال إشارات كثيرة مثل الأزياء المذكورة، وهي (الإسدال، والعباية، والجلباب)


2ـ لقد تم فصل الرئيس عن الموضوع أثناء التعليق عليه من قبل الكثيرين، وانصب الكلام على ريهام وحدها، بينما الرئيس هو الموضوع الجوهري، وهذا مؤشر سلبي يعني الكثير، ولعله يعبر عند البعض عن الخوف من لمس اسم الرئيس من قريب أو بعيد، وهذا خطأ، ولا يمكن أن يكون في صالح الوطن، أو في صالح الرئيس

الخوف من لمس اسم الرئيس معتقد وثني معروف لدى شعوب بدائية كثيرة، ويمكن أن يتسلل إلى اي إنسان لا يفكر بعقلانية، وهو يؤدي إلى التقديس، لا التقدير والاحترام

لقد بدأت السيدة موضوعها وهي تدافع عن الرئيس، و كلام الرئيس عن السمنة، فانتقلت إليها عدوى العظمة والجلال بسبب قربها من أفكار الرئيس، وراحت تحتقر الناس، وتكلمهم باشمئزاز، وتسخر من طريقة سيرهم في الشارع، وبشاعة صورهم وأشكالهم، وتصفهم بالجهل، وعدم التزامهم بفريضة السمع والطاعة، بل راحت تصدر عليهم أحكاما بالموت، أو تهم بالكلام وتسكت وكأنها تترفع عن المزيد من الشتائم، وهكذا صارت تتحدث من موقع الآلهة

هل أخذتها الجلالة وخانها التعبير، أم تعبر عن الفئة التي تمارس طقوس التقرب إلى السلطة ليلا ونهارا، الفئة التي تنتظر أية كلمة أو إشارة تصدر عن الرئيس، لتحولها إلى شيء مقدس، لا يقبل النقاش، حتى لو تكلم الرئيس بشكل عرضي، في موضوع لا علاقة له بمنصبه، مثل موضوع السمنة، أو اختيار مدرب لكرة القدم؟ 

في كلام ريهام تجاوز إنساني باسم الدولة في حق ضحايا الدولة، فهل تعبر عن رؤية تخصها وحدها بهدف المتاجرة بكلام الرئيس، أم تعكس نظرة الدولة للطبقات الفقيرة التي تشوه المنظر و تستحق الموت؟
---------------------
بقلم: فتحي عبد السميع

مقالات اخرى للكاتب

ريهام والفقراء وعبادة الرئيس