قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط: تابعنا بأنفسنا للأسف عبر السنوات الماضية، ما هو كفيل بتدمير مجتمعات بأكملها، وهدمها من داخلها، ولننظر ماذا فعلت "أفكار فيروسية"، مثل الداعشية والطائفية، بالمجتمعات العربية خلال الأعوام الماضية.
وتابع خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية لمجلس وزراء الإعلام العرب الدورة العادية " 50" اليوم الأربعاء بفندق الماسة، :لا أظن أن تشبيه مثل هذه الأفكار بالفيروسات هو من قبيل البلاغة أو التصوير الأدبي فهي فيروسات حقيقية تصيب الأدمغة وتنتقل بسرعة رهيبة كالأوبئة وتحتاج، كما تحتاج الفيروسات البيولوجية - إلى ناقل تجده في بعض الوسائط الإعلامية التي خرج الكثير منها عن السيطرة.
وأكد، أن الإعلام العربي قد يكون جزءاً من الأزمات العربية، وقد يكون الطريق لحلها، والخيار في أيدينا مؤكدا أن "الإعلام الطائفي.. والتحريضي.. والمروج للعنف والكراهية.. هو جزء من أزمتنا من دون شك".
على الجانب الآخر، فإن الإعلام التنويري الباحث عن نقاط الالتقاء، والذي ينطلق من نشر المعارف والحقائق، ويدعو لثقافة الحلول الوسط، والوفاق الوطني، هو طريق مهم ورئيسي للخروج من أزمتنا، قائلا: الإعلام، والحال في هذه، مفتاح مهم لتغيير الواقع العربي وإن انتشار فكرة واحدة خاطئة.
ولفت إن العالم يعيش ثورة هائلة في الإعلام، سواء على مستوى الوفرة غير المسبوقة في المنصات، والتنوع اللامحدود في الوسائط، أو من حيث اتساع دائرة المشاركة الجماهيرية في الإعلام، لم يعد الجمهور مستقبلاً سلبياً للرسالة الإعلامية، كما كان الحال في السابق.. بل صار مشاركاً نشطاً في صياغة هذه الرسالة ونقلها، كما هو الحال مع وسائط الاتصال الاجتماعي، وهي وسيط غير تقليدي يمنح سلطة هائلة لأعداد كبيرة من البشر في تشكيل الرسالة الإعلامية، واختيار مضامينها، ونشرها على نطاق واسع.
وأكد ن هذه الوسائط تُمثل سلاحاً ذا حدين، فهي من ناحية تتيح ديمقراطية أكبر في المشاركة لأعداد كبيرة من البشر، ولكن على الجانب الآخر تنطوي على مخاطر نشر الأفكار الخاطئة أو المضللة، بل والأيديولوجيات المُدمرة لوحدة المجتمعات والمحرضة على العنف والكراهية.
وفي خضم هذه الثورة الإعلامية العالمية تشتد حاجتنا في العالم العربي إلى سبر أغوار ما يجري، والتمييز بين النافع والخبيث، فما من ثورة إعلامية في تاريخ العالم إلا وحملت بين طياتها خيراً وشراً في ذات الوقت، بداية بالطباعة في القرن الخامس عشر وانتهاء بالثورة الرقمية الحالية، ذلك أن الإعلام، في آخر الأمر، ليس سوى وسيط ناقل للمعلومات والأفكار، ومن الأفكار ما يدعو الناس إلى الحق والخير، ومنها ما يدس الشر والبغضاء في العقول، والدرس المستفاد من التاريخ أن الوقوف في وجه الموجات الجديدة لا يُنتج سوى العزلة، كما أن الاستسلام لها قد يقود للفوضى.
وشدد على وجود نقطة توازن بين "العزلة والفوضى.. بين الجمود الضار والانفتاح المؤدي للاضطراب"، قائلا: أظن أن البحث عن هذا التوازن يتعين أن يتصدر أولويات العمل الإعلامي العربي في المرحلة القادمة.. خاصة وأن دور وسائط الاتصال الجديدة، والضوابط التي تحكم عملها، صار موضوعاً مطروحاً على طاولة البحث والتفكير على صعيد عالمي.
وطالب أبو الغيط: بعد الإنشغال بالوسائط الإعلامية الجديدة عن وسائل الإعلام التقليدية، فالجمهور لم ينصرف عن هذه الوسائل التقليدية، بل ربما هو يدرك أهميتها مع بروز ما تنطوي عليه الوسائط الجديدة من مخاطر إن الصحافة المقروءة والإعلام المرئي والمسموع. لا زالت تلعب الدور الأول في تشكيل وعي ووجدان المواطنين في العالم العربي، ومن هنا أهمية وخطورة الدور الذي يضطلع به مجلسكُم الموقر.