المصانع تصرخ من " مطرقة الرسوم"..والقضاء الإداري ينصف أصحابها ويوقف قرار وزير الصناعة..والحكومة لا تستجيب
- العشري: نطالب بلجنة محايدة لمراجعة ميزانيات وتكاليف الانتاج لجميع المصانع
- ونيس عياد: توقف المصانع عن الإنتاج يهدد نحو 25 ألف عامل بالتشرد
حالة من الارتباك تسود سوق الحديد، بعدما فرضت الحكومة رسوم على واردات " البليت"، المادة الخام التي تعتمد عليها مصانع الدرفلة، والتي توقف متها ما يقرب من 22 مصنعاً عن الانتاج. وفرضت وزارة التجارة والصناعة رسوماً وقائية مؤقتة بنسبة 25% على واردات حديد التسليح والصلب، و15% على البليت (خام الحديد) لمدة 180 يوماً، اعتباراً من منتصف أبريل الماضي.
وجاء قرار وزير التجارة بحسب ما يقول مسؤولو مصانع الدرفلة، استجابة لمطالب مصانع الحديد الكبيرة التي تنتج البليت محلياً، والتي كانت تشكو من إغراق السوق بخامات البليت بعد الرسوم التي فرضتها الولايات المتحدة على واردات الصلب، وأدت إلى وجود فائض عالمي كبير من الخام.
وأدى القرار أيضاً إلى ارتفاع في أسعار الحديد في الأسواق بدرجات متفاوتة وصل إلى 500 جنيه في الطن الواحد، الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات حول ما يجري في السوق، وهو ما تحاول " المشهد" تسليط الضوء عليه.
اغلاقات ومناشدات
أيمن هيكل، مدير عام مجموعة العلا للصلب، يقول إن هناك 22 مصنعا متوقفة عن الإنتاج، حتى يتم حل مشكلة فرض رسوم على واردات البليت، ومن بين هذه المصانع " الجارحي" ، و "العشري" ، و "الجيوشي" ، كما أن المصانع المتكاملة، التي تعتمد في إنتاجها على البليت المصنع لديها، ليس لديها فائض من البليت، كي تبيعه لغيرها من المصانع.
وهو ما يؤكده أيضاَ محمد حنفي، رئيس غرفة الصناعات المعدنية،: ويضيف " هناك بالفعل مصانع عديدة توقفت عن الإنتاج، لحين النظر في الاستغاثة المقدمة لرئيس الجمهورية، من مصانع الدرفلة".
وتفاقمت أزمة مصانع درفلة الحديد عقب قرار وزارة التجارة والصناعة بفرض 15% رسم حماية على البليت، كما يقول ونيس عياد عضو غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، ذلك أن توقف المصانع عن الإنتاج ، يهدد نحو 25 ألف عامل بالتشرد، الأمر الذي يؤثر تأثيراً بالغاً على أسعار منتجات حديد التسليح بشكل مباشر، وأدى بالفعل إلى ارتفاعها في السوق المحلية بقرابة 500 جنيه في مصانع حديد الدرفلة، في الوقت الذي تكدست الموانئ بخام البليت.
ويطالب عياد بسرعة تدخل المسئولين لإنقاذ مصانع الدرفلة من خطر الإفلاس، خاصة أن غالبية المصانع حصلت على قروض بنكية، ولن تتمكن من سدادها في ظل هذه الظروف، كما يطالب بضرورة إعادة دراسة القرار، مع صعوبة تطبيقه على مصانع الدرفلة في ظل رسوم تتخطي 1500 جنيه، إلى جانب 9600 جنيه لسعر طن البليت شامل ضريبة القيمة المضافة و1200 جنيه تكلفة تصنيع شامل النقل ليصل إجمالي طن الحديد إلى 12200 جنيه،
ويتساءل: من يستطيع من أصحاب مصانع الدرفلة أن يبيع بهذا السعر في ظل تثبيت المصانع المتكاملة لأسعارها ، والتي تتراوح ما بين 11350 إلى 11600 جنيه للطن؟!.
ويقدر عياد، خسائر مصانع الدرفلة خلال الشهرين الماضيين، منذ صدور القرار بنحو مليار جنيه، الأمر الذي سيجبر مصانع الدرفلة على التوقف النهائي عن العمل لعدم قدرتها تحمل استمرار الخسائر.
خسائر بالجملة
ووفقا لبيان أكد أصحاب مصانع الدرفلة، أن هناك عجزاً في توفير احتياجات مصانعهم مشددين علي أن المصنع الوحيد الذي لديه فائض في خام البليت أعلن أسعار بيع طن خام البليت بسعر 10700 جنيه.
وأوضحوا هذا السعر الهدف منه، تعجيز مصانع الدرفلة عن الإنتاج، خاصة وأن تكاليف التصنيع تتراوح بين 1200 و1300 جنيه دون هامش ربح، مشيرين إلى أن المصنع الوحيد الذي أعلن عن توافر خام البليت ، لن يتنازل عن بيع الفائض لديه، نظرا لاحتياجه في تشغيل المصنع الجديد المقرر افتتاحه هذا الشهر، مطالبين مصانع الحديد المتكاملة بالإفصاح عن فاتورة واحدة لبيع خام البليت منذ خمسة أعوام.
وبحسب بيان أصدره أيمن العشري، عضو مجلس إدارة غرفة الصناعات المعدنية، فإن مصانع الدرفلة البالغ عددها 22 مصنعاً باستثمارات تصل إلى نحو 30 مليار جنيه، سوف تخرج من السوق المحلي قريباً، لعدم توافر خام البليت سواء المحلي أو المستورد، حيث تنفرد خمسة مصانع متكاملة بالحصة السوقية كاملة.
ويضيف : "مصانع الدرفلة عرضت في حضور مسؤولي وزارة التجارة والصناعة، على أحد أصحاب المصانع المتكاملة شراء فائض البليت لديه بالسعر العالمي، إلا أنه رفض ولم يقدم أي مبررات لذلك الرفض، رغم تقدمه بشكوى لجهاز المعالجات التجارية، تُفيد عدم قدرته علي تصريف فائض البليت لديها".
يأتي ذلك في وقت قال مصدر مسؤول في مصنع السويس للصلب، "مصنعنا أعلن عن توافر خام البليت لمصانع الدرفلة، ولكن لم يتقدم أي من أصحاب المصانع الأخرى للتعاقد، في حين يزعم البعض توقف المصانع عن الإنتاج بسبب عدم توافر البليت".
وذكر المصدر، أن استيراد البليت متاح للجميع في أي لحظة، ولكن مصانع الدرفلة تخلق مشكلة مفتعلة، بهدف إلغاء قرار الوزير، لزيادة مكاسبهم ، فما يحدث هو وسيلة للضغط على الحكومة فقط.
ولكن أيمن العشري يرد على ما قاله مسؤول مصنع السويس للصلب بقوله، أن صدور القرار الوزاري جاء بهدف واحد، وهو التخلص من مصانع الدرفلة التي تستحوذ على 15% من الحصة السوقية فقط، فيما تهيمن المصانع المتكاملة على 85% من إجمالي الحصة.
لجنة محايدة
ويتهم العشري وزارة التجارة والصناعة، بعدم مراعاة وجود مصانع تعمل على تحقيق توازن في أسعار البيع وتمد المشروعات القومية باحتياجاتها من الحديد، الأمر الذي يدعونا إلى مناشدة الحكومة بضرورة التدخل، لمراجعة قرار وزير التجارة، وتشكيل لجنة محايدة لمراجعة ميزانيات وتكاليف الانتاج لجميع المصانع سواء المتكاملة أو الدرفلة،
ولكن حتى الآن لم يلتفت أحد إلى مطالبنا، مما يدفعنا إلى مناشدة الرئيس عبدالفتاح السيسي، بالتدخل لإنقاذ مصانع الدرفلة من الدمار الذي تتعرض له، خاصةً وأن غالبية أصحاب تلك المصانع، لم يقوموا بسداد المستحقات البنكية التي اقترضوها من أجل بناء مصانع تعمل على فتح باب رزق، أمام الالاف من الخريجين.
محاكمة القرار
بدأت مصانع درفلة الحديد إجراءات الإفراج عن 70 ألف طن من البليت، محتجزة في الموانئ منذ صدور قرار رسوم إغراق البليت منتصف أبريل الماضي، وذلك تنفيذاً لحكم محكمة القضاء الإداري بوقف قرار وزير التجارة والصناعة.
وأوقفت محكمة القضاء الإداري، تنفيذ قرار وزارة الصناعة، بفرض رسوم على واردات البليت بين 3 و15% على الطن، تُحددها الأسعار العالمية بين 450 و550 دولارَا للطن، والذي بدأ العمل به منتصف أبريل الماضي، بناءًا على شكوى تقدمت بها مصانع الدورة المتكاملة بداية العام.
ويقول الدكتور جابر نصار، الوكيل القانوني عن مصانع درفلة حديد التسليح، أن المصانع المتكاملة ووزارة الصناعة ممثلةً فى هيئة قضايا الدولة، تقدما بدعوى إستشكال ضد إلغاء القرار الوزاري بفرض رسوم وقائية على واردات مصر من المادة الخام «البيلت».
ويضيف أنه نظرًا لتوقف إنتاج 22 مصنعًا لدرفلة حديد التسليح بسبب عدم توافر المادة الخام، تم رفع دعوى أمام هيئة المحكمة للاستمرار فى تنفيذ قرار وقف الرسوم ورفض الإستشكالات، طالما لم تكن هناك أحداثًا جوهرية بعد الحكم القضائي.
ومن المنتظر أن تحدد المحكمة جلسة عاجلة للنظر فى الإستشكالات المقدمة وفقًا لما هو متبع فى قضاء مجلس الدولة.
وذكرت حيثيات حكم إلغاء الرسوم، أن قرار وزارة الصناعة، أثر على الصناعة والمستهلك، ومناخ الاستثمار، وتسببت الرسوم في توقف 22 مصنع عن العمل، والمصنع الواحد يحرم خزانة الدولة من 2.5 مليون جنيه شهرياً، ممثلة في رسوم الطاقة، بخلاف خسائر القيمة المضافة الناتجة عن توقف إنتاج 2 مليون طن حديد تسليح سنويًا.
وتضمنت الحيثيات أيضاً أن المصانع المتكاملة تستورد ما نسبته 20% من إجمالي واردات مصر من البيلت، ويتنافى ذلك مع وصف القرار الوزاري للزيادة فى واردات البليت بأنها غير مبررة، خاصةً مع تأكيد المصانع المتكاملة أنها لا تستخدم «البيلت» فى إنتاج حديد التسليح وتعتمد على الخردة.
-------------------
تقرير - أحمد صلاح سلمان