20 - 04 - 2024

المسيحيون ما بين كافر وقتيل

المسيحيون ما بين كافر وقتيل

تعمل دار الإفتاء المصرية والمؤشر العالمي للفتوي، و"الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم" منذ سنوات على ضبط الحالة الإفتائية فى العالم، وتصدر تقريرا نصف سنوى،فى هذا الاطار، جاء التقرير الاخير عن الفترة (من يناير إلى يونيو 2019م).اشتمل على رصد وتحليل الخريطة الإفتائية في العالم، عبر  عينة وصلت الى نحو 350 ألف فتوى متنوعة المصادر والجنسيات والأيديولوجيات، فى عدد 33 دولة عربية وأوربية، وعرض التقرير عددا من القضايا المتعلقة بتفشى حالة الفتاوى غير الرسمية فى العالم والتى وصلت نسبتها مقارنة بالرسمية الى 92 %، فى حين أدت الرؤية الإصلاحية للمملكة العربية السعودية - أو ما اصطلح عليه برؤية 2030- إلى غزارة الإنتاج الإفتائي الرسمي؛ لسعي المملكة للقضاء على الفتاوى المتشددة والمغلوطة.

 وسار التقرير على نهج علمى يسرد أزمات التنظيمات الارهابية، وسيطرتها على مناخ الفتاوى، خاصة ما يتعلق بالقاعدة التى تتصارع مع داعش لتبوؤ مكانتها، وتراجع داعش بعد هزيمته فى سوريا، وأزمة تفشى الفتاوى التى تحض على الكراهية فى أوروبا من قبل الإخوان الفارين إلى هناك، استنادا الى فتوى القرضاوى التى تقول: "نشر الإسلام في الغرب واجب على كل المسلمين، وأن احتلال أوروبا وهزيمة المسيحية سيصبحان أمرًا ممكنًا مع انتشار الإسلام داخل أوروبا، حتى يصبح الإسلام قويًّا بما يكفي للسيطرة على القارة بأكملها".

ولكن الملفت للنظر، وبمراجعة الرسوم البيانية للتقرير، لم نجد إدراجا لجماعة الإخوان الإرهابية ضمن الإحصاء البيانى، ولم نجد فى الرسوم البيانية للتنظيمات الارهابية، وفتاواها، وإصداراتها، وجود لجماعة الإخوان، بالرغم من وجود جزء انشائى فى التقرير عن إرهاب الإخوان بينما فعليا غير موجود بالاحصاء العلمى. واللافت ان التقرير أشار إلى تطابق استراتيجى بين الإخوان وداعش بينما أدرج داعش ولم يدرج الإخوان!!

الأمر الآخر الملفت فى تقرير دار الإفتاء، ما وصف به اليمين الاوروبى، عقب الهجوم على مسجدين بنيوزلندا في مارس 2019، والكشف عن أن إطلاق النار على المسجدين المستهدفين في كرايست تشيرش نفذه مواطن أسترالي، حيث أكد التقرير ان 95% من خطاب الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا يُعادي الإسلام بشكل عام!! وينمي ظاهرة الإسلاموفوبيا.! و80% من مفردات هذا الخطاب العدائي مرتبطة باللون والعِرق والهوية، مثل: (سيادة العِرق الأوروبي، تفوق اللون الأبيض، الحضارة الغربية)، و(20%) يدور حول الدين والخوف على المسيحية!!! وذلك مثل ألفاظ: (غزو المسلمين، أطفال الغزاة، الدين الوحشي، الإسلام الإرهابي، الإسلام هو الموت والمسيحية هي الحياة!) وفيما يحلل التقرير ألفاظ اليمين المتطرف أغفل أن تعبير غزوة وأطفال الغزاة هو استخدام لغوى عربى، وأن ما فعلته التنظيمات المتأسلمة، باسم الله وباسم الإسلام، والسعى لتحقيق حلم الخلافة الإسلامية، والمقاطع المرئية التى يبثونها بلا رادع وقطع الرؤوس، وحرق النفوس، هو السبب الأساسى لتحفيز المخاوف وإثارة الرعب من تصدير الإرهاب فى أى صورة.

بين السطور تلميح وتصريح

 تطرق التقرير لأفول نجم داعش لحساب القاعدة، وهو تحذير واضح من عودة نشاط القاعدة الإعلامى أولا والعسكرى ثانيا، إذ تفوق فتاوى تنظيم "القاعدة" في النصف الأول من 2019 (51%) من إجمالي فتاوى التنظيمات الإرهابية، وهو نشاط ملحوظ بالنسبة للقاعدة، سيطرت خلالها فتاوى التحريض على القتال، والجهاد لنصرة الدين كما يدعون، مع التركيز على تكفير داعش وعرض أدلة ارتداده عن الإسلام وفقده لبوصلته، ومواجهته عسكريًّا. وثانيًا استقطاب أتباعه.

ورغم تراجع داعش وغيابها إعلاميا وعلى مستوى الفتاوى إلا أنفتاواها التى تحرِّض على قتل واستهداف المسيحيين في الدول العربية والإسلامية بلغت نسبتها (30%) من جملة الفتاوى، وبينما تصنف القاعدة المسيحى باعتباره كافراً، يدعو داعش لقتله، وهكذا يظل المسيحيون بين كافر وقتيل فى المنطقة العربية المشحونة بالفتاوى الإرهابية.
----------------
بقلم: حنان فكرى
[email protected]

مقالات اخرى للكاتب

عفواً.. القانون لا يمنح العطايا الإلهية





اعلان