10 - 05 - 2025

ثوار السودان يبدأون جني ثمار "30 يونيو" و"السنبلة" تنتصر على "الجراد"

ثوار السودان يبدأون جني ثمار

- اتفاق يرضي الطرفين واحتفالات في شوارع الخرطوم 
- انشقاق ثوار بحري عن قوى الحرية والتغيير لم يفت في عضد الثورة السودانية 
- أمريكا تطالب بعدم القمع والعسكري يرتدي ثوب الحملان وخيار التدخل العسكري بقوات أممية مؤجل
- وقف تدفق أموال الخليج بعد دفعة 250 مليون إلا بموافقة دولية
- الصادق المهدي يؤيد العسكري ويحذر من تحول السودان إلى "صومال" جديدة 

تجمعت حشود في شوارع العاصمة السودانية الخرطوم اليوم للاحتفال بتوصل كل من المجلس العسكري، وتحالف المعارضة وجماعات الاحتجاج إلى اتفاق لتقاسم السلطة وتشكيل حكومة انتقالية.

وقال عمر الدقير القيادي بقوى الحرية والتغيير: "هذا الاتفاق يفتح الطريق لتشكيل مؤسسات السلطة الانتقالية، ونرجو أن يكون هذا بداية عهد جديد، تنتصر فيه السنبلة على أسراب الجراد".

أما نائب رئيس المجلس العسكري الفريق أول محمد حمدان دقلو، الذي يرأس قوات الدعم السريع فقال "هذا الاتفاق سيكون شاملا لا يقصي أحدا".

وقال وسيط الاتحاد الأفريقي محمد حسن لبات في مؤتمر صحفي إن الجانبين، اللذين عقدا محادثات على مدى يومين في العاصمة الخرطوم، اتفقا على "إقامة مجلس للسيادة بالتناوب بين العسكريين والمدنيين ولمدة ثلاث سنوات أو تزيد قليلا".

كما اتفق الطرفان أيضا على تشكيل "حكومة مدنية سميت حكومة كفاءات وطنية مستقلة برئاسة رئيس وزراء" وعلى "إقامة تحقيق دقيق شفاف وطني مستقل لمختلف الأحداث العنيفة التي عاشتها البلاد في الأسابيع الأخيرة".

واتفق المجلس العسكري والمعارضة كذلك على "إرجاء إقامة المجلس التشريعي".

وكان المجلس العسكري وتحالف قوى الحرية والتغيير قد استأنفا المفاوضات المباشرة أول من أمس الأربعاء سعيا للاتفاق على تشكيل حكومة مدنية انتقالية.

وبدأت المباحثات المباشرة في الخرطوم بين وفدي المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير ممثلين بأربعة أعضاء لكل وفد، وبحضور الوسطاء من إثيوبيا والاتحاد الأفريقي.

وأعلن المجلس العسكري الانتقالي الحاكم في السودان أمس الخميس إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين، حسبما أعلن وسيط الاتحاد الأفريقي.

وسبق أن اتفق الطرفان على أن تحالف قوى الحرية والتغيير سيحصل على ثلثي مقاعد المجلس التشريعي قبل أن تفض قوات الأمن اعتصاما يوم 3 يونيو مما أدى إلى مقتل العشرات وانهيار المحادثات.

وكانت مظاهرات حاشدة قد خرجت في السودان في الثلاثين من يونيو، دعت إليها قوى الحرية والتغيير، وهي أكبر مظاهرات عامة منذ فض اعتصام المتظاهرين من أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة في الخرطوم.

وجاءت هذه المظاهرات الحاشدة رغم انشقاقات على السطح في صفوف المعارضة السودانية، أما المجلس العسكري، فغسل يديه سريعا من دم مجزرة فض اعتصام القيادة، ويرتدي الآن ثوب الحملان، يتصدر "حميدتي" المشهد بلغة خطابية ترتكز على جمل محددة ومكررة، ولا يكف عن النزول إلى الشوارع، بكلمات عاطفية تدغدغ المشاعر - ظنا منه تحقيق ذلك- يعيد على أسماع مناصريه أن هذه الثورة ثورتهم، وأن المجلس العسكري لا يفكر في السلطة، يندد بالحكم البائد٬ في الوقت الذي ما زال يرتدي فيه بزته العسكرية، يرفض ما فعله البشير من تفرقة بين أبناء الشعب الواحد على أساس لون أو عرق أو قبيلة، ويتناسى أنه نفسه قائد الجنجويد الذي قاد الحملات لقمع دارفور وأم درمان،  أما الثوار الحقيقيون فهم ثابتون على موقفهم، يدافعون عن ثورتهم، فإلى أي اتجاه ستتوجه بوصلة الثورة لتصل إلى مرمى أي منهم؟ 

لماذا 30 يونيو؟

حَملّت قوى إعلان الحرية والتغيير في السودان، المجلس العسكري الانتقالي، مسؤولية أي محاولات محتملة لـ"التخريب" في مظاهرات 30 يونيو، التي تمت في 3 مدن رئيسية هي الخرطوم وبحري وأم درمان، إحياءً لذكرى الشهداء والمطالبة بتسليم السلطة للمدنيين، كما أن 30 يونيو هو الموافق لتاريخ اعتلاء الرئيس السوداني المعزول عمر البشير للسلطة، وأيضا انتهاء مهلة الثلاثة أشهر التي منحها الاتحاد الإفريقي للمجلس العسكري لتسليم السلطة للمدنيين.

وأكد قياديون في قوى الحرية والتغيير أن "مواكب الحداد على الشهداء"، لن يوقفها أحد، وحذرت المجلس العسكري من "التضييق" و"ممارسة العنف" ضدها، وتتصاعد مخاوف في السودان، على لسان قوى التغيير، من احتمال التفاف الجيش على مطالب الحراك الشعبي للاحتفاظ بالسلطة، كما حدث في دول عربية أخرى.

وكانت قوات نظامية تابعة للمجلس العسكري اقتحمت مقر تجمع المهنيين ومنعت المؤتمر الصحفي الذي كان مقرراً له السابعة من مساء 29 يونيو، وأدان التجمع هذا المسلك القمعي وقال: هذا المسلك إنما يعكس مدى رهبة المجلس من تواصل التجمع مع جماهير شعبنا الصامدة، وجنوحه للتضييق وكبت الحريات، كما نحمله مسؤولية سلامة كل أعضاء تجمع المهنيين والصحفيين الذين كانوا بالمقر، ونؤكد أننا ماضون في طريق الثورة بثبات، وأنّ مليونية 30 يونيو ستكون رداً قوياً على هذا السلوك الدكتاتوري الهمجي.

مسودة اتفاق

وحول ما إذا كانت المظاهرات تمثل تصعيدًا في الوقت الذي استلمت فيه قوى الحرية والتغيير مسودة مقترح للاتفاق مع المجلس العسكري حول تسليم السلطة، أضافت قيادات الحراك السياسي المعارض في السودان أنه "لم يبدأ التصعيد بعد"، لافتة إلى أن مواكب 30 يونيو ذات أهداف واضحة.

وكانت قوى إعلان الحرية والتغيير، أعلنت استلامها مسودة مقترح للاتفاق مع المجلس العسكري الحاكم في السودان، قدمها المفاوض الإثيوبي، حول تسليم السلطة. وهي الأساس الذي استند إليه الاتفاق الأخير.

وذكرت "القوى" وقتها في بيان مقتضب على صفحة "تجمع المهنيين السودانيين"، أنها استلمت مسودة اتفاق مقترح مقدمة من الوساطة الإفريقية-الإثيوبية المشتركة للاتفاق مع المجلس العسكرية "على أساس إعلان المبادئ".

وأشارت الحركة الاحتجاجية المطالبة بالإصلاحات الديمقراطية والانتقال إلى حكومة مدنية في السودان أنها سبق أن أعربت عن موافقتها على إعلان المبادئ، مع إبداء بعض الملاحظات. 

وبحسب المصادر  تحتوي على تشكيل مقترح للمجلس السيادي المكون من 7 مدنيين و7 عسكريين على أن يتم انتخاب شخصية توافقية مدنية لرئاسة المجلس الذي يقود البلاد في فترة انتقالية تمتد لثلاث سنوات.

رفض المهدي

وفي الوقت الذي التفت فيه قوى المعارضة حول الصادق المهدي، إلا أن الأمر الآن أصبح مختلفا، ففي الوقت الذي تدعو فيه قوى المعارضة للثبات على موقفها، ودعم المسيرات، رفض زعيم حزب الأمة السوداني المعارض الدعوات للخروج في تظاهرات حاشدة ضد المجلس العسكري الحاكم، داعيا إلى تجنب التصعيد.

وقال المهدي في مقر حزبه بمدينة أم درمان: "التصعيد ينبغي أن يكون عندما يكون هناك مشروع اتفاق ويرفضه المجلس العسكري". واعتبر أن التصعيد قبل الحصول على رد المجلس العسكري على خطة لنقل السلطة اقترحتها إثيوبيا سيكون "تصعيداً قبل أوانه".

وأضاف: "ينبغي أن نحذر من حدوث اضطرابات في البلاد، وهو الأمر الذي يمكن أن يحولها إلى قبلة لجماعات مثل بوكو حرام النيجيرية أو الشباب الصومالية أو داعش الإرهابية"، "كما أنه في حالة وقوع اضطرابات، ستكون السودان قبلة للتدخلات الإقليمية والدولية أيضا"، ومضى بقوله "التصعيد والتصعيد المضاد ليس من مصلحة الوطن".

وقال المهدي "المجلس الانتقالي العسكري، لم يكن مستعدا للتعامل مع الوضع بخطط مختلفة".

لكن رغم ذلك علينا أن نعترف أن هناك تقصيرا من جانبنا في قوى الحرية والتغيير باعتبارنا من أحزاب مختلفة".

ولفت إلى أن "تكوين الحرية والتغيير فيه رؤى يمين ويسار ووسط، وهذه الرؤى تبطئ السير، ولكننا نحاول أن نمضي إلى الأمام".

ورأى المهدي "ضرورة استمرار القيادة العليا (المجلس العسكري) طيلة الفترة الانتقالية، وبعدها يتم الاحتكام إلى الشعب"، مضيفًا "أكاد أقابل مبادرين كل يومين، لكني أرى أن المبادرات المحلية هي الأنسب".

تجمع المهنيين

من جهته أعلن عضو سكرتارية تجمع المهنيين السودانيين د. محمد ناجي الأصم، رفضه تولِّي أي منصب في الحكومة المدنية بالفترة الانتقالية، قائلاً:” أنا لن أشارك في الحكومة المدنية بالفترة الانتقالية، لأننا التزمنا لجماهير الشعب السوداني بأن الحكومة سوف يتم تشكيلها من كفاءات وطنية، ويوجد أشخاص كثر من السودانيين والسودانيات أكثر كفاءة مني”.

وأوضح الأصم بأن موقفه من المشاركة ليس مبدئيا، بل إنه يأتي في إطار الالتزام ببرنامج قدَّمناه للشعب السوداني، ودعونا الجماهير للالتفاف حوله، نافيًا اتجاههم في تغيير اسم تجمع المهنيين لآخر يعبِّر عن المرحلة المقبلة.

ثوار بحري

كما كشف الناطق الرسمي باسم كيان “ثُوّار بحري الأحرار” إبراهيم همام، عن انشقاقهم من قِوى إعلان الحُرية والتّغيير.

وقال همام: إنّ قِوى إعلان الحُرية والتّغيير خَانَت دِمَاء الشُّهداء بالسَّعي لتحزيب الثّورة، وشَدّدَ على أنّها استخدمت الشّباب كوقودٍ لها ومَا زالت، ونَوّه همام إلى أنّ ثُوّار بحري الشّباب كَانت لَديهم قَضية مُحَدّدَة مَفادها تكوين حكومة مَدنية تتطلّع لتحقيق أحلامهم ومطالبهم غير السِّياسيَّة، ودَعَا همام، جميع الثُّوّار الشّباب في المُـــــدن الكُبرى بأن يحذوا حَذوهم بتكوين كياناتٍ شبابيةٍ غير سياسيّةٍ مُهمّتها حراسة الثورة ومُراقبة الحكومة المُقبلة وصَون دماء الشهداء، وقال همام: إنّ “قِوى إعلان الحُرية والتّغيير وحتّى اللحظة لَم تَأتِ لزيارة أُسر الشهداء في بحري والبَحث عن ذَويهم، فَضْلاً عن مَعرفة أماكنهم وسَكنهم”، مُؤكِّداً أنّ الانشقاق جَاء بناءً على الاختلافات التي حَدَثَت داخل قِوى إعلان الحُرية والتّغيير، وشَدّدَ على أنّها أصبحت تَتَحَدّث عن أحزابها دُون النظر إلى قضايا الشباب

قروش الخليج

ومن جهة أخرى أفادت مصادر أن جلسة سماع لجنة العلاقات الخارجية بأمريكا توصلت إلى أنه تم منع السعودية والإمارات من إرسال "قروش" بعد 250 مليون دولار دفعة أولى للسودان إلا بعد التنسيق مع المجتمع العالمي. 

وذكرت المتحدثة أنهم قد أبلغوا المجلس العسكري أنه ستكون هناك عواقب وخيمة لو عملوا أي أحداث عنف في مليونية 30 يونيو مواكب الحداد. 

كما أكدوا أن الأمم المتحدة على تواصل مع ممثلين لهم في السودان، ومتواصلين مع كل الأطراف الإقليمية للمساعدة على نقل السلطة للمدنيين٬ كما أن خيار التدخل العسكري بقوات أممية موجود ولكنه غير مطروح في الوقت الحالي. وأشارت المتحدثة أن جلسة الاستماع أصغت إلي ما تم شرحه باستفاضة عن قوات الدعم السريع ومكوناتها والأطفال والأموال التي تدفع لهم، كما أشاروا إلى أنهم رجال "حميدتي" وهي القوات التي يتم الدفع بها في قوات التحالف في الحرب على اليمن. 

وقال مصدر في قوى الحرية والتغيير، إن المبعوث الأمريكي طلب منهم وقف التصعيد مع المجلس العسكري والاتفاق على نقل السلطة قبل الثلاثين من يونيو الجاري٬ وهذا ما لم يحدث!

وذكر أن المبعوث الأمريكي أشار إلى نية المجلس العسكري تشكيل حكومة انتقالية، داعيا قوى التغيير إلى عدم إقصاء الأحزاب الأخرى. 
_______________
تقرير- آمال رتيب